إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء واتقوالله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فوزا فوزا ً عظيماً)أما بعد:فإننا على مشارف شهر رمضان المبارك لا يفصلنا عنه إلا ايام قلائل نسأل الله أن يفسح في الأجل وأن يبلغنا وإياكم إياه إنه سميع الدعاء. إنه شهر عظيم مبارك شرع الله صيام نهاره وقيام ما تيسر من ليله واختصه بليلة هي خير من ألف شهر فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.شهر مبارك له بالقرآن صلة خاصة. إنه القرآن العظيم الكتاب المبارك الذي يهدي لكل خير الكتاب الذي يشرح الله به الصدور ويضاعف بتلاوته الأجور ويرفع به أهله التالين له العاملين بما فيه الدرجاتِ العلية والمنازلَ السَّنية.ففيه أنزل الله القرآن. فنزل أولُ مانزل منه على محمد صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر في رمضان (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وليلة القدر في رمضان كما قال تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان).وفي رمضان كان جبريل ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم كل ليلة فيدارسه القرآن حتى كانت أخر سنة صامها عليه الصلاة والسلام وقد صام تسع رمضانات عارضه القرآن مرتين.وفهم الصحابة والسلف من هذا أنه ينبغي للمسلم أن يضاعف اهتمامه بالقرآن في هذا الشهر فيحرص على تلاوته وعلى ختمه أكثر من مرة.أيها المسلمون : لقد شرع الله صيام هذا الشهر وقيامه لتطهير القلوب وصقلها وتربيتها على الصبر الجميل الذي به تقاوم شهوات النفس الأمارة بالسوء فيسهل على المسلم أخذ نفسه بفعل الأوامر واجتناب النواهي والصبر على ما يقع من مُر المقادير في رحلة الأيام والليالي قال تعالى مبيناً حكمة الصوم وغايته (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فليست غايته التعذيب بالجوع والعطش فالله غني عنا وعن عباداتنا ولكن الغاية منه التربية على التقوى حتى ينال الصائم ما وعد الله به المتقين من سعادة الدنيا والآخرة.

فاستقبلوا هذا الشهر الكريم بالتوبة النصوح فإن العمل الصالح يتبعه عمل صالح كما قال تعالى (والذين اهتدوا زادهم هدى) فمن قدم عملاً صالحاً مبروراً حري إن شاء الله أن يوفق في شهر رمضان وأن ييسر فيه لصالح الأعمال. واستقبلوه بالتفقه في أحكام الصيام والقيام وأداب الصائم وما ينبغي أن يكون عليه يوم صومه حتى تعبدوا ربكم على بصيرة فإن الصوم تبطله المفطرات وتنقص أجره الذنوب والسيئات. وتضعف من أثره وفائدته الأخلاق المسترذلة كالمخاصمات والمشاتمات.واستقبلوه بمدارسة ما جاء فيه من الفضل في الكتاب والسنة و مدارسة ما كان عليه السلف الصالح في هذا الشهر حتى تنشطوا في الاجتهاد والاقتداء قدر الإمكان بأولئك الصالحين الأخيار.اللهم بلغنا رمضان وارزقنا صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً اللهم بلغنا ليلة القدر وارزقنا قيامها إيماناً واحتساباً.أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

أما بعد:

فاتقوا الله عباد الله وأحسنوا الاستعداد لشهر رمضان بالتوبة وصالح الأقوال والأعمال، وتجنبوا استعداد أهل الغفلة والجهل فإنهم قد هيئوا انفسهم لاستقباله بنوم أكثر نهاره وبسهر ليله لا على الصلوات والآيات وإنما على اللعب واللهو والغفلة ومتابعة الأفلام والمسلسلات التي لا تخلو من منكرات الكذب والمعازف والصور الفاتنة والأفكار المنحرفة.فاحذروا شياطين الإنس والجن واحذروا خططهم لإفساد هذا الشهر الكريم وتدنيس طهره وقدسيته.

إن لحظات شهر رمضان أغلى من أن تهدر في أمور مباحة لا نفع فيها ولا طائل من ورائها فكيف بإهدار ايامه الفاضلة ولياله المباركة فيما حرمه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.واقتصدوا قدر الإمكان في الإنفاق على المطاعم والمشارب فإن كثيراً من الناس يسرف في الشراء لهذا الشهر ثم يسرف فيما يقدم على سفرة طعامه. والإسراف والتبذير ليس من أخلاق أهل الإيمان إنما هو من أخلاق الشيطان وكان الشيطان لربه كفوراً.

إن الاقتصاد في تناول المباحات كما أن فيه حمايةً للابدان من الأمراض المعوية ففيه حماية للقلوب من أمراضها المعنوية فقد نص أهل العلم إن الأفراط في المباحات من طعام وشراب. وكلام ومنام يسبب غفلة القلب وقسوته. وإذا غفل القلب وقسا حيل بينه وبين تدبر آيات الله ومواعظه وكسل صاحبه عن كثير من الطاعات والخيرات.ثم اعلموا أن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة ضلالة وكل ضلالة في النار

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واحم حوزة الدين وانصر عبادك الموحدين, ودمر أعداءك أعداء الدين.اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين ، اللهم أصلح احوال المسلمين في كل مكان اللهم ارفع البأساء والضراء عن إخواننا في سوريا والعراق ، اللهم احقن دماءهم وأمن روعاتهم واستر عوراتهم وألف بين قلوبهم واجمع على الحق كلمتهم وأسبغ عليهم عافيتك وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف. برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم أصلح حكام المسلمين واجمع كملتهم على الحق ، واجمع عليهم قلوب رعاياهم واجعلهم رحمة للبلاد والعباد، واستعملهم في طاعتك ونصرة دينك يا ذا الجلال والإكرام. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي بعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروا له على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون