هذه مقالة تحوي لطائف علمية في الإجازة، دبجها الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل الشيخ وفقه الله وسدده...
فإلى المقالة..

الشيخ عبداللطيف بن الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب (ت 1293هـ) من أشهر علماء القرن الثالث عشر، وسيرته حافلة بالكثير من الأحداث التي عاصر فيها آخر أئمة الدولة السعودية الأولى، وجلَّ أئمة الدولة السعودية الثانية.

ونحن في هذا المقال سنتناول إجازته -رحمه الله- لتلميذه الشيخ محمد بن عمر بن سليم (ت 1308هـ) وهي نسخة منقولة من الأصل الذي عليه ختم المُجِيز، وتوجد في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية تحت رقم: (6153).

وجدير ذكره أن جد الشيخ محمد بن عمر بن عبدالعزيز بن سليم كان من سكان الدرعية، وأن والده هاجرها إلى بريدة بعد خرابها سنة 1233هـ، حيث ولد محمد هناك، فشرع في القراءة على شيوخ عدة في القصيم، ومن أجلِّهم العلامة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين أثناء توليه قضاء عنيزة، غير أن شغفه بالعلم لم يجعله يكتفي بما حصل من العلوم في القصيم، فعزم على الرحيل إلى مدينة الرياض للقراءة على العلامة الشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ، وكذا على ابنه العلامة الشيخ عبداللطيف صاحب الإجازة التي سنتناولها في مقالنا هذا.

ويجدر كذلك أن نذكر أن المجاز وابن عمه الشيخ محمد بن عبدالله بن سليم (ت 1325هـ) كانا يحظيان باهتمام خاص من قبل الشيخ عبدالرحمن بن حسن وابنه الشيخ عبداللطيف.

وقد ابتدأ الشيخ عبداللطيف الإجازة «بالبسملة»، وهو ديدن العلماء في هذا الأمر، ثم اتبع ذلك ذكر المُجِيز: «من عبداللطيف بن عبدالرحمن» ثم ذكر المُجَاز: «إلى الأخ المكرم محمد بن عمر آل سليم». ولنا هنا وقفة إِذ أن الشيخ ابن سليم أثناء تدبجه الإجازة كان عمره ثماني وثلاثين سنة، فهو كبير في السن، وهو ما يفسر لنا تقديم الشيخ عبداللطيف المُجَاز بالأخ، ثم أعقب ذلك بالدعاء: «سلمه الله تعالى، وأسبغ عليه سوابغ فضله العميم آمين»، ثم: «السلام..»، ثم ذكر المُجِيز فضلَ المُجَاز، وحاجة الناس له ولعلمه، وقضائه؛ وهنا يجدر بنا لكي نفهم هذا النص أن نذكر أن الشيخ محمد بن عمر بن سليم كان رافضًا تولي القضاء، ويبدو أن إلحاح شيخه - الذي لا شك يحظى بمكانة عالية لديه - كان له دورٌ في قبوله للقضاء، ونص كلام الشيخ عبداللطيف -رحمه الله- : «فلا يخفاك حاجة الناس إلى تعليم مثلك وتدريسه وإفتائه، وقد تعين الأمر على أمثالكم، ونشر العلم، والحكم بالقسط، والعدل في مواطن القضاء من أفضل الأعمال، ومن موجبات الإثابة والرضا»، ثم بيَّن الشيخ عبداللطيف أنه قد أذن له بكل ذلك حيث قال: «وقد أذنت لك بالإقراء، والتدريس، والإفتاء بما ترجح عندك من كلام أهل العلم»، ثم أوضح -رحمه الله- شرطه بقوله: «بشرط أن يكون لك فيه سلف صالح من مشايخ الإسلام، وأئمة الهدى»، ثم ختم إجازته بالدعاء له فقال: «واسأل الله لك التوفيق والتسديد»، ثم بيَّن له طريق ذلك حيث قال: «وملازمة التقوى من أعظم الأسباب التي تحصل بها الهداية وتدرك بها الاصابة، ويظهر بها الحق، قال تعالى: ‏{‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا‏} ‏[‏الطلاق‏: 2‏]، وهي وصية الله إلى عباده»، ثم أوضح -رحمه الله- شرط ذلك بقوله: «لكن تحتاج إلى العلم بأصولها وتفاصيلها على القلوب والجوارح»، ثم أوصاه فقال: «وأوصيك بالدعاء لأخيك فإنه من أرجاء أدعية الإجابة سؤال المرء لأخيه المؤمن في ظهر الغيب»، وختم الإجازة «بالسلام..»، والتاريخ: «9 رجب 1283هـ».

وأخيرًا نلحظ أن هذه الإجازة قد خلت من ذكر ما اعتاده المجيزون في إجازاتهم من ذكر أسانيد الأحاديث والكتب، فهي إجازة مختصرة عامة.