تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: سؤال عن حكم العمل أو بيع المحرمات للمشركين والعمل في مطاعمهم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي سؤال عن حكم العمل أو بيع المحرمات للمشركين والعمل في مطاعمهم

    بسم الله وبعد :
    يعيش المسلمون هنا في انجلترا مع المشركين وأهل الكتاب، وقد لاحظت أن الكثير منهم يعملون في مطاعمهم التي يطهى فيها الخنزير وتُشرب فيها الخمور،
    وقد رأيت الكثير منهم يسأل عن حكم العمل فيها إما بتقديم المذكورات أو طهيها مباشرة، وبعضهم لا يباشر لكن يعمل في غسل الأواني .
    وأريد أن أناقش مع الإخوة في هذا المنتدى العلمي هذه المسألة، فمن كانت عنده نقولات لكن عن كتب وأقوال السلف الأولين من أصحاب المذاهب السنية فليفدنا ، وأنا الآن مشغول هنا في هذا البلد ، وليس عندي وقت لأبحث .
    وقبل الانطلاقة أقول :
    . صح عن النبي عليه السلام فيما معناه أنه أهدى لعمر جبة حرير وقال له: لقد نهيت عنها فقال عليه السلام :" إني لم أعطكها لتلبسها بل لتنتفع بها أو تبيعها " يعني للمشركين .
    وصح عن عمر رضي الله عنه أمر عماله أنه أمر عماله أن يولوا أهل الكتاب بيع الخمر بأنفسهم وأن يأخذوا ما عليهم من أثمانها:
    وأجاز بعض السلف كابن القيم وغيره بيع الأعيان المختلطة بالنجاسات لأهل الذمة.
    وربما أجاز بعضهم بيع الخمر لهم وذلك لأمور:
    أولاها: أن العلة في تحريمها هي الصد عن ذكر الله وعن الصلاة، والمشرك لا يذكر الله ولا يصلي، وإن كان مخاطبا بها ، بل شربه للخمر يصده عن كثير من المعاصي الأخرى ، خاصة المحاربين منهم.
    والثاني: أن العلة الأخرى من الخمر هي إيقاع العداوة بين المؤمنين، وشرب الكفار لها يوقع بينهم ذلك، وهذه مصلحة للمسلمين .
    والثالث: أن العلة من تحريم المسكرات هي المحافظة على العقل ليُستعمل فيما يرضي الله، ومن هنا يُعلم أن زوال عقل المشرك خير له وللمسلمين، لأنه يستعمله في الصد عن الإسلام ومحاربة المسلمين وبث الضغائن بينهم ، وهو أمر ملاحظ هنا فإن فيهم أذكياء ومخططين تتجاوز خططهم ودهاءهم الحدود كما هو معلوم ولولا أن القوم كثيروا تعاطي الخمور لكان الأمر على المسلمين أشد بكثير .
    قال شيخ الإسلام بن تيمية في الاستقامة (2/165) في معرض حديثه عن العقل :" فَأَما الْمُؤْمِنُونَ فالصحو خير لَهُم فَإِن السكر يصدهم عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة ويوقع بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء وَكَذَلِكَ الْعقل خير لَهُم لِأَنَّهُ يزيدهم ايمانا،
    وأما الْكفَّار فزوال عقل الْكَافِر خير لَهُ وللمسلمين، أما لَهُ فَلِأَنَّهُ لَا يصده عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة، بل يصده عَن الْكفْر وَالْفِسْق، وأما للْمُسلمين فَلِأَن السكر يُوقع بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء فَيكون ذَلِك خيرا للْمُؤْمِنين وَلَيْسَ هَذَا اباحة للخمر وَالسكر وَلكنه دفع لشر الشرين بأدناهما "،
    وهذا الكلام عام يشتمل على ترك المشركين ليتعاطوا الخمور، كما يشتمل على بيعها لهم لأن هذه العلل المذطورة عامة .
    . ثم تكلم عن مسألة عدم نهيهم عن منكر الخمور فقال :" وَلِهَذَا كنت امْر اصحابنا ان لَا يمنعوا الْخمر عَن اعداء الْمُسلمين من التتار والكرج وَنَحْوهم، وأقول إذا شربوا لم يصدهم ذَلِك عَن ذكر الله وَعَن الصَّلَاة بل عَن الْكفْر وَالْفساد فِي الارض، ثمَّ إنه يُوقع بَينهم الْعَدَاوَة والبغضاء وَذَلِكَ مصلحَة للْمُسلمين، فصحوهم شَرّ من سكرهم فَلَا خير فِي إعانتهم على الصحو "،
    . ثم ذكر استحباب أو وجوب دفع شر هؤلاء بالسكر، وهذا نص صريح منه في بيع الخمور لهم بيعا لا عطية ، لأن في العطية لهم إعانة لهم في جانب المال، وأما البيع فلا إعانة فيه، فقال شيخ الإسلام :
    " بل قد يسْتَحبّ اَوْ يجب دفع شَرّ هَؤُلَاءِ بِمَا يُمكن من سكر وَغَيره "،
    ثم عدى ذلك إلى الظلمة الفساق فقال :"فَهَذَا فِي حق الْكفَّار وَمن الْفُسَّاق الظلمَة من اذا صَحا كَانَ فِي صحوه من ترك الْوَاجِبَات واعطاء النَّاس حُقُوقهم وَمن فعل الْمُحرمَات والاعتداء فِي النُّفُوس والاموال مَا هُوَ اعظم من سكره ...".
    بينما قال في المجموع (29/443) في معرض تقريره لمسألة إبقاء ما بيد الكافر حتى ولو أسلم :" وكان بعض نواب عمر بالعراق يأخذ من أهل الذمة الجزية خمرا ثم يبيعها لهم فكتب إليه عمر ينهاه عن ذلك . وقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها"، ولكن ولوهم بيعها وخذوا أثمانها "، قال: فنهاهم عمر عن بيع الخمر وقال: ولُّو أبيعها الكفار ، فإذا باعوها هم لأهل دينهم وقبضوا أثمانها جاز للمسلمين أن يأخذوا ذلك الثمن منهم ".
    وقال ايضا (29/265) :" وذكر حديث عمر بن الخطاب : ولوهم بيعها وخذوا أثمانها"، قال: وهذا كان سببه أن بعض عماله أخذ خمرا في الجزية وباع الخمر لأهل الذمة فبلغ ذلك عمر فأنكر ذلك . وقال : ولوهم بيعها وخذوا أثمانها . وهذا ثابت عن عمر وهو مذهب الأئمة ".
    وقال في الفتاوى (6/284) :" حتى أنه ـ أحمد ـ قد نص أيضا على أنه لايجوز بيع العنب والعصير والدادي ونحو ذلك ممن يستعين على النبيذ المحرم المختلف فيه، فإن الرجل لا يجوز له أن يعين أحدا على معصية الله، وإن كان المعان لا يعتقدها معصية، كإعانة الكافرين على الخمر والخنزير،"
    فمن كانت عنده نقولات لكن عن كتب وأقوال السلف الأولين من أصحاب المذاهب السنية فليفدنا وبارك الله فيكم

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي

    جزاك الله خيرا أخي في الله .
    لازلت متوقفا في المسألة لم يبد لي وجه الصواب فيها لتعارض الأدلة مع عموم البلوى بها في بلد المشركين، وأرجو من الإخوة أن يلتزموا في المناقشة ترك التعنيف في المسائل المختلف فيها بين السلف الأولين، ولا زلت أنتظر نقولات أخرى وبارك الله فيكم

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    [quote=زياني;789956]

    وصح عن عمر رضي الله عنه أمر عماله أنه أمر عماله أن يولوا أهل الكتاب بيع الخمر بأنفسهم وأن يأخذوا ما عليهم من أثمانها:
    [/quote

    ذكره ابن القيم في الزاد ويحتاج إلى النظر في صحته؟
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة
    وأجاز بعض السلف كابن القيم وغيره بيع الأعيان المختلطة بالنجاسات لأهل الذمة.
    قال ابن القيم في زاد المعاد: (فإن قيل: فهل تجوزون للمسلم بيع الخمر والخنزير من الذمي لاعتقاد الذمي حلهما، كما جوزتم بيعه الدهن المتنجس إذا بين حاله لاعتقاده طهارته وحله؟
    قيل: لا يجوز ذلك ، وثمنه حرام، والفرق بينهما: أن الدهن المتنجس عين طاهرة خالطها نجاسة ويسوغ فيها النزاع.
    وقد ذهبت طائفة من العلماء إلى أنه لا ينجس إلا بالتغير. وإن تغير، فذهب طائفة إلى إمكان تطهيره بالغسل، بخلاف العين التي حرمها الله في كل ملة، وعلى لسان كل رسول، كالميتة، والدم والخنزير، فإن استباحته مخالفة لما أجمعت الرسل على تحريمه، وإن اعتقد الكافر حله، فهو كبيع الأصنام للمشركين، وهذا هو الذي حرمه الله ورسوله بعينه، وإلا فالمسلم لا يشتري صنمًا.

    فإن قيل : فالخمر حلال عند أهل الكتاب فجوزوا بيعها منهم .

    قيل : هذا هو الذي توهمه من توهمه من عمال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حتى كتب إليهم عمر - رضي الله عنه - ينهاهم عنه ، وأمر عماله أن يولوا أهل الكتاب بيعها بأنفسهم ، وأن يأخذوا ما عليهم من أثمانها ، فقال أبو عبيد : حدثنا عبد الرحمن ، عن سفيان بن سعيد ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى الجعفي ، عن سويد بن غفلة ، قال بلغ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن ناسا يأخذون الجزية من الخنازير فقام بلال ، فقال : إنهم ليفعلون ، فقال عمر - رضي الله عنه - : ( لا تفعلوا ولوهم بيعها ) .

    قال أبو عبيد : وحدثنا الأنصاري ، عن إسرائيل ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى ، عن سويد بن غفلة ، أن بلالا قال لعمر - رضي الله عنه - إن عمالك يأخذون الخمر والخنازير في الخراج ، فقال : ( لا تأخذوا منهم ، ولكن ولوهم بيعها ، وخذوا أنتم من الثمن ) .

    قال أبو عبيد : يريد أن المسلمين كانوا يأخذون من أهل الذمة الخمر والخنازير من جزية رؤوسهم ، وخراج أرضهم بقيمتها ، ثم يتولى المسلمون بيعها ، فهذا الذي أنكره بلال ، ونهى عنه عمر ، ثم رخص لهم أن يأخذوا ذلك من أثمانها إذا كان أهل الذمة هم المتولين لبيعها ؛ لأن الخمر والخنازير مال من أموال أهل الذمة ، ولا تكون مالا للمسلمين .

    قال : ومما يبين ذلك حديث آخر لعمر - رضي الله عنه - حدثنا علي بن معبد ، عن عبيد الله بن عمرو ، عن ليث بن أبي سليم ، أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إلى العمال يأمرهم بقتل الخنازير وقبض أثمانها لأهل الجزية من [ ص: 678 ] جزيتهم .

    قال أبو عبيد : فهو لم يجعلها قصاصا من الجزية إلا وهو يراها من أموالهم . فأما إذا مر الذمي بالخمر والخنازير على العاشر ، فإنه لا يطيب له أن يعشرها ، ولا يأخذ ثمن العشر منها . وإن كان الذمي هو المتولي لبيعها أيضا ، وهذا ليس من الباب الأول ، ولا يشبهه ؛ لأن ذلك حق وجب على رقابهم وأرضيهم ، وأن العشر هاهنا إنما هو شيء يوضع على الخمر والخنازير أنفسها ، وكذلك ثمنها لا يطيب لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه ) . وقد روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه أفتى في مثل هذا بغير ما أفتى به في ذاك ، وكذلك قال عمر بن عبد العزيز .

    حدثنا أبو الأسود المصري ، حدثنا عبد الله بن لهيعة ، عن عبد الله بن هبيرة السبائي أن عتبة بن فرقد بعث إلى عمر بن الخطاب بأربعين ألف درهم صدقة الخمر ، فكتب إليه عمر - رضي الله عنه - : ( بعثت إلي بصدقة الخمر ، وأنت أحق بها من المهاجرين ، وأخبر بذلك الناس ، وقال : والله لا استعملتك على شيء بعدها ، قال : فتركه ) .

    حدثنا عبد الرحمن ، عن المثنى بن سعيد الضبعي ، قال : كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة ، أن ابعث إلي بتفصيل الأموال التي قبلك ، من أين دخلت ؟ فكتب إليه بذلك وصنفه له ، وكان فيما كتب إليه من عشر الخمر أربعة آلاف درهم . قال : فلبثنا ما شاء الله ثم جاء جواب كتابه : إنك كتبت إلي تذكر من عشور الخمر أربعة آلاف درهم ، وإن الخمر لا يعشرها مسلم ، ولا يشتريها ، ولا يبيعها ، فإذا أتاك كتابي هذا ، فاطلب الرجل فارددها عليه ، فهو أولى بما كان فيها . فطلب الرجل ، فردت عليه .

    قال أبو عبيد : فهذا عندي الذي عليه العمل ، وإن كان إبراهيم النخعي قد [ ص: 679 ] قال غير ذلك . ثم ذكر عنه في الذمي يمر بالخمر على العاشر ، قال : يضاعف عليه العشور .

    قال أبو عبيد : وكان أبو حنيفة يقول : إذا مر على العاشر بالخمر والخنازير ، عشر الخمر ، ولم يعشر الخنازير ، سمعت محمد بن الحسن يحدث بذلك عنه ، قال أبو عبيد : وقول الخليفتين عمر بن الخطاب ، وعمر بن عبد العزيز - رضي الله عنهما - أولى بالاتباع ، والله أعلم .

