تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: محاضرات في علوم الحديث للشيخ عيد فهمي (1)

  1. #1

    افتراضي محاضرات في علوم الحديث للشيخ عيد فهمي (1)

    بسم الله الرحمن الرحيم
    أقدم لإخوانى الكرام هذه المحاضرات التى أراها قيمة ونافعة لمحبى هذا العلم، وهى لشيخى الفاضل الحبيب الشيخ عيد بن فهمى الحسينى حفظه الله، والتى أسأل الله أن تكون فى ميزان حسناته.
    المحاضرة الأولى: مقدمة علوم الحديث

    الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم، وأرشدنا إلى صراطه المستقيم، وألهمنا الحمد له على ما خولنا من جزيل نعمه، وأجدنا نعمة علينا مضافة إلى سائر مننه، أحمده حمد معترف بالتقصير فيما يلزمه من شكر هباته، وأسأله التوفيق للعمل بما يقرب إلى مرضاته، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغ معتقدها أمله، ويختم الله لقائلها بالسعادة عمله، وأشهد أن محمدًا عبده المنتخب من بريته، ورسوله الداعي لخلقه إلى طاعته، أرسله بالحق المبين، وابتعثه بالشرع المتين، فجلى غوامض الشبهات، وأنار حنادس(1) الظلمات، وأباد حزب الكفر وأنصاره، وشيَّد أعلام الدين ومناره، صلى الله عليه صلاة يعطيه فيها أمنيته، ويرفع بها في الآخرة درجته، وعلى إخوانه من النبيين، وآله الأخيار المنتخبين، وتابعيهم بالإحسان أجمعين.
    أما بعد
    فإن المستدل بالسنة يحتاج إلى نظرين
    أولهما: النظر في ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ ليس كل ما نسب إليه صحيحًا.
    ثانيهما: النظر في دلالة النص على الحكم.
    ومن أجل النظر الأول احتيج إلى وضع قواعد يميّز بها المقبول من المردود فيما ينسب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما ذكر الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى

    --------------------------------------
    (1) قال الفيروز آبادي: "الحِنْدِسُ بالكسر: الليلُ المُظْلِمُ والظُّلْمَةُ ج: حَنادِسُ." القاموس المحيط: باب السين، فصل الحاء مع النون، مادة: حندس
    الله المستعان

