حقيقة كثر الكلام حول هذا الموضوع، وكلٌّ يفتي من عنده - أقصد عوام الناس - وما يحيرني، أني سألت أحد الدعاة فقال: لا يجوز وذكر الآية ( ولا تجسسوا ) وعندما ناقشته في أن التفتيش من باب المراقبة وبدافع الحرص، فكرر: لا يجوز، إلا بعلمهم ورضاهم، وعدم استغلال سيطرته عليهم. والحكم نفسه يجري على الأم مع ابنتها، والأخت الكبرى مع أخواتها.
والشرع لا ينهى عن شيء إلا وفيه مصلحة؛ فالتجسس يسبب القطيعة والخلاف، بل وأرى أنه من الإهانة، فكيف يجرؤ أحد على تفتيش خصوصيات غيره ( وهو الأضعف بلا شك ) بدافع الظن، أولم ننهى عن الظن؟..
أهكذا تكون القوامة.. مبنية على انعدام الثقة..
متى يكون للشخص كلمته واستقلاليته إذا كان هناك من يفجأه في خصوصياته؟..
وفي هذه المسألة أيضا قرأتُ أن أحد الدعاة ذكر الآية: قال الله تعالى ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) )لقد ذكر الشيخ إن هذا دليل يجيز لولي أمر الفتاه أو الزوجة أو الأخت أن يفتش خواصها من باب أن يطمئن قلبه ولكن في حضورها وليس وبدون علمها وأن يذكر لها هذه الآية وقول لها ليس تشكيك فيك ولكن لكي يطمئن قلبي حتى لو كان هناك أمراً ما يعالجه بعقل وسويه قبل أن يقع مالا يحمد عقباه ... وذكر إن إبراهيم عليه السلام طلب من الله ذالك لكي يطمئن قلبه فما بالك بالزوج أو الأب أو الأخ ولكنه ذكر بأن هذا لا يكون مطلق أي في كل وقت يعمل هذا ولكن في الحدود الظيقه أي في حال وجود شك وقد سيطر عليه الشيطان وأشغل فكره فيجوز له أن يعمل ذالك لكي يقطع الشك باليقين .. ولكن في حال عدم وجود أي شيء فينتهي عن ذالك حتى لا يصاب بالوساوس والكثرة الشك في أهله .... اهـ .
لاحظوا أن الشيخ قال: في حضورها!!!.. هل يكفي الحضور؟.. أين الموافقة والرضا بما يصنعه ولي الأمر؟.. ألهذه الدرجة وصل بنا الحال في التعامل مع المرأة؟.. إذا كنا نُهينا عن الظن؛ فكيف بالتجسس؟!!.
وإذا كان ولي الأمر يجوز له ذلك - فرضا - لاحساسه بشيء ما، فنحن نفتح باب للموسوسين والشكاكين.. وكلٌّ سيبرر لنفسه هذا التجسس.. فأين نحن من قاعدة سد الذرائع.. أليس فعلهم هذا سوف يفضي إلى الخلاف والقطيعة لمجرد الظنون والأوهام؟.
وهل يصح الاستدلال بتلك الآية على جواز اختراق خصوصيات النساء والضعفاء؟..
ومتى يجوز لولي الأمر أو الأم تفتيش خصوصيات أولادهم بالضبط؟..
شكر الله لكم!.