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وقال رحمه الله أيضا في أحكام أهل الذمة 1 / 63 - 65 :
    - فَصْلٌ
    [حُكْمُ بَذْلِ الْجِزْيَةِ أَوِ الْخَرَاجِ مِنْ عَيْنِ مَا نَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُحَرَّمٌ]
    وَإِذَا بَذَلُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنَ الْجِزْيَةِ أَوِ الْخَرَاجِ أَوِ الدِّيَةِ أَوِ الدَّيْنِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ عَيْنِ مَا نَعْتَقِدُ نَحْنُ مُحَرَّمًا، وَلَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَهُ كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، جَازَ قَبُولُهُ مِنْهُمْ: هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ.
    قَالَ الْمَيْمُونِيُّ : قَرَأْتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: هَلْ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اتَّجَرُوا فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ الْعُشْرُ؟ أَنَأْخُذُ مِنْهُ؟ فَأَمْلَى عَلَيَّ: قَالَ عُمَرُ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا لَا يَكُونُ هَذَا إِلَّا عَلَى الْأَخْذِ.
    قُلْتُ: كَيْفَ إِسْنَادُهُ؟ قَالَ إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ.
    وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ بُخْتَانَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَنَازِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَخُمُورِهِمْ، قَالَ: لَا تَقْتُلُ خَنَازِيرَهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ عَهْدًا، وَأَلَّا تَأْخُذَ مِنْهُمْ خَمْرًا وَلَا خِنْزِيرًا يَكُونُ لَهُمْ بَيْعُهَا.
    وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قُلْتُ لِأَبِي: فَإِنْ كَانَ مَعَ النَّصْرَانِيِّ خَمْرٌ وَخَنَازِيرُ، كَيْفَ يُصْنَعُ بِهَا؟ فَقَالَ: قَالَ عُمَرُ: وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا [وَقَدْ قَالَ بَعْضُ النَّاسِ: يَقُومُ عَلَيْهِمْ] وَهُوَ قَوْلٌ شَنِيعٌ وَلَا أَرَاهُ يُعْجِبُنِي.
    وَكَذَلِكَ نَقَلَ عَنْهُ صَالِحٌ سَوَاءً.
    وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " بَابُ أَخْذِ الْجِزْيَةِ مِنَ الْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ " حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى الْجُعْفِيِّ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: بَلَغَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ نَاسًا يَأْخُذُونَ الْجِزْيَةَ مِنَ الْخَنَازِيرِ، وَقَامَ بِلَالٌ فَقَالَ: إِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: لَا تَفْعَلُوا، وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا.
    وَحَدَّثَنَا الْأَنْصَارِيُّ عَنْ إِسْرَائِيلَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ أَنَّ بِلَالًا قَالَ لِعُمُرَ: إِنْ عُمَّالَكَ يَأْخُذُونَ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ فِي الْخَرَاجِ، فَقَالَ: لَا تَأْخُذُوهَا مِنْهُمْ، وَلَكِنْ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا، وَخُذُوا أَنْتُمْ مِنَ الثَّمَنِ.
    قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " يُرِيدُ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ مِنْ جِزْيَةِ رُءُوسِهِمْ وَخَرَاجِ أَرَضِيهِمْ بِقِيمَتِهَا ثُمَّ يَتَوَلَّى الْمُسْلِمُونَ بَيْعَهَا، فَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ بِلَالٌ وَنَهَى عَنْهُ عُمَرُ، ثُمَّ رَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا ذَلِكَ مِنْ أَثْمَانِهَا إِذَا كَانَ أَهْلُ الذِّمَّةِ الْمُتَوَلِّينَ لِبَيْعِهَا ; لِأَنَّ الْخَمْرَ وَالْخَنَازِيرَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا يَكُونُ مَالًا لِلْمُسْلِمِينَ .
    وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنِي بِهِ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ اللَّيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ إِلَى الْعُمَّالِ يَأْمُرُهُمْ بِقَتْلِ الْخَنَازِيرِ، وَيَقْضِي أَثْمَانَهَا لِأَهْلِ الْجِزْيَةِ مِنْ جِزْيَتِهِمْ.
    قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهُوَ لَمْ يَجْعَلْهَا قِصَاصًا مِنَ الْجِزْيَةِ إِلَّا وَهُوَ يَرَاهَا مَالًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَإِذَا مَرَّ الذِّمِّيُّ بِالْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ عَلَى الْعَاشِرِ فَإِنَّهُ لَا يَطِيبُ لَهُ أَنْ يَعْشِرَهَا وَلَا يَأْخُذَ ثَمَنَ الْعُشْرِ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ الذِّمِّيُّ هُوَ الْمُتَوَلِّي لِبَيْعِهَا أَيْضًا. . . . وَهَذَا لَيْسَ مِنَ الْبَابِ الْأَوَّلِ وَلَا يُشْبِهُهُ ; لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ وَجَبَ عَلَى رِقَابِهِمْ وَأَرَضِيهِمْ، وَالْعُشْرُ هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ شَيْءٌ يُوضَعُ عَلَى الْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ أَنْفُسِهَا فَلِذَلِكَ ثَمَنُهَا لَا يَطِيبُ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «إِنَّ اللَّهَ إِذَا حَرَّمَ شَيْئًا حَرَّمَ ثَمَنَهُ» ".
    قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ أَفْتَى فِي مِثْلِ هَذَا بِغَيْرِ مَا أَفْتَى بِهِ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
    ثَنَا أَبُو الْأَسْوَدِ الْمِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ فَرْقَدٍ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِأَرْبَعِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ صَدَقَةَ الْخَمْرِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: بَعَثْتَ إِلَيَّ بِصَدَقَةِ الْخَمْرِ، وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ ، وَأَخْبَرَ النَّاسَ بِذَلِكَ، وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَسْتَعْمِلُكَ عَلَى شَيْءٍ بَعْدَهَا قَالَ: فَنَزَعَهُ.
    قَالَ: وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ عَنِ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ الضُّبَعِيِّ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى عَدِيِّ بْنِ أَرْطَاةَ: أَنِ ابْعَثْ إِلَيَّ بِتَفْصِيلِ الْأَمْوَالِ الَّتِي قِبَلَكَ مِنْ أَيْنَ دَخَلَتْ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِذَلِكَ وَصَنَّفَهُ لَهُ فَكَانَ فِيمَا كَتَبَ إِلَيْهِ مِنْ عُشْرِ الْخَمْرِ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، قَالَ: فَلَبِثْنَا مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ جَاءَ جَوَابُ كِتَابِهِ: إِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَذْكُرُ مِنْ عُشُورِ الْخَمْرِ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَإِنَّ الْخَمْرَ لَا يَعْشِرُهَا مُسْلِمٌ وَلَا يَشْتَرِيهَا وَلَا يَبِيعُهَا، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَاطْلُبِ الرَّجُلَ فَارْدُدْهَا عَلَيْهِ فَهُوَ أَوْلَى بِمَا كَانَ فِيهَا فَطَلَبَ الرَّجُلَ فَرُدَّتْ عَلَيْهِ الْأَرْبَعَةُ الْآلَافِ وَقَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِنِّي لَمْ أَعْلَمْ.
    قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَهَذَا عِنْدِي الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَإِنْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ قَدْ قَالَ غَيْرَ ذَلِكَ.
    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ كِلَاهُمَا عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ فِي الذِّمِّيِّ يَمُرُّ بِالْخَمْرِ عَلَى الْعَاشِرِ، قَالَ: يُضَاعَفُ عَلَيْهِ الْعُشُورُ.
    قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: إِذَا مَرَّ عَلَى الْعَاشِرِ بِالْخَمْرِ وَالْخَنَازِيرِ - عَشَرَ الْخَمْرَ وَلَمْ يَعْشِرِ الْخَنَازِيرَ. سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ يُحَدِّثُ بِذَلِكَ عَنْهُ.
    قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَقَوْلُ الْخَلِيفَتَيْن ِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَحِمَهُ اللَّهُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ أَلَّا يَكُونَ عَلَى الْخَمْرِ عُشْرٌ أَيْضًا، انْتَهَى.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jul 2009
    المشاركات
    454