  2. #2

    افتراضي

    تعريف علوم الحديث
    اسمه: يسمى هذا العلم: علوم الحديث أو مصطلح الحديث
    تعريفه: علوم الحديث أو مصطلح الحديث مركب إضافي يتكون من: المصطلح والحديث أو العلوم والحديث، ويمكن أن يعرّف باعتبارين:
    التعريف الأول: باعتبار مفرداته؛ أي: باعتبار كلمة مصطلح، وكلمة علوم، وكلمة حديث.
    فالمصطلح: هو ما تعارف عليه طائفة من الناس وانتشر بينهم.
    والعلوم: جمع علم. وهو في اللغة: الإدراك.
    وقال الراغب الأصفهاني في مفردات القرآن: العلم إدراك الشيء بحقيقته، وذلك ضربان:
    أحدهما إدراك ذات الشيء.
    والثاني الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له أو نفي شيء هو منفي عنه(1)
    و في الاصطلاح يطلق العلم ويراد به أحد معانٍ ثلاثة:
    الأول: القضايا المكتوبة والمسائل المدونة.
    الثاني: إدارك هذه القضايا وتلك المسائل.
    الثالث: الملكة التي بها يمكن استحضار تلك المسائل والقضايا.
    والمعنى الأول هو الأولى والأجدر هنا لأن العلم المدون الآن بين أيدينا إنما هو القضايا والمسائل وليس إدراكها ولا الملكة التي يمكن الاستحضار بها.
    والحديث:
    لغة: ضد القديم، أو الكلام والقول، قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط: الحَديثُ: الجديدُ، والخَبَرُ(2)
    أما الحديث بمعنى الجديد فمنه قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «لَوْلا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ ... » الحديث(3) وقوله صلى الله عليه وسلم في المطر: «إِنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ»(4) وقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: إني حديث عهد بعرس(5) وقول معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه: إني حديث عهد بجاهلية(6)
    وأما الحديث بمعنى الخبر فمنه قوله تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى﴾(7) وقوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾( 8) وقوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ﴾(9) وقوله: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾(10) وقول عمر رضي الله عنه: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفتنة(11)
    ومن الفوائد واللطائف الحديثية أن المعنيين قد اجتمعا في كلام النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن ناسًا من الأنصار قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من أموال هوازن ما أفاء، فطفق يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل، فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشًا ويدعنا وسيوفنا تَقْطُر من دمائهم. قال أنس: فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم أحدًا غيرهم فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «مَا كَانَ حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكُمْ؟». قال له فقهاؤهم: أما ذوو آرائنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي قريشا ويترك الأنصار وسيوفنا تقطر من دمائهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أُعْطِي رِجَالاً حَدِيثٌ عَهْدُهُمْ بِكُفْرٍ أَمَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ وَتَرْجِعُوا إِلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَوَاللَّهِ مَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ» قالوا: بلى يا رسول الله قد رضينا. فقال لهم: «إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً شَدِيدَةً فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوْا اللَّهَ وَرَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْحَوْضِ» قال أنس: فلم نصبر(12)
    أما في الاصطلاح فالحديث هو: ما أضيف إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف، وكذلك أقوال الصحابة والتابعين وأفعالهم. هذا أجمع ما قيل في تعريف الحديث وهو مقتضى كلام أهل الحديث، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الحديث النبوي هو عند الإطلاق ينصرف إلى ما حُدِّثَ به عنه بعد النبوة من قوله وفعله وإقراره(13) وهناك أقوال أخرى ستَرِد في موضعها إن شاء الله تعالى.
    التعريف الثاني لعلوم الحديث باعتباره مركبًا إضافيًّا يلقب به هذا الفن المعين:
    فهو بهذا الاعتبار ينقسم إلى قسمين:
    1- علم الحديث رواية.
    2- علم الحديث دراية.
    تعريف علم الحديث رواية:
    علم يشتمل على ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته الخَلقية والخُلقية، وروايتها وضبطها وتحرير ألفاظها، وما أضيف إلى الصحابي أو التابعي كذلك.
