قال ابن القيم في كتابه ( زاد المعاد في هَدْي خير العباد ) 1 / 425:
كَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُصَلّي الْعِيدَيْنِ فِي الْمُصَلّى وَهُوَ الْمُصَلّى الّذِي عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ الشّرْقِيّ وَهُوَ الْمُصَلّى الّذِي يُوضَعُ فِيهِ مَحْمِلُ الْحَاجّ وَلَمْ يُصَلّ الْعِيدَ بِمَسْجِدِهِ إلّا مَرّةً وَاحِدَةً أَصَابَهُمْ مَطَرٌ فَصَلّى بِهِمْ الْعِيدَ فِي الْمَسْجِدِ إنْ ثَبَتَ الْحَدِيثُ وَهُوَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَابْنِ مَاجَه وَهَدْيُهُ كَانَ فِعْلَهُمَا فِي الْمُصَلّى دَائِمًا .

وَكَانَ يَلْبَسُ لِلْخُرُوجِ إلَيْهِمَا أَجْمَلَ ثِيَابِهِ فَكَانَ لَهُ حُلّةٌ يَلْبَسُهَا لِلْعِيدَيْنِ كَانَ يَلْبَسُ بُرْدَيْنِ أَخْضَرَيْنِ وَمَرّةً بُرْدًا أَحْمَرَ وَلَيْسَ هُوَ أَحْمَرُ مُصْمَتًا كَمَا يَظُنّهُ بَعْضُ النّاسِ فَإِنّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ بُرْدًا وَإِنّمَا فِيهِ خُطُوطٌ حُمْرٌ كَالْبُرُودِ الْيَمَنِيّةِ فَسُمّيَ أَحْمَرَ بِاعْتِبَارِ مَا فِيهِ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ صَحّ عَنْهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ النّهْيُ عَنْ لُبْسِ الْمُعَصْفَرِ وَالْأَحْمَرِ وَأَمَرَ عَبْدَ اللّهِ بْنَ عَمْرٍو لَمّا رَأَى عَلَيْهِ ثَوْبَيْنِ أَحْمَرَيْنِ أَنْ يُحْرِقَهُمَا فَلَمْ يَكُنْ لِيَكْرَهَ الْأَحْمَرَ هَذِهِ الْكَرَاهَةَ الشّدِيدَةَ ثُمّ يَلْبَسُهُ وَاَلّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ الدّلِيلُ تَحْرِيمُ لِبَاسِ الْأَحْمَرِ أَوْ كَرَاهِيَتُهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً .
روى البخاري ومسلم عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ : أَخَذَ عُمَرُ جُبَّةً مِنْ إِسْتَبْرَقٍ تُبَاعُ فِي السُّوقِ فَأَخَذَهَا فَأَتَى بِهَا رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ابْتَعْ هَذِهِ تَجَمَّلْ بِهَا لِلْعِيدِ وَالْوُفُودِ . فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - :" إِنَّمَا هَذِهِ لِبَاسُ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ " ، فلم ينكر عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - التجمل للعيد ، وإنما أخبره بأن لبس هذه الجبة محرم ؛ لأنها من حرير .اهـ

وَكَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَأْكُلُ قَبْلَ خُرُوجِهِ فِي عِيدِ الْفِطْرِ تَمَرَاتٍ وَيَأْكُلُهُنّ وِتْرًا، وَأَمّا فِي عِيدِ الْأَضْحَى فَكَانَ لَا يَطْعَمُ حَتّى يَرْجِعَ مِنْ الْمُصَلّى فَيَأْكُلُ مِنْ أُضْحِيّتِهِ .

روي عنه أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يغتسل للعيدين .

قال ابن القيم : " فيه حديثان ضعيفان ... ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه "
.

كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج إلى العيد يرجع في غير الطريق الذي خرج فيه .
روى البخاري عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ .

وَكَانَ يُؤَخّرُ صَلَاةَ عِيدِ الْفِطْرِ وَيُعَجّلُ الْأَضْحَى .

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مَعَ شِدّةِ اتّبَاعِهِ لِلسّنّةِ لَا يَخْرُجُ حَتّى تَطْلُعَ الشّمْسُ وَيُكَبّرُ مِنْ بَيْتِهِ إلَى الْمُصَلّى .

وَكَانَ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا انْتَهَى إلَى الْمُصَلّى أَخَذَ فِي الصّلَاةِ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ وَلَا قَوْلٍ الصّلَاةُ جَامِعَةٌ وَالسّنّةُ أَنّهُ لَا يُفْعَلُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ .
وَلَمْ يَكُنْ هُوَ وَلَا أَصْحَابُهُ يُصَلّونَ إذَا انْتَهَوْا إلَى الْمُصَلّى شَيْئًا قَبْلَ الصّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا . وَكَانَ يَبْدَأُ بِالصّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ فَيُصَلّي رَكْعَتَيْنِ يُكَبّرُ فِي الْأُولَى سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ بِتَكْبِيرَةِ الِافْتِتَاحِ يَسْكُتُ بَيْنَ كُلّ تَكْبِيرَتَيْنِ سَكْتَةً يَسِيرَةً وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ ذِكْرٌ مُعَيّنٌ بَيْنَ التّكْبِيرَاتِ وَلَكِنْ ذُكِرَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنّهُ قَالَ يَحْمَدُ اللّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُصَلّي عَلَى النّبِيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ ذَكَرَهُ الْخَلّالُ .

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ مَعَ تَحَرّيهِ لِلِاتّبَاعِ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلّ تَكْبِيرَةٍ . وَكَانَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إذَا أَتَمّ التّكْبِيرَ أَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ فَقَرَأَ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ ثُمّ قَرَأَ بَعْدَهَا { ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ } فِي إحْدَى الرّكْعَتَيْنِ وَفِي الْأُخْرَى { اقْتَرَبَتِ السّاعَةُ وَانْشَقّ الْقَمَرُ }{ سَبّحِ اسْمَ رَبّكَ الْأَعْلَى } وَ { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ } صَحّ عَنْهُ هَذَا وَهَذَا ، وَلَمْ يَصِحّ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ . فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقِرَاءَةِ كَبّرَ وَرَكَعَ ثُمّ إذَا أَكْمَلَ الرّكْعَةَ وَقَامَ مِنْ السّجُودِ كَبّرَ خَمْسًا مُتَوَالِيَةً فَإِذَا أَكْمَلَ التّكْبِيرَ أَخَذَ فِي الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ التّكْبِيرُ أَوّلَ مَا يَبْدَأُ بِهِ فِي الرّكْعَتَيْنِ وَالْقِرَاءَةِ يَلِيهَا الرّكُوعُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ وَالَى بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْن ِ فَكَبّرَ أَوّلًا ثُمّ قَرَأَ وَرَكَعَ فَلَمّا قَامَ فِي الثّانِيَةِ قَرَأَ وَجَعَلَ التّكْبِيرَ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَلَكِنْ لَمْ يَثْبُتْ هَذَا عَنْهُ فَإِنّهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمّدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ النّيْسَابُورِي ّ . قَالَ الْبَيْهَقِيّ : رَمَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِالْكَذِبِ . وَقَدْ رَوَى التّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيثِ كَثِيرِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ أَنّ رَسُولَ اللّه صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَبّرَ فِي الْعِيدَيْنِ فِي الْأُولَى سَبْعًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ وَفِي الْآخِرَةِ خَمْسًا قَبْلَ الْقِرَاءَةِ قَالَ التّرْمِذِيّ : سَأَلْت مُحَمّدًا يَعْنِي الْبُخَارِيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ لَيْسَ فِي الْبَابِ شَيْءٌ أَصَحّ مِنْ هَذَا وَبِهِ أَقُولُ وَقَالَ : وَحَدِيثُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبْدِ الرّحْمَنِ الطّائِفِيّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدّهِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ صَحِيحٌ أَيْضًا .
وكان صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَبّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ وَلَمْ يُصَلّ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا . قَالَ أَحْمَدُ : وَأَنَا أَذْهَبُ إلَى هَذَا . قُلْت : وَكَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَمْرٍو هَذَا ضَرَبَ أَحْمَدُ عَلَى حَدِيثِهِ فِي " الْمُسْنَدِ " وَقَالَ لَا يُسَاوِي حَدِيثُهُ شَيْئًا وَاَلتّرْمِذِيّ تَارَةً يُصَحّحُ حَدِيثَهُ وَتَارَةً يُحَسّنُهُ وَقَدْ صَرّحَ الْبُخَارِيّ بِأَنّهُ أَصَحّ شَيْءٍ فِي الْبَابِ مَعَ حُكْمِهِ بِصِحّةِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَأَخْبَرَ أَنّهُ يَذْهَبُ إلَيْهِ . وَاَللّهُ أَعْلَمُ
[ كَانَ يَخْطُبُهُمْ فِي الْعِيدِ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ ]

وَلَمْ يَكُنْ هُنَالِكَ مِنْبَرٌ يَرْقَى عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ يُخْرِجُ مِنْبَرَ الْمَدِينَةِ وَإِنّمَا كَانَ يَخْطُبُهُمْ قَائِمًا عَلَى الْأَرْضِ قَالَ ، جَابِرٌ : شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ الصّلَاةَ يَوْمَ الْعِيدِ فَبَدَأَ بِالصّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بِلَا أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ ثُمّ قَامَ مُتَوَكّئًا عَلَى بِلَالٍ فَأَمَرَ بِتَقْوَى اللّهِ وَحَثّ عَلَى طَاعَتِهِ وَوَعَظَ النّاسَ وَذَكّرَهُمْ ثُمّ مَضَى حَتّى أَتَى النّسَاءَ فَوَعَظَهُنّ وَذَكّرَهُن مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ : كَانَ النّبِيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إلَى الْمُصَلّى فَأَوّلُ مَا يَبْدَأُ بِهِ الصّلَاةُ ثُمّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النّاسِ وَالنّاسُ جُلُوسٌ عَلَى صُفُوفِهِمْ . . . الْحَدِيثَ . رَوَاهُ مُسْلِمٌ . وَذَكَرَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ : أَنّهُ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ كَانَ يَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدِ فَيُصَلّي بِالنّاسِ رَكْعَتَيْنِ ثُمّ يُسَلّمُ فَيَقِفُ عَلَى رَاحِلَتِهِ مُسْتَقْبِلَ النّاسِ وَهُمْ صُفُوفٌ جُلُوسٌ فَيَقُولُ " تَصَدّقُوا " فَأَكْثَرُ مَنْ يَتَصَدّقُ النّسَاءُ بِالْقُرْطِ وَالْخَاتَمِ وَالشّيْءِ .
وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا عاد من صلاته وخطبته - وكان ذلك في عيد الأضحى - ذَبح أضحيته تقرباً إلى الله تعالى . وكان لا يذبح إلا بعد صلاة العيد .
عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الصَّلَاةِ فَإِنَّمَا يَذْبَحُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ ذَبَحَ بَعْدَ الصَّلَاةِ فَقَدْ تَمَّ نُسُكُهُ وَأَصَابَ سُنَّةَ الْمُسلمين " . متفق عليه .

عن أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ ، وَسَمَّى ، وَكبر . قَالَ: رَأَيْته واضعا قَدَمَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا وَيَقُولُ: " بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أكبر " .


