"طعام الفُجْأة حرام"
من أمثال العوام الأندلسية، أورده أبو يحي عبيد الله بن أحمد الزجالي القرطبي المتوفى سنة أربع وتسعين وست مئة ( 694) في كتاب جمع فيه أمثال العوام في الأندلس مروية باللغة العامية وعددها 2157 مثلاً.
قال الإمام أبو داود رحمه الله: باب في طعام الفجأة.
حدثنا أحمد بن أبي مريم ثنا عمي يعني سعيد بن الحكم قال ثنا الليث بن سعد قال أخبرني خالد بن يزيد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه قال: أقبل رسول الله من شعب من الجبل وقد قضى حاجته وبين أيدينا تمر على ترس أو حجفة فدعوناه فأكل معنا وما مس ماء.
قال الإمام الخطابي رحمه الله: دلالة هذا أن طعام الفجأة غير مكروه إذا كان الآكل يعلم أن صاحب الطعام قد تسرّه مساعدته إياه على أكله ومعلوم أن القوم كانوا يفرحون بمساعدة رسول الله إياهم ويتبركون بمؤاكلته، وإنما جاءت الكراهة في طعام الفجأة إذا كان لا يؤمن أن يشق ذلك صاحب الطعام ويشق عليه ولعله إنما يعرض طعامه إذا فجأه الداخل عليه استحياء منه لا إيجابا له والله أعلم.
وسئل ابن القاسم وابن وهب عن طعام الفجأة يغشى الرجل القوم وهم يأكلون فيدعونه قالا:
حسن جميل أن يجيبهم إذا دعوه، وإن لم يدعوه فلا يأكل.
قال ابن رشد الجد رحمه الله تعالى في البيان والتحصيل: هذا إنما ينبغي للرجل أن يعمل بما يظهر إليه من حالهم، فإن ظهر إليه منهم استبشارهم وسرورهم بأكله معهم استحب له أن يجيبهم إذا دعوه، وإذا ظهر إليه منهم أنهم كرهوا غشيانه إياهم وهم يأكلون، وإنما دعوه استحياء منهم كره له أن يجيبهم. وإن لم يتبين له إحدى الوجهين كان له أن يجيبهم من غير استحباب ولاكراهة.
والله تعالى أعلم.