هذه مسألة خلافية فروعية ،أثارت اهتمامي حال مطالعة بعض كلام شيخ الإسلام،ولفتني فيها أن القول الذي فهمتُ أن شيخ الإسلام أراد قوله =قول شبه مهجور لم أجد من المعاصرين من يُفتي به إلا ما وقفتُ عليه-ولا أذكر أين-من كلام للشيخ عبد الكريم الخضير..
وسأعرض باختصار لمراد الشيخ مع الرد لموضع الكلام الأصلي ليُطالع بتفكر وتأمل...
المصدر: مجموع الفتاوى (22/7-23).
عنوان المسألة هناك: قاعدة في ما ترك من واجب وفعل من محرم قبل الإسلام والتوبة.
وكَسَّر الشيخ المسألة على الصور التالية:
الصورة الأولى: مَا تَرَكَهُ الْكَافِرُ الْأَصْلِيُّ الحربي مِنْ وَاجِبٍ : كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ ، فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ بِالْإِجْمَاعِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْتَقِدْ وُجُوبَهُ فالْحَرْبِيُّ الْمَحْضُ فَلَمْ يَلْتَزِمْ وُجُوبَ شَيْءٍ لِلْمُسْلِمِينَ ، لَا مِنْ الْعِبَادَاتِ وَلَا مِنْ الْحُقُوقِ ، فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءُ شَيْءٍ لَا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ ، وَلَا مِنْ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ ، وَإِنْ كَانَ يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهَا لَوْ لَمْ يُسْلِمْ . فَإِنَّ الْإِسْلَامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ .
الصورة الثانية: الكافر الأصلي الذمي وهو كالحربي سواء بسواء إلا ما يكون عليه مِنْ الْحُقُوقِ الَّتِي أَوْجَبَتْ الذِّمَّةُ أَدَاءَهَا : كَقَضَاءِ الدَّيْنِ ، وَرَدِّ الْأَمَانَاتِ ، والغصوب . فَإِنَّ هَذِهِ لَا تَسْقُطُ بِالْإِسْلَامِ . لِالْتِزَامِهِ وُجُوبَهَا قَبْلَ الْإِسْلَامِ.
وذكر أن حكم هاتين الصورتين كَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ . لَكِنْ ثَمَّ خِلَافٌ شَاذٌّ فِي بَعْضِ صوره .
الصورة الثالثة: المرتد فقال عنه: لَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ فِي الرِّدَّةِ مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ فِي الْمَشْهُورِ ، وَلَزِمَهُ مَا تَرَكَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فِي الْمَشْهُورِ . وَقِيلَ : يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ، وَقِيلَ : لَا يَجِبُ فِي الصُّورَتَيْنِ . وَيُحْكَى ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ عَنْ أَحْمَد . وَأَمَّا مَا فَعَلَهُ مِنْ الْحُرُمَاتِ : فَإِنْ كَانَ فِي قَبْضَةِ الْمُسْلِمِينَ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ وَمَالٍ ، وَإِنْ كَانَ فِي طَائِفَةٍ مُمْتَنِعَةٍ فَفِيهِ رِوَايَاتٌ .
الصورة الرابعة: المسلم إذا فعل المحرم أو ترك الواجب بجهل أو تقليد أو تأويل فذكر أنه لا يجب عليه قضاء شئ من الواجبات أو التخلص من شئ مما قبضه إثر العقود المحرمات بَلْ إذَا عُفِيَ لِلْكَافِرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَمَّا تَرَكَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ لِعَدَمِ الِاعْتِقَادِ ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ قَدْ فَرَضَهَا عَلَيْهِ ، وَهُوَ مُعَذَّبٌ عَلَى تَرْكِهَا ، فَلَأَنْ يَعْفُوَ لِلْمُسْلِمِ عَمَّا تَرَكَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ لِعَدَمِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَذِّبِهِ عَلَى التَّرْكِ لِاجْتِهَادِهِ ، أَوْ تَقْلِيدِهِ ، أَوْ جَهْلِهِ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ = أَوْلَى وَأَحْرَى . وَكَمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ ، فَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا ، لَا سِيَّمَا تَوْبَةُ الْمَعْذُورِ الَّذِي بَلَغَهُ النَّصُّ ، أَوْ فَهِمَهُ بَعْدَ أنْ لَمْ يَكُنْ تَمَكَّنَ مِنْ سَمِعَهُ وَفَهِمَهُ ، وَهَذَا ظَاهِرٌ جِدًّا إلَى الْغَايَةِ . وَكَذَلِكَ مَا فَعَلَهُ من الْعُقُودِ والقبوض الَّتِي لَمْ يَبْلُغْهُ تَحْرِيمَهَا لِجَهْلِ يُعْذَرُ بِهِ ، أَوْ تَأْوِيلٍ . فَعَلَى إحْدَى الْقَوْلَيْنِ حُكْمُهُ فِيهَا هَذَا الْحُكْمُ وَأَوْلَى . فَإِذَا عَامَلَ مُعَامَلَةً يَعْتَقِدُ جَوَازَهَا بِتَأْوِيلِ : مِنْ رِبًا ، أَوْ مَيْسِرٍ ، أَوْ ثَمَنِ خَمْرٍ ، أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ الْحَقُّ وَتَابَ ، أَوْ تَحَاكَمَ إلَيْنَا ، أَوْ اسْتَفْتَانَا ، فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مَا قَبَضَهُ بِهَذِهِ الْعُقُودِ ، وَيُقَرُّ عَلَى النِّكَاح الَّذِي مَضَى مُفْسِدُهُ ،
ثم قال: فَصْلٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته فِيمَا تَرَكَهُ الْمُسْلِمُ مِنْ وَاجِبٍ ، أَوْ فَعَلَهُ مِنْ مُحَرَّمٍ بِتَأْوِيلِ اجْتِهَادٍ أَوْ تَقْلِيدٍ ، وَاضِحٌ عِنْدِي ، وَحَالُهُ فِيهِ أَحْسَنُ مِنْ حَالِ الْكَافِرِ الْمُتَأَوِّلِ . وَهَذَا لَا يَمْنَعُ أَنْ أُقَاتِلَ الْبَاغِيَ الْمُتَأَوِّلَ ، وَأَجْلِدَ الشَّارِبَ الْمُتَأَوِّلَ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ التَّأْوِيلَ لَا يَرْفَعُ عُقُوبَةَ الدُّنْيَا مُطْلَقًا ؛ إذْ الْغَرَضُ بِالْعُقُوبَةِ دَفْعُ فَسَادِ الِاعْتِدَاءِ ، كَمَا لَا يَرْفَعُ عُقُوبَةَ الْكَافِرِ : وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي قَضَاءِ مَا تَرَكَهُ مِنْ وَاجِبٍ ، وَفِي الْعُقُودِ والقبوض الَّتِي فَعَلَهَا بِتَأْوِيلِ ، وَفِي ضَمَانِ النُّفُوسِ وَالْأَمْوَالِ الَّتِي اسْتَحَلَّهَا بِتَأْوِيلِ ، كَمَا اسْتَحَلَّ أُسَامَةُ قَتْلَ الَّذِي قَتَلَهُ بَعْدَمَا قَالَ : لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ، وَكَذَلِكَ لَا يُعَاقَبُ عَلَى مَا مَضَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ زَجْرٌ عَنْ الْمُسْتَقْبِلِ . وَأَمَّا الْعُقُوبَةُ لِلدَّفْعِ عَنْ الْمُسْتَقْبِلِ : كَقِتَالِ الْبَاغِي ، وَجَلْدِ الشَّارِبِ فَهَذِهِ مَقْصُودُهَا أَدَاءُ الْوَاجِبِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَدَفْعُ الْمُحَرَّمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، وَهَذَا لَا كَلَامَ فِيهِ ، فَإِنَّهُ يُشْرَعُ فِي مِثْلِ هَذَا عُقُوبَةُ الْمُتَأَوِّلِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ . وَإِنَّمَا الْغَرَضُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَاضِي مِنْ قَضَاءِ وَاجِبِهِ ، وَتَرْكِ الْحُقُوقِ الَّتِي حَصَلَتْ فِيهِ ، وَالْعُقُوبَةِ عَلَى مَا فَعَلَهُ ، فَهَذِهِ الْأُمُورُ الْمُتَعَلِّقَة ُ بِهِ مِنْ الْحُدُودِ وَالْحُقُوقِ ، وَالْعِبَادَاتِ هِيَ الَّتِي يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلِمُ الْمُتَأَوِّلُ أَحْسَنَ حَالًا فِيهَا مِنْ الْكَافِرِ الْمُتَأَوِّلِ ، وَأَوْلَى . فَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا ، وَالْمُسْلِمُ الْمُتَأَوِّلُ مَعْذُورٌ ، وَمَعَهُ الْإِسْلَامُ الَّذِي تُغْفَرُ مَعَهُ الْخَطَايَا ، وَالتَّوْبَةُ الَّتِي تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا ، وَفِي إيجَابِ الْقَضَاءِ وَإِسْقَاطِ الْحُقُوقِ وَإِقَامَةِ الْعُقُوبَاتِ تَنْفِيرٌ عَنْ التَّوْبَةِ ، وَالرُّجُوعُ إلَى الْحَقِّ أَكْثَرُ مِنْ التَّنْفِيرِ بِذَلِكَ لِلْكَافِرِ ، فَإِنَّ إعْلَامَ الْإِسْلَامِ وَدَلَالَتَهُ أَعْظَمُ مِنْ إعْلَامِ هَذِهِ الْفُرُوعِ ، وَأَدِلَّتِهَا ، وَالدَّاعِي إلَى الْإِسْلَامِ مِنْ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ وَالْقُدْرَةِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ مِنْ الدَّاعِي إلَى هَذِهِ الْفُرُوعِ . وَهَذَا لَا شُبْهَةَ فِيهِ عِنْدِي ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ نِزَاعٌ.
الصورة الخامسة: المسلم إذا ترك الواجب أو فعل المحرم لا جهلاً ولا تقليداً ولا تأويلاً وإنما إعراضاً عن اتباع الحق وعدم التزام لما سمعه من إيجاب الواجب وتحريم المحرم...فذكر أن هذه الصورة أبعد من التي قبلها ثم ذكر أن الأظهر في الرأي والقياس أن هذا لَيْسَ هَذَا بِأَسْوَأ حَالٍ مِنْ الْكَافِرِ الْمُعَانِدِ الَّذِي تَرَكَ الْقُرْآنَ كِبْرًا وَحَسَدًا وَهَوًى ، أَوْ سَمِعَهُ وَتَدَبَّرَهُ وَاسْتَيْقَنَتْ نَفْسُهُ أَنَّهُ حَقٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَلَكِنْ جَحَدَ ذَلِكَ ظُلْمًا وَعُلُوًّا، فَإِذَا كَانَ الْعَفْوُ عَنْ الْكَافِرِ لِأَجْلِ مَا وَجَدَ مِنْ الْإِسْلَامِ الْمَاحِي ، وَالْحَسَنَاتُ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ، وَلِأَنَّ فِي عَدَمِ الْعَفْوِ تَنْفِيرٌ عَنْ الدُّخُولِ ، لِمَا يَلْزَمُ الدَّاخِلَ فِيهِ مِنْ الْآصَارِ ، وَالْأَغْلَالِ الْمَوْضُوعَةِ عَلَى لِسَانِ هَذَا النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي التَّوْبَةِ عَنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ ، فَإِنَّ الِاعْتِرَافَ بِالْحَقِّ وَالرُّجُوعَ إلَيْهِ حَسَنَةٌ يَمْحُو اللَّهُ بِهَا السَّيِّئَاتِ ، وَفِي عَدَمِ الْعَفْوِ تَنْفِيرٌ عَظِيمٌ عَنْ التَّوْبَةِ ، وَآصَارٌ ثَقِيلَةٌ وَأَغْلَالٌ عَظِيمَةٌ عَلَى التَّائِبِينَ.. فَإِذَا كَانَتْ تِلْكَ الَّتِي تَابَ مِنْهَا صَارَتْ حَسَنَاتٍ ، لَمْ يَبْقَ فِي حَقِّهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ سَيِّئَةٌ أَصْلًا ، فَيَصِيرُ ذَلِكَ الْقَبْضُ وَالْعَقْدُ مِنْ بَابِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَيَصِيرُ ذَلِكَ التَّرْكُ مِنْ بَابِ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ ، فَلَا يُجْعَلُ تَارِكًا لِوَاجِبِ ، وَلَا فَاعِلًا لِمُحَرَّمِ ، وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.. . فَفِي إيجَابِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ تَنْفِيرٌ عَظِيمٌ عَنْ التَّوْبَةِ . فَإِنَّ الرَّجُلَ قَدْ يَعِيشُ مُدَّةً طَوِيلَةً يُصَلِّي وَلَا يُزَكِّي ، وَقَدْ لَا يَصُومُ أَيْضًا ، وَلَا يُبَالِي مِنْ أَيْنَ كَسَبَ الْمَالَ : أَمِنْ حَلَالٍ ؟ أَمْ مِنْ حِرَامٍ ؟ وَلَا يَضْبِطُ حُدُودَ النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَهُوَ فِي جَاهِلِيَّةٍ ، إلَّا أَنَّهُ مُنْتَسِبٌ إلَى الْإِسْلَامِ ، فَإِذَا هَدَاهُ اللَّهُ وَتَابَ عَلَيْهِ . فَإِنْ أَوْجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءَ جَمِيعِ مَا تَرَكَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ ، وَأَمَرَ بِرَدِّ جَمِيعِ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ الْأَمْوَالِ ، وَالْخُرُوجِ عَمَّا يُحِبُّهُ مِنْ الْإِبْضَاعِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ صَارَتْ التَّوْبَةُ فِي حَقِّهِ عَذَابًا ، وَكَانَ الْكُفْرُ حِينَئِذٍ أَحَبَّ إلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ الْإِسْلَامِ ، الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ ؛ فَإِنَّ تَوْبَتَهُ مِنْ الْكُفْرِ رَحْمَةٌ ، وَتَوْبَتُهُ وَهُوَ مُسْلِمٌ عَذَابٌ . وَأَعْرِفُ طَائِفَةً مِنْ الصَّالِحِينَ مَنْ يَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ كَافِرًا لِيُسْلِمَ فَيُغْفَرَ لَهُ مَا قَدْ سَلَفَ ؛ لِأَنَّ التَّوْبَةَ عِنْدَهُ مُتَعَذِّرَةٌ عَلَيْهِ ، أَوْ مُتَعَسِّرَةٌ عَلَى مَا قَدْ قِيلَ لَهُ وَاعْتَقَدَهُ مِنْ التَّوْبَةِ ، ثُمَّ هَذَا مُنَفِّرٌ لِأَكْثَرِ أَهْلِ الْفُسُوقِ عَنْ التَّوْبَةِ ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِالْمُؤَيِّسِ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ . وَوَضْعُ الْآصَارِ ثَقِيلَةٌ ، وَالْأَغْلَالُ عَظِيمَةٌ عَلَى التَّائِبِينَ الَّذِينَ هُمْ أَحَبَابُ اللَّهِ ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ ، وَيُحِبَّ الْمُتَطَهِّرِي نَ . وَاَللَّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ الْوَاجِدِ لِمَالِهِ الَّذِي بِهِ قُوَامُهُ ، بَعْدَ الْيَأْسِ مِنْهُ . فَيَنْبَغِي لِهَذَا الْمُقَامِ أَنْ يُحَرَّرَ ، فَإِنَّ كُفْرَ الْكَافِرِ لَمْ يُسْقِطْ عَنْهُ مَا تَرَكَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ ، وَمَا فَعَلَهُ مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ ، لِكَوْنِ الْكَافِرِ كَانَ مَعْذُورًا ، بِمَنْزِلَةِ الْمُجْتَهِدِ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِلَا خِلَافٍ ، وَإِنَّمَا غُفِرَ لَهُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ تَوْبَةٌ ، وَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا قَبْلَهَا ، وَالتَّوْبَةُ تَوْبَةٌ مِنْ تَرْكِ تَصْدِيقٍ وَإِقْرَارٍ ، وَتَرْكِ عَمَلٍ وَفِعْلٍ فَيُشْبِهُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - أَنْ يُجْعَلَ حَالُ هَؤُلَاءِ فِي جَاهِلِيَّتِهِم ْ كَحَالِ غَيْرِهِمْ .
قلت: صدق شيخ الإسلام فهذا المقام لابد أن يُحرر...
والغالب على المفتين اليوم أنهم يأمرون التائب بالتخلص من المال الحرام ...
ومقتضى كلام شيخ الإسلام : أن من قبض هذا المال المحرم بجهل أو تقليد أو تأويل أو حتى لم يكن ذلك وكان عارفاً بالقول الحق معرضاً عنه ثم تاب =فإن يُقَر على ما بيديه من الأموال...
وأسئلتي التي أرجو المباحثة فيها:
1- هل ثم وجهة نظر أخرى في فهم كلام الشيخ...
2- إن كان الكلام على ما فُهم فهل على من أفتى بكلام الشيخ حرج أو تثريب أم يكون الخلاف فيها سائغاً..
3- هل يلزم الآخذ بقول الشيخ في العقود أن يأخذ بقوله في قضاء العبادات المتروكة أم قد يُفصل بين المسألتين..
4- هل يُفتي أحد في هذه المسألة بقول شيخ الإسلام أو قريب منه..