القواعد العشر في فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
د. أحمد بن سعد الغامدي
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد:
فهذه قواعد في فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، رجوت أن يستفيد منها من يراها من إخواني المسلمين، لا سيما الشباب والشابات منهم لما ألمسه فيهم من تتيم بهذه الشعيرة المباركة .
والحديث لا يدور هنا عن فضائل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا عن أدلة وجوبه، وما شابه ذلك، وإنما هي قواعد كلية تكون بمثابة المنارات في طريق الحسبة.
والله تعالى أسأل أن ينفع بها، وأن يجعلها عملا خالصاً لوجهه الكريم.

القاعدة الأولى : إن المعروف ما عرف في الشرع والعقل حسنه، والمنكر خلافه، فلا خلاف بين نص صحيح صريح، وعقل سليم صحيح ، فالقياس الفاسد، والإستحسان الباطل لا يقررهما.

القاعدة الثانية: إن الآمر والناهي هو الشارع الحكيم، وغيره آمر وناهي، ومأمور ومنهي منه، خلافاً لأرباب البدع.
القاعدة الثالثة: إن الأصل في الحسبة تعبيد الخلق لله تعالى، وامتثال الأمر، وتحصيل الأجر، ودرء المفاسد، وجلب المصالح، فحظوظ النفس سراديب الشرك.
القاعدة الرابعة: ليس من شأننا التنقيب عن المنكر الخفي، فالمتضرر صاحبه.

القاعدة الخامسة: إنه ليس مراد الشارع الأمر والنهي المجردين فقط، بل إيقاع المأمور به، والمنهي عنه، من أهله على أهله، مع مراعاة الحال، والمقال، والزمان، والمكان . فمن حمل الناس على أمر واحد تعب وأتعب.
القاعدة السادسة: إن الآمر والناهي: إما عالم وأمر بالحكمة، فأصاب مقاصد الشريعة، أو بغيرها فمفسدته راجحة، ومثل الأ خير الجاهل المخطئ، ولا يكون جهله إلا مركباً.
فالأول لله هو كم من نائم أيقضه، وشارد رده، وعابد بصره، وفتنة دهماء صدها.
ومن أمر بغير حكمة من أهل العلم، فقد صد عن سبيل الله تعالى، ووقف على أبواب الهدايه، فنفر, وأجلب العداوة بخيلها ورجلها.
والجاهل فيما جهله ليس من أهل الأمر والنهي، لافتقاره إليه، فإن احتسب، فحاصل احتسابه مفسدة محققة، تدور بين صغرى البدع وكبراها، وفي أهل التصوف والتشيع عبر.

القاعدة السابعة: المأمور إما عالم، وما جاهل، مستجيب أو مكابر، فالمستجيب محمود في الدنيا والآخرة، والمكابر يلزم بالحق من السلطان أو نائبه انتهاء .

القاعدة الثامنة: إن المأمور به لا يخرج عن حق أو باطل، أو فيه حق وباطل، أو موهم، فالحق مقبول مع شكر قائله، والباطل مردود في ألطف عبارة، مع حمل قائله على إرادة الإصلاح، وما فيه حق وباطل يقبل الحق، ويرد الباطل كما سبق، والموهم نتوقف ونستفصل عن المراد منه، فإن كان حقاً قبل، وإن كان باطلاً رد، ومن ظهر بطلان احتسابه احتسبنا عليه بمقاصد الشريعة، والجاهل يسأل أهل العلم.
القاعدة التاسعة: الحرص على طلاقة الوجه، و مجانبة اليأس في إصلاح الناس، والرفق واللين في الاحتساب عليهم، واعتقاد إرادة الصلاح منهم، وحرصهم على الامتثال فوراً، وتوطين النفس على قبول أعذارهم، ومحبتهم والدعاء لهم .

القاعدة العاشرة: إذكاء روح الحسبة في قلوب الناس، بالوسائل المشروعة، من غير غلو ولا تفريط.
هذا ما أردت وقد شرحت هذه القواعد في رسالة بعنوان: (القواعد والأصول في فقه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). عسى أن تنشر قريباً.

وفق الله الجميع والحمد لله أولاً وأخراً، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.