جزاء الظالمين في ضوء سورة الكهف:
جمع وترتيب الراجي عفو ربه: (أبو البراء محمد بن عبد المنعم آل علاوة).
حوت سورة الكهف في طياتها وبين دفتيها وعيد وجزاء للكافرين والظالمين في الدنيا والآخرة، ما يجعل الفطن الذكي يرتعد خوفًا من ربِّ العزة جلَّ جلاله فيتحرك عملًا بما يرضي ربه ويبتعد عن كل ما يكرهه:
- (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا). فلا أحد أشد ظلمًا ممن اختلق على الله الكذب بنسبة الشريك إليه في عبادته.
- (إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا). إن الظالمين لو اطلعوا على أهل الحق المتمثلين في فتية الكهف يقتلوهم رجمًا بالحجارة أو يردهم إلى دينهم فصيروا كفارًا، ولن تفوزا بالجنة لو أطعتموهم في ظلمهم وغيِّهم.
- (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا). أُعِدَ للكافرين نارًا شديدة أحاط بهم سورها، وإن يستغيثوا بطلب الماء من شدة العطش، يُؤتَ لهم بماء كالزيت العَكِر شديدة الحرارة يشوي وجوههم، وفي هذا وعيد وتهديد لمن أعرض عن الحق، فلم يؤمن برسالة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يعمل بمقتضاها.
- (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَاوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا). ووضع كتاب أعمالهم وحين يطالعون من فيه من ظلم فعلوه وما قدموه من جرائم، يقولون يا هلاكنا! ما لهذا الكتاب لم يترك صغيرة مِن أفعالنا ولا كبيرة إلا أثبتها، ووجدوا كلَّ ما عملوه حاضرًا مثبتًا وليس ربك بظالم لأحدٍ فلا يُنقص طائع من ثوابه، ولا يزاد عاصٍ في عقابه.
- (وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا). فلما شاهد المجرمون النار، أيقنوا أنهم واقعون فيها لا محالة، ولم يجدوا عنها مخرجًا للانصراف عنها إلى غيرها.
- (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا). ولا أحد أشد ظلمًا ممن ذُكِّرَ بآيات ربه الواضحة فانصرف عنها إلى باطله ونسي ما قدَّمته يداه من الأفعال القبيحة فلم يرجع عنها، فهؤلاء عاقبهم الله بأن جعل على قلوبهم أغطية فلم يفهموا القرآن ولم يدركوا ما فيه من الخير، وجعل على آذانهم ما يشبه الصمم فلا يسمعوا القرآن ولم ينتفعوا به، وإن تدعوهم للإيمان فلن يستجيبوا ولن يهتدوا له أبدًا.
- (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا). القرى التي ظلمت بكفرها جعل الله لها الهلاك في موعد وميقات لم بلغوه جاءهم العذاب فأهلكهم.
- (قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا). أما الظالم لنفسه بكفره بربه فسوف يعذب في الدنيا ثم يرجع لربه فيعذبه عذابًا عظيمًا في نار جهنم.