الفرق بين عرش الربّ وكرسيه
الكرسي هو موضع قدمي الرحمن عز وجل على أصح الأقوال فيه ، والعرش أكبر من الكرسي .
والعرش هو أعظم المخلوقات ، وعليه استوى ربنا استواءً يليق بجلاله ، وله قوائم ، ويحمله حملة من الملائكة عظام الخلق .
وقد أخطأ من جعلهما شيئاً واحداً .
وهذه أدلة ما سبق مع طائفة من أقوال أهل العلم :
وعن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تدرون كم بين السماء والأرض؟) قلنا: الله ورسوله أعلم قال: (بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة وكثف كل سماء خمسمائة سنة، وبين السماء السابعة والعرش بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض، والله سبحانه وتعالى فوق ذلك، وليس يخفى عليه شيء من أعمال بني آدم). أخرجه أبو داود وغيره.
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتاب التوحيد (ص 66 ، 67 ) :
مسائل هذا الحديث :
التاسعة: عظم الكرسي بالنسبة إلى السماوات.
العاشرة: عظم العرش بالنسبة إلى الكرسي.
الحادية عشرة: أن العرش غير الكرسي والماء.
الثانية عشر: كم بين كل سماء إلى سماء.
الثالثة عشر: كم بين السماء السابعة والكرسي.
الرابعة عشر: كم بين الكرسي والماء.
الخامسة عشر: أن العرش فوق الماء.
السادسة عشرة: أن الله فوق العرش.
السابعة عشر: كم بين السماء والأرض.
الثامنة عشر: كثف كل سماء خمسمائة عام.
التاسعة عشر: أن البحر الذي فوق السماوات بين أعلاه وأسفله مسيرة خمسمائة سنة.

وعرش الرحمن هو أعظم المخلوقات ، وأوسعها .
قال تعالى : { فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش العظيم }
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره ( 2 / 405 ) :
"{ وهو رب العرش العظيم } أي : هو مالك كل شيء وخالقه ؛ لأنه رب العرش العظيم الذي هو سقف المخلوقات ، وجميع الخلائق من السموات والأرضين وما فيهما وما بينهما تحت العرش مقهورين بقدرة الله تعالى ، وعلمه محيط بكل شيء ، وقدره نافذ في كل شيء ، وهو على كل شيء وكيل" .

والعرش فوق الكرسي بل فوق كل المخلوقات .
قال ابن القيم رحمه الله في " الصواعق المرسلة " ( 4 / 1308 ) :
" ولهذا لما كانت السماء محيطة بالأرض كانت عالية عليها ، ولما كان الكرسي محيطاً بالسماوات كان عالياً عليها ، ولما كان العرش محيطاً بالكرسي كان عالياً " .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في القول المفيد ( 2 / 414 ) :
"هناك من قال : إن العرش هو الكرسي لحديث " إن الله يضع كرسيَّه يوم القيامة " ، وظنوا أن الكرسي هو العرش .
وكذلك زعم بعض الناس أن الكرسي هو العلم ، فقالوا في قوله تعالى : { وسع كرسيه السموات والأرض } أي : علمه .
والصواب : أن الكرسي موضع القدمين ، والعرش هو الذي استوى عليه الرحمن سبحانه .
والعلم : صفة في العالِم يُدرك فيها المعلوم . والله أعلم" انتهى .
والله أعلم .