بِسْمِ اَلْلَّهِ اَلْرَّحْمَنِ اَلْرَّحِيمِ
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ اَلَّذِي أَتَمَّ اَلْدِّينَ وَأَكْمَلَ اَلْنِعْمَةَ
وَامْتَنَّ عَلَى أُمَّتِنَا فَجَعَلَهَا خَيْرَ أُمَّةٍ
وَصَلَّى اَلْلَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ اَلْمَبْعُوثِ لِلْعَالَمِينَ رَحْمَةً
أَمَّا بَعْدُ
فَلَا يَخْفَى عَلَى عَاقِلٍ لَبِيبٍ أَنَّ اَلْلَّهَ تَعَالَى خَلَقَ اَلْخَلْقَ وَلَمْ يَتْرُكْهُمْ هَمَلاً
بَلْ أَرْسَلَ لَهُمُ اَلْرُّسُلَ وَأَنْزَلَ لَهُمُ اَلْكُتُبَ
فَمَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ اَلْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَاهُ دَخَلَ اَلْنَّارَ
وَلَا تَحْصُلُ اَلْنَّجَاةُ إِلَّا بِاتِّبَاعِ اَلْرَّسُولِ وَطَاعَتِهِ
وَكَمَا قَالَ اَلَّهُ تَعَالَى
{مَنْ يُطِعْ اَلْرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اَلَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً}
[سُورَةُ اَلْنِّسَاءِ]

وَفِي صَحِيحِ اَلْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اَلْلَّهُ عَنْهُ
أَنَّ رَسُولَ اَلْلَّهِ صَلَّى اَلْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ اَلْجَنَّةَ إِلَّى مَنْ أَبَى
قِيلَ: وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اَلَّهِ
قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ اَلْجَنَّةَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى

إِذاً
فَطَاعَةُ اَلْلَّهِ وَرَسُولِهِ هِيَ اَلْسَّبِيلُ اَلْأَوْحَدُ لِدُخُولِ اَلْجَنَّةِ
قَالَ شَيْخُ اَلْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اَلْلَّهُ:
فَطَاعَتُ اَلْلَّهِ وَرَسُولِهِ هِي قُطْبُ اَلْسَّعَادَةِ اَلَّذِي عَلَيْهِ تَدُورُ, وَطَرِيقُ اَلْنَّجَاةِ اَلَّذِي عَنْهُ لَا تَحُورُ
وَقَالَ اَلْإِمَامُ اَلْبَرْبَهَارِ يُّ فِي شَرْحِ اَلْسُّنَّةِ:
إِعْلَمْ أَنَّ اَلْإِسْلَامَ هُوَ اَلْسُّنَّةُ, وَالْسُّنَّةَ هِيَ اَلْإِسْلَامُ, وَلَا يَقُومُ أَحَدُهُمَا إِلَّى بِالْآخَرِ

وَإِنَّ اَلْنَّاظِرَ فِي حَالِ أُمَّتِنَا يَجِدُ اَلْنَّاسَ قَدْ ابْتَدَعُوا بِدَعاً حَوْلِيَّةً وَزَعَمُوا بِذَلِكَ اَلْتَّقَرُّبَ إِلَى اَلْلَّهِ تَعَالَى

وَهُمْ عَنْ اَلْتَّقَرُّبِ إِلَى اَلْلَّهِ بِعِيدُونَ
وَكَيْفَ يَتَقَرَّبُونَ إِلَيْهِ بِمَا لَمْ يَشْرَعْهُ؟!
وَهَلْ نَقَصَ شَيْءٌ مِنْ دِينِنَا لِيُتِمُّوهُ بِبِدَعِهِمْ؟!
كَلَّا وَالْلَّهِ فَإِنَّ دِينَنَا لَمْ يَنْقُصْ
وَلَكِنْ نَقَصَتْ عُقُولُ اَلْقَوْمِ وَبَانَ جَهْلُهُمْ
وَمِنْ اَلْبِدَعِ اَلَّتِي ابْتَدَعُوهَا بِدَعُ عَاشُورَاءَ
وَلَا شَكَّ أَنَّهَا كَثِيرَةٌ
فَمِنْهُمْ مَنْ يَخُصُّ لَيْلَتَهُ بِالْصَّلَاةِ وَالْذِّكْرِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرُ دُعَاءاً خَاصاً لَا يَذْكُرُهُ إِلَّا فِي هَذَا اَلْيَوْمِ
وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ
فَإِذَا أُنْكِرَ عَلَيْهِمْ قَالُوا: إِنَّكُمْ لَا تُقَدِّرُونَ هَذَا اَلْيَوْمَ حَقَّ قَدْرِهِ
قُلْتُ: وَهَذَا إِنْ دَلَّ فَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَا زَيْغِ اَلْقَوْمِ وَمُجَادَلَتِهِ مْ بِالْبَاطِلِ
فَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ نَبِيُّنَا صَلَّى اَلْلَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ أَبِي دَوُدَ وَغَيْرِهَا مِنْ طُرُقٍ عَنْ اَلْعِرْبَاضِ ابْنِ سَارِيَةَ رَضِيَ اَلْلَّهُ عَنْهُ

وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي اَلْحِلْيَةِ عَنْ أَبِي سُلَيْمَانَ اَلْدَّارَانِيّ ِ أَنَّهُ قَالَ:
لَيْسَ لِمَنْ أُلْهِمَ شَيْءاً مِنْ اَلْخَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ حَتَّى يَسْمَعَهُ مِنْ اَلْأَثَرِ

وَمَا أَحْسَنَ مَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ رَحِمَهُ اَلْلَّهُ:
تَمَسَّكْ بِحَبْلِ اَلْلَّهِ وَاتَّبِعِ اَلْهُدَى*** وَلَا تَكُ بِدْعِيّاً لَعَلَّكَ تُفْلِحُ
وَدِنْ بِكِتَابِ اَلْلَّهِ وَالْسُّنَنِ اَلَّتِي*** أَتَتْ عَنْ رَسُولِ اَلْلَّهِ تَنْجُو وَتَرْبَحُ...


وَأَهْلُ اَلْاتِّبَاعِ يُقَدِّرُونَ هَذَا اَلْيَوْمَ حَقَّ قَدْرِهِ
وَلَكِنَّ أَهْلَ اَلْزَّيْغِ عُمْيٌ عَنْ اَلْهُدَى*** فَأَنَّى لَهُمْ أَنْ يُبْصِرُوا كَمَنْ اِهْتَدَى

وَهَذَا زَمَانُ غُرْبَتِنَا اَلَّتِي ضَاقَتْ عَلَى أَهْلِ اَلْسُّنَّةِ فِيهِ اَلْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ
فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ

وَمَا أَجْمَلَ مَا قَالَهُ اَلْشَّاطِبِيُّ فِي مُقَدِّمَةِ مَنْظُومَةِ حِرْزِ اَلْأَمَانِي وَوَجْهِ اَلْتَّهَانِي فِي اَلْقِرَاءَاتِ اَلْسَّبْعِ:

وَهَذَا زَمَانُ اَلْصَّبْرِ مَنْ لَكَ بِالَّتِي*** كَقَبْضٍ عَلَى جَمْرٍِ فَتَنْجُو مِنْ اَلْبَلَا


قُلْتُ: فَمَذَا نَقُولُ نَحْنُ وَقَدْ بَلَغَتْ اَلْغُرْبَةُ ذُرْوَتَهَا
وَمُكِّنَ لِأَهْلِ اَلْبِدَعِ وَؤوذِيَ أَهْلُ اَلْسُّنَّةِ فِي أَوْطَانِهِمْ

أَلَا يَا قَوْمِ عُودُوا لِلْسَّبِيلِ*** وَلَا تَرْضَوا بِغَيْرِ اَلْشَّرْعِ هَدَياً
فَمَنْ أَرْضَى اَلْإِلَاهَ يَنَالُ خَيْراً*** وَفِي اَلْأُخْرَى هُوَ اَلْمَشْكُورُ سَعْياً...