تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 21 إلى 26 من 26

الموضوع: ما اختُصَّ به النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن غيرهِ من الأنبياء في الدنُّيا

  1. #21
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي


    17- جعلت له ولأمته الأرض مسجدًا وطهورًا:


    ففي حديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي، وفيه: (وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ).[68]

    اختلف في بيان ما خصص به على الأمم قبله في ذلك فقيل: إن الأمم الماضية لم تكن الصلاة تباح لهم إلا في مواضع مخصوصة كالبيع والكنائس، وقيل: كانوا لا يصلون إلا فيما تيقنوا طهارته من الأرض وخصصت هذه الأمة بجواز الصلاة في جميع الأرض إلا ما تيقنت نجاسته حكاهما القاضي عياض.[69]

    قال ابن هُبيرة: (يعني أن الله سبحانه أباحه الأرض شرقها وغربها، وأنها جعلت له مسجدًا، وهذا مما يدل على كل عاقل أن الله تعالى علم كثرة أمته، وأنه لا يسعهم مسجد ولا جامع فجعل الأرض لهم كلها مسجدًا، فأباح الله سبحانه وتعالى الصلاة في كل موضع من الأرض، ثم لما علم الله عز وجل من حرص أمته على الطهور واهتمامهم بصلواتهم، أباحهم البسيطين، الثرى والماء، لطهورهم، فأوجب عليهم الطهارة بالماء إذا وجدوه، والتراب إذا عدموه).[70]

    وقال ابن حجر: (قوله: (وجعلت لي الأرض مسجدًا)، أي: موضع سجود لا يختص السجود منها بموضع دون غيره ويمكن أن يكون مجازًا عن المكان المبني للصلاة وهو من مجاز التشبيه؛ لأنه لما جازت الصلاة في جميعها كانت كالمسجد في ذلك، قال ابن التين: قيل: المراد جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا وجعلت لغيري مسجدًا ولم تجعل له طهورًا؛ لأن عيسى كان يسيح في الأرض ويصلي حيث أدركته الصلاة كذا قال، وسبقه إلى ذلك الداودي، وقيل: إنما أبيحت لهم في موضع يتيقنون طهارته بخلاف هذه الأمة فأبيح لها في جميع الأرض إلا فيما تيقنوا نجاسته، والأظهر ما قاله الخطابي، وهو: أن من قبله إنما أبيحت لهم الصلوات في أماكن مخصوصة كالبيع والصوامع، ويؤيده رواية عمرو بن شعيب بلفظ: (وكان من قبلي إنما كانوا يصلون في كنائسهم)[71]، وهذا نص في موضع النزاع فثبتت الخصوصية، ويؤيده ما أخرجه البزار من حديث ابن عباس نحو حديث الباب، وفيه: (ولم يكن من الأنبياء أحد يصلي حتى يبلغ محرابه).[72][73]

    [68] البخاري 335، ومسلم 521.

    [69] طرح التثريب في شرح التقريب 2/ 106.
    [70] الإفصاح في معاني الصحاح 8/ 312.
    [71] أحمد 7068، وحسنه محققو المسند، بلفظ: وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسَاجِدَ وَطَهُورًا، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِي الصَّلَاةُ تَمَسَّحْتُ وَصَلَّيْتُ، وَكَانَ مَنْ قَبْلِي يُعَظِّمُونَ ذَلِكَ، إِنَّمَا كَانُوا يُصَلُّونَ فِي كَنَائِسِهِمْ وَبِيَعِهِمْ.
    [72] البزار 4776، بلفظ: وَلَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ يُصَلِّي حَتَّى يَبْلُغَ مِحْرَابَهُ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 8/ 463: رواه البزار وفيه من لم أعرفهم.
    [73] فتح الباري 1/ 437- 438.

    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/spotlight/0/89646/#ixzz3kCk398jr

    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  2. #22
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    Lightbulb


    18 - أحلَّ له الغنائم:
    عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ، وَأُحِلَّتْ لِي المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً).[74]

    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لاَ يَتْبَعْنِي رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ، وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا؟ وَلَمَّا يَبْنِ بِهَا، وَلاَ أَحَدٌ بَنَى بُيُوتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سُقُوفَهَا، وَلاَ أَحَدٌ اشْتَرَى غَنَمًا أَوْ خَلِفَاتٍ وَهُوَ يَنْتَظِرُ وِلاَدَهَا، فَغَزَا فَدَنَا مِنَ القَرْيَةِ صَلاَةَ العَصْرِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: إِنَّكِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ، فَجَمَعَ الغَنَائِمَ، فَجَاءَتْ يَعْنِي النَّارَ لِتَأْكُلَهَا، فَلَمْ تَطْعَمْهَا فَقَال: إِنَّ فِيكُمْ غُلُولًا، فَلْيُبَايِعْنِ ي مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ رَجُلٌ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَلْيُبَايِعْنِ ي قَبِيلَتُكَ، فَلَزِقَتْ يَدُ رَجُلَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةٍ بِيَدِهِ، فَقَالَ: فِيكُمُ الغُلُولُ، فَجَاءُوا بِرَأْسٍ مِثْلِ رَأْسِ بَقَرَةٍ مِنَ الذَّهَبِ، فَوَضَعُوهَا، فَجَاءَتِ النَّارُ، فَأَكَلَتْهَا ثُمَّ أَحَلَّ اللَّهُ لَنَا الغَنَائِمَ رَأَى ضَعْفَنَا، وَعَجْزَنَا فَأَحَلَّهَا لَنَا).[75]

    قوله: (رَجُلٌ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ): البُضْع: الفرج، والمباضعة: المجامعة.

    وَالْبناء بِالْمَرْأَةِ: الدُّخُول بهَا، وأصل ذَلِك أَنهم كَانُوا يبنون بِنَاء لمن أَرَادَ أَن يدْخل بِزَوْجَتِهِ.

    قوله: (خَلِفَاتٍ)، جمع خلفة: وَهِي النَّاقة الحَامِل، وَأَرَادَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاء المَذْكُورَة جمع الهم، فَإِن الهمَّ إِذا تفرق ضعف فعل الْجَوَارِح، وَإِذا اجْتمع قوي، وَكَانَ من عَادَة الْأُمَم المُتَقَدّمَة أَنهم إِذا غزوا فغنموا نزلت نَار فَأكلت الْغَنَائِم، وَكَأَنَّهُم كَانُوا يحملون بِهَذَا على خلوص النِّيَّة فِي الْغَزَوَات لِئَلَّا يَقع قِتَالهمْ لأجل الْغَنِيمَة، فأبيحت الْغَنَائِم لهَذِهِ الْأمة لطفًا بهَا، وَكَأَنَّهَا لما غلب الْإِخْلَاص عَلَيْهَا لم تحتج إِلَى باعث عَلَيْهِ، فَكَانَ الْإِخْلَاص فِي الْجِهَاد أصل قَصدهَا، فَصَارَت الْغَنِيمَة تبعًا).[76]

    قوله: (فِيكُمْ غُلُولًا) وَهُوَ الْخِيَانَة فِي الْمغنم.

    قال الخطابي: (كان من تقدم على ضربين: منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم تكن لهم مغانم[77]، ومنهم من أذن له فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئًالم يَحِلَّ لهم أن يأكلوه وجاءت نار فأحرقته)، قال ابن حجر: (وقيل المراد أنه خص بالتصرف في الغنيمة يصرفها كيف يشاء، والأول أصوب، وهو: أن من مضى لم تحل لهم الغنائم أصلًا).[78]

    قال ابن هُبيرة: (هذا يذكره - صلى الله عليه وسلم - مبينًا به فضل أمته، فإنه يعني أن إيمان أمته زاد وصدق إلى أن لا يضره تناول الغنيمة في إخلاصهم في الجهاد، فإن من كان قبلهم إنما كانت الغنائم تأكلها النار؛ من أجل إيمان من تقدم لم يكن في قوة إيمان هذه الأمة؛ إذ الغنائم لا يؤثر تناولها في إخلاصهم في جهادهم وإرادتهم به وجه مولاهم وخالقهم، وكان ذلك لنزول إيمان من تقدم عن درجة إيمان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تأكلها احتياطًا للغزاة، حينئذ جاهدوا من أجل الغنائم، من أجل الغنائم لأمة محمد يشير أن مقامهم أشرف من أن يكون جهادهم لأجل الغنائم).[79]


    [74] البخاري 335، ومسلم 521.
    [75] البخاري 3124.
    [76] كشف المشكل من حديث الصحيحين 3/ 494.

    [77]هذا الذي ذهب إليه الخطابي يحتاج إلى دليل على ما ادعى؛ لأن الجهاد شريعة كل الأنبياء وهي شريعة معرفة بين التوراة والقرآن، أما القرآن فنصوصه كثيرة لا تخفى على مسلم، وأما التوراة فنصوصها كثيرة أيضًا هذه بعضها: تقول التوراة في سفر تثنية الاشتراع في الإصحاح العشرين تحت عنوان شرائع حصار وفتح المدن البعيدة.
    وحين تتقدمون لمحاربة مدينة فادعوها للصلح أولًا. فإن أجابتكم إلى الصلح واستسلمت لكم، فكل الشعب الساكن فيها يصبح عبيدًا لكم. وإن أبت الصلح وحاربتكم فحاصروها، فإذا أسقطها الرب إلهكم في أيديكم، فاقتلوا جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء والأطفال والبهائم، وكل ما في المدينة من أسلاب، فاغنموها لأنفسكم، وتمتعوا بغنائم أعدائكم التي وهبها الرب إلهكم لكم. هكذا تفعلون بكل المدن النائية عنكم التي ليست من مدن الأمم القاطنة هنا. انتهى.أما مدن الشعوب التي يهبها الرب إلهكم لكم ميراثا، فلا تَسْتَبْقوا فيها نَسَمَة حية، بل دمروها عن بكرة أبيها، كمدن الحثِّيِّين والأموريين والكنعانيين والفرزيين والحويين واليبوسيين، كما أمركم الرب إلهكم، لكي لا يعلِّموكم رجاستهم التي مارسوها في عبادة آلهتهم، فتغووا وراءهم وتخطئوا إلى الرب إلهكمانظر: الكتاب المقدس التوراة سفر التثنية: الأصحاح العشرين: 10-18 صـ392،393.
    [78] نقلًا من فتح الباري لابن حجر 1/ 438 . انتهى من كتاب ذاكرة سجين مكافح: 5/ 107.
    [79] الإفصاح عن معاني الصحاح 8/ 312.

    رابط الموضوع: http://www.alukah.net/spotlight/0/89646/#ixzz3kCkd9Qnt



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #23
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي


    19 - الاصطفاء من الغنيمة:



    عن يَزِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ قَالَ: كُنَّا بِالْمِرْبَدِ، فَجَاءَ رَجُلٌ أَشْعَثُ الرَّأْسِ بِيَدِهِ قِطْعَةُ أَدِيمٍ أَحْمَرَ، فَقُلْنَا: كَأَنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَة؟ فَقَالَ: أَجَلْ، قُلْنَا: نَاوِلْنَا هَذِهِ الْقِطْعَةَ الْأَدِيمَ الَّتِي فِي يَدِكَ، فَنَاوَلَنَاهَا ، فَقَرَأْنَاهَا، فَإِذَا فِيهَا: (مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ إِنَّكُمْ إِنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَأَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ، وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ، وَأَدَّيْتُمُ الْخُمُسَ مِنَ المَغْنَمِ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّفِيَّ، أَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)، فَقُلْنَا: مَنْ كَتَبَ لَكَ هَذَا الْكِتَابَ، قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.[80]

    وعَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: (كَانَتْ صَفِيَّةُ مِنَ الصَّفِيِّ).[81]

    الصفية: جمعها صفايا، وهي ما يختاره النبي صلى الله عليه وسلم قبل القسمة من الغنيمة، كسيف ودرع ونحوهما، ومنه صفيّة أمّ المؤمنين الّتي اصطفاها من المغنم لنفسه.
    قال الخطابي: (وأما الصفي فهو: ما يصطفيه من عرض الغنيمة من شيء قبل أن يخمس عبد أو جارية أو فرس أو سيف أو غيرها وكان النبي صلى الله عليه وسلم مخصوصًا بذلك مع الخمس الذي له خاصة).[82]

    قال ابن عبد البر: (سهم الصفي لرسول الله صلى الله عليه وسلم معلوم وذلك أنه كان يصطفي من رأس الغنيمة شيئًا واحدًا له عن طيب أنفس أهلها ثم يقسمها بينهم على ما ذكرنا وأمر الصفي مشهور في صحيح الآثار معروف عند أهل العلم ولا يختلف أهل السير أن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت من الصفي).[83]

    قال البغوي: (ومن خصائصه أنه كان يسهم له من الغنيمة كسهم رجل ممن شهد الوقعة، سواء حضرها أو غاب عنها).[84]

    [80] أبو داود 2999، والسنن الكبرى للبيهقي 13368، قال الألباني صحيح الإسناد.
    [81] أبو داود 2994، وابن حبان 4822، وصححه الألباني.
    [82] معالم السنن 3/ 29.
    [83] التمهيد 20/ 43.
    [84] شرح السنة 11/ 137.

    رابط الموضوع:
    http://www.alukah.net/spotlight/0/89646/#ixzz3ktiB4a6e
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #24
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي


    20- تعرض صلاة أمته عليه:



    ففي حديث أَوْسِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، وفيه: (فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ).[85]

    هذا الحديث يدلنا على أن صلاتنا تعرض على النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس مختصًا بيوم الجمعة فقط فقد جاء في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ).[86]
    وقال عليه الصلاة والسلام: (لَا تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا وَلَا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ).[87]

    أي: بواسطة الملائكة؛ ولكن نصَّ على يوم الجمعة لخصوصيته، فلا ينافي ذلك ما جاء في الأحاديث الأخرى من أن الصلاة تعرض عليه في كل وقت وحين كما جاء ذلك في الأحاديث التي أشرنا إليها.
    وهذا الحديث دليل على أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم أحياء في قبورهم حياة برزخية تختلف عن حياة الدنيا، وتختلف عن الحياة الآخرة بعد البعث والنشور، فلا يقال: إن حياتهم في قبورهم كحياتهم في الدنيا، بل حياتهم في البرزخ تختلف عن حياتهم في الدنيا، وتختلف عن حياتهم بعد البعث والنشور، والمؤمن يصدق بكل ما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، ويؤمن بكل ما أخبر به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
    وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء، وأنهم باقون في قبورهم على الهيئة التي وضعوا عليها لا تأكلهم الأرض، بل أجسادهم باقية، وهم أحياء في قبورهم حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء التي قال الله عز وجل فيها: ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169].

    فأخبر عن الشهداء بأنهم أحياء، ورسل الله الكرام هم أكمل حياة من الشهداء، والحياة البرزخية لا يختص بها الأنبياء ولا الشهداء، بل هي ثابتة لكل من يموت، فكل من يموت في نعيم أو: عذاب، فيصل إلى جسده وروحه من النعيم أو: العذاب ما يستحقه، وحتى لو أن الأرض أكلت لحوم البشر من غير الأنبياء فإن العذاب يصل إلى من يستحقه، والنعيم يصل إلى من يستحقه، ولا تلازم بين كون الأرض تأكله وبين كونه لا يصل إليه النعيم أو: العذاب؛ لأن حياة البرزخ من أمور الغيب التي لا يعلمها إلا الله عز وجل.

    [85] أبو داود 1047، والنسائي 1374، وأحمد 16162، وصححه الألباني.
    [86] النسائي 1282، والحاكم في المستدرك 3576، وصححه، وكذا الألباني.
    [87] أبو داود 2042، وأحمد 8804، وصححه الألباني.

    رابط الموضوع:
    http://www.alukah.net/spotlight/0/89646/#ixzz3ktiqmsBZ



    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  5. #25
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي


    21- أن ما بين بيته ومنبره روضة من رياض الجنة:



    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ المَازِنِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ).[88]

    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا بَيْنَ بَيْتِي وَمِنْبَرِي رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الجَنَّةِ، وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي).[89]

    وقد اختلف العلماء في معنى قوله: (روضة من رياض الجنة):
    القول الأول: أن ذلك الموضع بعينه ينقل إلى الجنة؛ لأنه موضع من مواضع الجنة وروضة من رياضها.
    والثاني: أن العبادة فيه تؤدي بصاحبها إلى الجنة.

    قال ابن بطال: (الروضة فى كلام العرب المكان المطمئن من الأرض فيه النبت والعشب، وإنما عنى صلى الله عليه وسلم أن ذلك الموضع للمصلي فيه، والذاكر الله عنده والعامل بطاعته كالعامل فى روضة من رياض الجنة، وأن ذلك يقود إلى الجنة).[90]

    وقال ابن عبد البر: (في تأويل قول النبي صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري ورُوِيَ ما بين قبري[91] ومنبري روضة من رياض الجنة فقال قوم معناه: أن البقعة ترفع يوم القيامة فتجعل روضة في الجنة، وقال آخرون: هذا على المجاز قال أبو عمر-ابن عبد البر- كأنهم يعنون أنه لما كان جلوسه وجلوس الناس إليه يتعلمون القرآن والإيمان والدين هناك شبه ذلك الموضع بالروضة لكرم ما يجتنى فيها وأضافها إلى الجنة؛ لأنها تقود إلى الجنة كما قال صلى الله عليه وسلم: (الجنة تحت ظلال السيوف)، يعني: أنه عمل يوصل به إلى الجنة، وكما يقال: الأم باب من أبواب الجنة يريدون أن برَّها يوصل المسلم إلى الجنة مع أداء فرائضه، وهذا جائز سائغ مستعمل في لسان العرب والله أعلم).[92]

    قوله: (وَمِنْبَرِي عَلَى حَوْضِي)، أي: ينقل المنبر الذي كان عليه أثناء هذه الكلمة وأثناء هذه المقالة يوم القيامة فينصب على حوضه عليه الصلاة والسلام.

    [88] البخاري 1195.


    [89] البخاري 1196.


    [90] شرح البخاري لابن بطال 3/ 184.
    [91] الروايات التي ذكر فيها قبري بدل بيتي خطأ كما قال ابن عبد البر في التمهيد 17/ 181: وهذا أيضًا إسناد خطأ لم يتابع عليه ولا أصل له، وكذا ابن حجر في الفتح 4/ 100: ووقع في رواية ابن عساكر وحده قبري بدل بيتي، وهو خطأ، وهذا حال غالب من يروي الأحاديث بالمعنى، أنه يقع في تغيير بعض الألفاظ التي قد تغير الحكم، لذا منع بعض العلماء الرواية بالمعنى لغير العالم باللغة والأحكام وما تحيله إليه من معاني.
    [92] التمهيد 2/ 287.

    رابط الموضوع:
    http://www.alukah.net/spotlight/0/89646/#ixzz3ktjMCtHn
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  6. #26
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    22- بيانه لصفة الدجال لأمته:


    قَالَ ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاسِ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ الدَّجَّالَ فَقَالَ: (إِنِّي لَأنْذِرِكُمُوه ُ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَنْذَرَهُ قَوْمَهُ، لَقَدْ أَنْذَرَ نُوحٌ قَوْمَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ لَكُمْ فِيهِ قَوْلًا لَمْ يَقُلْهُ نَبِيٌّ لِقَوْمِه: تَعْلَمُونَ أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ).[93]


    قال ابن حجر: (قيل: إن السر في اختصاص النبي صلى الله عليه وسلم بالتنبيه المذكور مع أنه أوضح الأدلة في تكذيب الدجال، أن الدجال إنما يخرج في أمته دون غيرها ممن تقدم من الأمم، ودلَّ الخبر على أن علم كونه يختص خروجه بهذه الأمة كان طوي عن غير هذه الأمة كما طوي عن الجميع علم وقت قيام الساعة، قوله: (أَنَّهُ أَعْوَرُ، وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ)، إنما اقتصر على ذلك مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة لكون العور أثر محسوس يدركه العالم والعامي ومن لا يهتدي إلى الأدلة العقلية فإذا ادعى الربوبية وهو ناقص الخلقة والإله يتعالى عن النقص علم أنه كاذب، وزاد مسلم في رواية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومئذ للناس وهو يحذرهم: (تَعَلَّمُوا أَنَّهُ لَنْ يَرَى أَحَدٌ مِنْكُمْ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يَمُوتَ).[94]

    وفيه تنبيه على أن دعواه الربوبية كذب؛ لأن رؤية الله تعالى مقيدة بالموت والدجال يدعي أنه الله ويراه الناس مع ذلك).[95]
    قال التوربشتي: (يحتمل أن أحدًا من الأنبياء لم يكاشف أو يخبر بأنه أعور، ويحتمل أنه أخبر، ولم يُقدَّر له أن يخبر عنه كرامة لنبينا - صلى الله تعالى عليه وسلم - حتى يكون هو الذي يبين بهذا الوصف دحوض حجته الداحضة ويبصر بأمره جهال العوام، فضلًا عن ذوي الألباب والأفهام).[96]

    [93] البخاري 3337، ومسلم 169، ومن أراد أن يتوسع في مسألة الدجال ومعرفة الأحاديث الواردة فيه، فليراجع كتاب: قصة المسيح الدجال للألباني.
    [94] مسلم 169 .
    [95] فتح الباري 13/ 96.
    [96] مرقاة المفاتيح 8/ 487.

    رابط الموضوع:
    http://www.alukah.net/spotlight/0/89646/#ixzz3ktjweEtZ
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •