بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد ...
فهذه الكلمة الشهرية الثانية عشرة،وهي عن شهر ذي الحجة.
أولاً: التعريف بالشهر:
شهر ذو الحجة وهو آخر شهور العام الهجري، وسمي بذلك لأن العرب كانت تحج فيه .انظر:العين (1 / 142).
ثانياً: الأعمال المشروعة فيه:
أولاً: التقرب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة في عشر ذي الحجة لما روى البخاري من حديث ابن عباس عن النبي قال: « ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر . قالوا ولا الجهاد في سبيل الله !! قال : ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء »أخرجه البخاري ( 2/457)

فيشرع التقرب إلى الله بشتى أنواع البر من قراءة وذكر وصلاة وصوم وإحسان إلى الخلق، ومما يشرع في أدائها على وجه الخصوص الاعتمار والحج والهدي والأضاحي،وفيها تفضل الأعمال على أدائها في غيرها من الأيام.وكان السلف الصالح يُعظمونثلاثة أعشار"العشر الأول من ذي الحجة – والعشر الأواخر من رمضان – والعشر الأولمن شهر المحرم".
ثانياً: التكبير والتهليل والتحميد؛ لما ورد في حديث ابن عمررضي اللهعنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد » أخرجه احمد (7/224 )، وصحّح إسناده أحمد شاكر.
وقال الإمام البخاري رحمه الله:" كان ابن عمر، وأبو هريرة: « يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما ». أخرجه البخاري (2 / 20).
وقال
أيضاً: « كان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد، فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا » و « كان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام، وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه، وممشاه تلك الأيام جميعا ». أخرجه البخاري (2 / 20).
والمستحب الجهر بالتكبير لفعل عمر وابنه وأبي
هريرة.
و صيغة التكبير :
أ ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر كبيراً.
ب ) الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد.
جـ ) الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله. والله أكبر. الله أكبر. الله أكبر ولله الحمد. انظر:فضل أيام العشر من ذي الحجة ،فضيلة الشيخ ابن عثيمين.
ثالثاً: صيام يوم عرفة:يتأكد صوم يوم عرفة لما ثبت عنه أنه قال عن صوم يوم عرفة: « أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده » أخرجه مسلم (2 / 818).
وصيام عرفة يشرع لغير الحاج، أما الحاج فإنه لا يصومه تأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يصم يوم عرفة في حجه، فإنه قد ثبت أنه مد إليه قدح من لبن فشربه ؛ولذا ذهب بعض أهل العلم إلى كراهية صيام يوم عرفة للحاج وذكر بعض العلماء أن الحكمة من إفطار الحاج يوم عرفة ليكون أقوى لهم على العبادة والذكر .
رابعاً: أداء الحج في هذا الشهر: فيشرع أداء الحج في هذا الشهر التي تبدأ أعماله في اليوم الثامن من ذي الحجة بالصعود إلى منى ثم إلى عرفة في اليوم التاسع ثم الدفع من عرفة إلى مزدلفة بعد غروب الشمس من اليوم التاسع ثم الدفع منها بعد مبيت تلك الليلة إلى منى في اليوم العاشر وهو يوم النحر ثم البقاء في منى أيام التشريق لأداء نسك الرمي والمبيت ليلتين لمتعجل وثلاث ليال للمتأخر كما قال تعالى :]وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ[[البقرة: 203].
ثم يؤدى طواف الوداع بالبيت ليكون آخر العهد به كما أمر بذلك النبي r.فيتضح بهذا أن أيام الحج التي تؤدى فيها المناسك كلها في ذي الحجة سوى الإحرام فإنه يمكن الإحرام بالحج في أشهر الحج وهي: شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة، وكذا طواف الوداع؛ فإنه يجوز تأخيره إلى وقت خروج الحاج من مكة ولو تجاوز شهر ذي الحجة.
خامساً: ويشرع فيه ذبح الأضاحي تقرباً إلى الله عز وجل:وهي مشروعة في حق الرجل وأهل بيته وتجزئ الأضحية الواحدة عن أهل البيت ويجزئ من الضأن الجذع وهو ما تم له ستة أشهر والثني من الماعز وهو ما تم له سنة والثني من البقر وهو ما تم به سنتان والثني من الإبل وهو ما تم له خمس سنين ،وتجزئ الشاة عن واحد والبدنة والبقرة عن سبعة .ووقت ذبح الأضاحي يكون بعد صلاة العيد إلى آخر أيام التشريق على الصحيح. ويشرع لمن أراد أن يضحي إذا دخلت عشر ذي الحجة أن لا يأخذ من شعره ولا أظفاره شيئاً إلى ذبح الأضحية.
ثالثاً: ما أحدث فيه من البدع:
1- النداء للعيدين بالصلاة جامعة أو الأذان وهذا خلاف السنة لحديث جابر ابن سمرة قال: « صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة»أحرجه مسلم (887).
2- زيارة القبور عقب صلاة العيد قبل العودة إلى الأهل وهذا من البدع المحدثة كما صرح بذلك جمع من أهل العلم. انظر:تنبيه الغافلين 303/المدخل لابن الحاج (2/289)/السنن والمبتدعات للشقيري (117)
.