    افتراضي

    بارك الله فيكم يا إخوان، من يعرف الضابط الذي يعتمد عليه الحنفية في إباحتهم الكثير من المعاملات المحرمة العين مع غير المسلمين ، وهل هو مطلق أم مقيد ؟

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وفيك بارك الله أخي الكريم .
    لعل القول عندهم بجواز التعامل بالعقود الفاسدة خارج ديار الإسلام هو منشأ كلامهم في تلك المسائل .
    والأصل أن دار الكفر ليست ناسخة للمحرمات ، وأن الحرمة لا تتغير بتغير الأماكن ، فالربا والزنى والخمر والخنزير حرام فوق كل أرض وتحت كل سماء ، دار الإسلام ودار الحرب في ذلك سواء ، والله أعلم .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم يا إخوان، من يعرف الضابط الذي يعتمد عليه الحنفية في إباحتهم الكثير من المعاملات المحرمة العين مع غير المسلمين ، وهل هو مطلق أم مقيد ؟

    بارك الله فيك يا أخي الكريم.
    الذي أعرفه أن هذه المسألة مرتبطة بمسألة أصولية وهي : هل الكفار مخاطَبون بفروع الشريعة؟ وهي مسألة خلافية مشهورة، وجمهور الأحناف على أنهم غير مخاطبين بها، ويعزى ذلك إلى أبي حنيفة رحمه الله.
    قال الإمام النووي-رحمه الله- في المجموع:" قال المتولي في كتاب البيع: التصرّف في الخمر حرام على أهل الذمّة عندنا (أي الشافعية)، وقال أبو حنيفة لايحرم. قال: والمسألة مبنيّة على خطاب الكفّار بالفروع، ومذهبنا أنهم مخاطبون." انتهى.
    وبعض من بحث المسألة وصل إلى أنه لانصّ لمتقدّمي الأحناف على هذه المسألة بعينها، وإنما استنبطها متأخروا الأصوليين من تفريعاتهم. وهذا القول ذكره الإمام السرخسي منهم.
    والله تعالى أعلم.

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وفي الرابط المشار إليه من قبل أخينا أبي البراء - وفقه الله - ذكر ذلك .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Dec 2008
    المشاركات
    808

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وفي الرابط المشار إليه من قبل أخينا أبي البراء - وفقه الله - ذكر ذلك .
    بارك الله فيكم يا شيخ ونفع بكم.
    ما أدركت أن ما وضع أبو البراء هو رابط حتى نبهتم عليه؛ كنت أحسبه سؤالاً.
    وجزاكم الله خيرًا.

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو بكر العروي مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم يا شيخ ونفع بكم.
    ما أدركت أن ما وضع أبو البراء هو رابط حتى نبهتم عليه؛ كنت أحسبه سؤالاً.
    وجزاكم الله خيرًا.
    بارك الله فيك، لابد أن تعي سر المهنة
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •