الحمد لله
قال تعالى "إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب"
الآيات والأحاديث تدل على أن الشمس تسير وسيرها ينتج عنه الشروق والغروب
قال تعالى ""والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم"
عن أبي ذر رضي الله عنه ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر حين غربت الشمس "تدري أين تذهب" ، قلت : الله ورسوله أعلم ، قال : "فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش ، فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها وتستأذن فلا يؤذن لها ، يقال لها : ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها فذلك قوله تعالى "والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم" متفق عليه
فالحديث واضح في أن الشمس تسير وتسير للشروق والغروب
فلهذا تستأذن ويؤذن لها وعندما لا يؤذن لها سوف لن تطلع كالمعتاد بل تعود وتطلع من المغرب
والإشكالية في الحديث هي أنه كيف يحصل هذا والشمس عندما تغرب على بلد تشرق على بلد أخرى
والراجح هنا أن هذا الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث خاص بأهل بلده المدينة أو بأهل شبه الجزيرة العربية
أخرج الطبري عن قتادة قال: ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "البيت المعمور مسجد في السماء بحذاء الكعبة، لو خر لخر عليها، يدخله سبعون ألف ملك كل يوم إذا خرجوا منه لم يعودوا"
وأخرج الطبري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "والبيت المعمور هو بيت حذاء العرش تعمره الملائكة، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفاً من الملائكة ثم لا يعودون إليه" .
فمن هذا نستخلص أن البيت المعمور بمحاذاة العرش وبمحاذاة الكعبة. وبالتالي فالعرش بمحاذاة الكعبة
و مكة المكرمة في غرب المدينة والغروب في مكة يكون بعد الغروب في المدينة بحوالي ثلاث إلى خمس دقائق
ولا يلزم ن يكون وقت السجود هو وقت الاستئذان
فيصلح أن يكون السجود في وقت والاستئذان في وقت آخر
وطالما السجود هو الذي يتم تحت العرش فيمكن أن يكون وقت السجود هو وقت الظهر بمكة
ووقت الاستئذان هو قبيل وقت الشروق بالمدينة وبالتالي مكانه شرق المدينة
لأن الاستذان واضح من لفظ الحديث أنه استئذان للشروق لا للغروب بدليل قوله "يقال لها : ارجعي من حيث جئت فتطلع من مغربها" فالرجوع هنا رجوع أن تطلع من مطلعها المعتاد على أهل المدينة
ويصلح أيضا أن يكون السجود والاستئذان في مكان واحد وهو شرق المدينة وزمانه قبيل شروق الشمس عليها
ويؤيد هذا ما رواه ابن كثير عن الثوري ، عن منصور ، عن ربعي ، عن حذيفة قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله ، ما آية طلوع الشمس من مغربها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " تطول تلك الليلة حتى تكون قدر ليلتين ، فبينما الذين كانوا يصلون فيها ، يعملون كما كانوا يعملون قبلها والنجوم لا تسري ، قد قامت مكانها ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيصلون ، ثم يرقدون ، ثم يقومون فيطل عليهم جنوبهم حتى يتطاول عليهم الليل ، فيفزع الناس ولا يصبحون ، فبينما هم ينتظرون طلوع الشمس من مشرقها إذ طلعت من مغربها ، فإذا رآها الناس آمنوا ، ولا ينفعهم إيمانهم " .
والأثر يؤكد هذا التفسير فالليلة هذه على أهل المدينة أو أهل شبه الجزيرة العربية تكون بقدر ليلتين واحدة منهما هي الليلة المعتادة والأخرى هي زمن رجوع الشمس من مشرق المدينة إلى مغربها لتطلع منه
وعلى هذا ففي هذا الجانب من الأرض ستكون ليلة طويلة بقدر ليلتين
وفي الجانب المقابل سيكون نهار طويل بقدر نهارين
هذا هو التفسير الذي يجمع بين النصوص ويتوافق مع المشاهد في الواقع
و الله تعالى أعلم