وَكَانَ يَفْتَتِحُ خُطَبَهُ كُلّهَا بِالْحَمْدِ لِلّهِ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَنّهُ كَانَ يَفْتَتِحُ خُطْبَتَيْ الْعِيدَيْنِ بِالتّكْبِيرِ وَإِنّمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي " سُنَنِهِ " عَنْ سَعْدٍ الْقَرَظِ مُؤَذّنِ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَنّهُ كَانَ يُكْثِرُ التّكْبِيرَ بَيْنَ أَضْعَافِ الْخُطْبَةِ وَيُكْثِرُ التّكْبِيرَ فِي خُطْبَتَيْ الْعِيدَيْنِ . وَهَذَا لَا يَدُلّ عَلَى أَنّهُ كَانَ يَفْتَتِحُهَا بِهِ . وَقَدْ اخْتَلَفَ النّاسُ فِي افْتِتَاحِ خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَا ءِ فَقِيلَ يُفْتَتَحَانِ بِالتّكْبِيرِ وَقِيلَ تُفْتَتَحُ خُطْبَةُ الِاسْتِسْقَاءِ بِالِاسْتِغْفَا رِ وَقِيلَ يُفْتَتَحَانِ بِالْحَمْدِ . قَالَ شَيْخُ الإسلام ابْنُ تَيْمِيّةَ : وَهُوَ الصّوَابُ لِأَنّ النّبِيّ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ قَالَ كَلّ أَمْرٍ ذِي بَالٍ لَا يُبْدَأُ فِيهِ بِحَمْدِ اللّهِ فَهُوَ أَجْذَمُ وَكَانَ يَفْتَتِحُ خُطَبَهُ كُلّهَا بِالْحَمْدِ لِلّهِ . وَرَخّصَ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ وَأَنْ يَذْهَبَ وَرَخّصَ لَهُمْ إذَا وَقَعَ الْعِيدُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَنْ يَجْتَزِئُوا بِصَلَاةِ الْعِيدِ عَنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ . وَكَانَ صَلّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُخَالِفُ الطّرِيقَ يَوْمَ الْعِيدِ فَيَذْهَبُ فِي طَرِيقٍ وَيَرْجِعُ فِي آخَرَ فَقِيلَ لِيُسَلّمَ عَلَى أَهْلِ الطّرِيقَيْنِ وَقِيلَ لِيَنَالَ بَرَكَتَهُ الْفَرِيقَانِ ، وَقِيلَ لِيُظْهِرَ شَعَائِرَ الْإِسْلَامِ فِي سَائِرِ الْفِجَاجِ وَالطّرُقِ وَقِيلَ لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ بِرُؤْيَتِهِمْ عِزّةَ الْإِسْلَامِ وَأَهْلَهُ وَقِيَامَ شَعَائِرِهِ وَقِيلَ لِتَكْثُرَ شَهَادَةُ الْبِقَاعِ فَإِنّ الذّاهِبَ إلَى الْمَسْجِدِ وَالْمُصَلّى إحْدَى خُطْوَتَيْهِ تَرْفَعُ دَرَجَةً وَالْأُخْرَى تَحُطّ خَطِيئَةً حَتّى يَرْجِعَ إلَى مَنْزِلِهِ وَقِيلَ وَهُوَ الْأَصَحّ : إنّهُ لِذَلِكَ كُلّهِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْحُكْمِ الّتِي لَا يَخْلُو فِعْلُهُ عَنْهَا .

[ التّكْبِيرُ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ ]
وَرُوِيَ عَنْهُ أَنّهُ كَانَ يُكَبّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيّامِ التّشْرِيقِ اللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ وَاَللّهُ أَكْبَرُ اللّهُ أَكْبَرُ ولله الْحَمْد ... أهـ


ومن السنة ترك التنفل قبل صلاة العيد وبعدها في المصلى . فإذا صلى بعدها في البيت، سواء كان إماماً أو مأموماً جاز، بل لعله من السنن المهجورة .
وبهذا يحصل الجمع بين حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم العيد فصلى ركعتين، لم يصل قبلهما ولا بعدهما . وحديث أبي سعيد الخدري قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يصلي قبل العيد شيئاً، فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين . والله أعلم .