    فموضوع علم الحديث رواية البحث فيما ينقل لا في طريق النقل.
    وثمرته الصون عن الخلل في نقل الحديث، وذلك بالمحافظة عليه وروايته كما ورد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ»(14)
    تعريف علم الحديث دراية:
    علم بأصول وقواعد يعرف بها أحوال السند والمتن من حيث القبول والرد
    والسند:
    لغة: مُعْتَمَدُ الإنْسانِ(15)
    واصطلاحًا: سلسلة الرواة الموصِّلة إلى المتن.
    أو: طريق حكاية المتن(16)
    و الإسناد: إضافة الحديث إلى قائله.(17)
    أو: هو مرادف للسند اصطلاحًا
    وأحوال السند : ما يطرأ عليه من اتصال أو انقطاع أو تساهل في سماع رواته أو سوء حفظهم أو اتهامهم بما يخل بالمروءة أو غير ذلك.
    والمتن:
    لغة: المَتْنُ من كل شيء ما صَلُبَ ظَهْرُه(18) أو ما صَلُبَ من الأرضِ وارْتَفَعَ(19)
    واصطلاحا: هو غاية ما ينتهي إليه السند من الكلام(20)
    وأحوال المتن : ما يطرأ عليه من رفع أو وقف أو صحة أو ضعف أو شذوذ أو علة أو غير ذلك.
    وموضوع علم الحديث دراية: السند والمتن من حيث القبول والرد
    وثمرته: تمييز الأحاديث المقبولة فيعمل بها، والمردودة فلا يعمل بها.
    الفرق بين علم الحديث دراية ورواية:
    وبذلك يظهر الفرق بين علم الحديث دراية وعلم رواية الحديث، فأما علم الحديث دراية يوصل إلى معرفة المقبول من المردود بشكل عام. وأما علم الحديث رواية فإنه يبحث في الحديث المعين الذي تريده فيظهر بتطبيق تلك القواعد أنه مقبول أو مردود، ويضبط روايته وشرحه، فهو إذا يبحث بحثًا تطبيقيًّا، فالفرق بينهما كالفرق بين النحو وبين الإعراب، وكالفرق بين أصول الفقه وبين الفقه.
    أسماء هذا العلم
    لمَّا كان هذا العلم بهذه الأهميَّة وتلك المكانة كثرت أسماؤه:
    فسُمِّي: "علوم الحديث" لكونه خلاصة علوم متعددة ومعارف متنوعة.
    وسُمِّي: "علم أصول الحديث" لكونه أصلا لعلم الحديث رواية وهو منه بمنزلة أصول الفقه من الفقه
    وسُمِّي: "علم مصطلح الحديث" لكون أصوله وقواعده تغلب عليها الاصطلاحات الفنية
    وسُمِّي: "علم الحديث دراية" لكونه يقابل علم الحديث رواية.
    ----------------------
    (1) - معجم مفردات ألفاظ القرآن: ص 356.
    (2) - القاموس المحيط، باب الثاء، فصل الحاء مع الدال، مادة: حدث
    (3) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب العلم، باب من ترك الاختيار مخافة أن يقصر فيه (126)، كتاب الحج، باب فضل مكة وبنيانها (1586)، ومسلم: كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها (1333).
    (4) - أخرجه مسلم: كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء (898)
    (5) - متفق عليه: أخرجه البخاري: كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس، باب الشفاعة في وضع الدين (2406)، كتاب النكاح، باب تزويج الثيبات (5079)، باب طلب الولد (5245)، باب تستحدّ المغيبة وتمتشط الشعثة (5247)، ومسلم: كتاب الرضاع ، باب استحباب نكاح البكر (715)
    (6) - أخرجه مسلم: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته (537).
    (7) - طه: ٩
    (8) - الذاريات: ٢٤
    (9) - البروج: ١٧
    (10) - الغاشية: ١
    (11) - متفق عليه: أخرجه البخاري كتاب مواقيت الصلاة، باب الصلاة كفارة (525)، كتاب الزكاة، باب الصدقة تكفر الخطيئة (1435)، كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام (3586)، كتاب الفتن، باب الفتنة التي تموج كموج البحر (7096)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب بيان أن الإيمان بدأ غريبًا وسيعود غريبًا (144)، كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب في الفتنة التي تموج كموج البحر (144).
    (12) - متفق عليه: أخرجه البخاري كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي (3147)، كتاب المغازي، باب غزوة الطائف في شوال سنة ثمان (4331، 4332، 4333، 4337)، ومسلم: كتاب الزكاة، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام (1059، 1061)
    (13) - مجموع الفتاوى (18/6-7)
    (14) - صحيح: أخرجه أحمد في مسنده (21080) ، وأبو داود: كتاب العلم، باب نشر العلم (3660) ، والترمذي: كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع (2656)
    (15) - القاموس المحيط: باب الدال، فصل السين مع النون، مادة: سند
    (16) - نزهة النظر (ص: 5)
    (17) - لسان العرب: باب الدال، فصل السين مع النون مادة: سند.
    (18) - لسان العرب: باب النون، فصل الميم مع التاء مادة: متن.
    (19) - القاموس المحيط: باب النون، فصل الميم مع التاء مادة: متن.
    (20) - نزهة النظر (ص: 6)
    الله المستعان

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •