مسألة: ما حكم البخار المتصاعد من شيء نجس مثل بخار بالوعات ورشاحات الصرف الصحي والأكنفة:
اختلف العلماء البخار المتصاعد من شيء نجس على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أنه طاهر وهو قول في مذهب الحنفية, واعتبره بعضهم هو القول الصحيح عندهم, وقال به بعض الشافعية, واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية.
واستدلوا على ذلك بالقياس على الريح الخارجة من الدبر فإنها لا تنجس الثياب، وكذا الجشأ الخارج من جوف الإنسان فإنه طاهر.
القول الثاني: أنه نجس، وبه قال بعض الحنفية, وبعض المالكية، وبعض الشافعية، وبعض الحنابلة.
وعلى هذا القول فإن البخار المتصاعد من الماء النجس لا يزيل النجس.
واستدلوا على ذلك: بأن البخار المتصاعد متحلل من نجس، وصعوده في الهواء لا يطهره فإذا أصاب شيئًا نجّسه.
القول الثالث فيه تفصيل: قالوا: إن تصاعد البخار بواسطة النار فهو نجس، وإن تصاعد بلا نار كالبخار الخارج من الكنيف فطاهر، وإليه ذهب بعض علماء الشافعية جمعًا بين القولين السابقين.
والراجح: هو القول الأول، وهو أن بخار النجاسة طاهر – وهو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية – لأنه قد استحال من نجس إلى شيء آخر غير أصلها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: (فإذا عرف هذا: فعلى أصح القولين: فالدخان، والبخار المستحيل عن النجاسة: طاهر لأنه أجزاء هوائية، ونارية، ومائية، وليس فيه شيء من وصف الخبث).
وجاء في الموسوعة الفقهية: (البخار المتصاعد من الحمّامات وغيرها - كالغازات الكريهة المتصاعدة من النّجاسة - إذا علقت بالثّوب ، فإنّه لا ينجس على الصّحيح من مذهب الحنفيّة، تخريجًا على الرّيح الخارجة من الإنسان، فإنّها لا تنجس، سواء أكانت سراويله مبتلّةً أم لا، والظّاهر أنّ بـقـيّة الـمـذاهـب لا تخالف مذهب الحنفيّة في هذا ) انتهى.