عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم، لما بعث معاذًا إلى اليمن قال له: «إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله» -وفي رواية: إلى أن يوحدوا الله- فإن هم أطاعوك لذلك، فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك: فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجاه.
وحديث ابن عباس فيه نوع من أنواع البصيرة حيث بين النبي صلي الله عليه وسلم طبيعة المدعو: (إنك تأتي قوما من أهل الكتاب) ولا يخلو طبيعة المدعو من ثلاث:
1- مؤثر للحق، فهذا يُدعى بالحكمة.
2- مؤثر للباطل، فهذا يخوف ويرهب.
3- أن يكون معاندًا.
أهل الكتاب: سموا بذلك من أجل التعريف، فليست هذه التسمية تسمية مدح. وأهل الكتاب ثلاث طبقات:
1- من كان قبل التحريف، فهؤلاء يطلق عليهم أهل الكتاب وهم مسلمون.
2- من كان بعد التحريف، وهم يعلمون بالمحرف، وهؤلاء يطلق عليهم أهل الكتاب أيضًا، وهؤلاء عاصروا النبي صلي الله عليه وسلم.
3- هم المنتسبون إلى أهل الكتاب اسما وهم غير عاملين بالتوراة أو الإنجيل المحرفة ولا يعتقدون اعتقادهم وإنما ينتهجون العلمانية وهؤلاء لا تحل ذبائحهم ولا التزوج منهم؛ لأن التسمية لا تغير شيئًا إذا لم يصاحبها معتقد، كالمسلم إذا تسمَّى بالإسلام ولم يعمل. أهـ المُعتصر شرح كتاب التوحيد .