بيان حقيقة القطب الغوث الفرد الجامع
وأما سؤال السائل عن القطب الغوث الفرد الجامع
فهذا قد يقوله طوائف من الناس
ويفسرونه بأمور باطلة في دين الإسلام
مثل تفسير بعضهم
أن الغوث هو الذي يكون مدد الخلائق بواسطته
في نصرهم ورزقهم
حتى يقول إن مدد الملائكة وحيتان البحر بواسطته
فهذا من جنس قول النصارى في المسيح عليه السلام
والغالية في علي رضي الله عنه
وهذا كفر صريح
يستتاب منه صاحبه فإن تاب وإلا قتل
فإنه ليس من المخلوقات لا ملك ولا بشر
يكون إمداد الخلائق بواسطته
ولهذا كان ما يقوله الفلاسفة في العقول العشرة
الذين يزعمون أنها الملائكة
وما يقوله النصارى في المسيح ونحو ذلك
كفر صريح باتفاق المسلمين
وكذلك أعني بالغوث ما يقوله بعضهم
من أن في الأرض ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا
يسمونهم النجباء
فينتقي منهم سبعون هم النقباء
ومنهم أربعون هم الأبدال
ومنهم سبعة هم الأقطاب
ومنهم أربعة هم الأوتاد
ومنهم واحد هو الغوث وأنه مقيم بمكة
وأن أهل الأرض إذا نابهم نائبة في رزقهم ونصرهم
فزعوا إلى الثلاثمائة وبضعة عشر رجلا
وأولئك يفزعون إلى السبعين
والسبعون إلى الأربعين
والأربعون إلى السبعة
والسبعة إلى الأربعة
والأربعة إلى الواحد
وبعضهم قد يزيد في هذا وينقص
في الأعداد والأسماء والمراتب
فإن لهم فيها مقالات متعددة حتى يقول بعضهم :
أنه ينزل من السماء على الكعبة ورقة خضراء
باسم غوث الوقت واسمه خضر
على قول من يقول منهم إن الخضر هو مرتبة
وإن لكل زمان خضرا فإن لهم في ذلك قولين
وهذا كله باطل
لا أصل له في كتاب الله ولا سنة رسوله
ولا قاله أحد من سلف الأمة ولا أئمتها
ولا من المشايخ الكبار المتقدمين
الذين يصلحون للإقتداء بهم
ومعلوم أن سيدنا رسول رب العالمين
وأبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم
كانوا خير الخلق في زمنهم
وكانوا بالمدينة ولم يكونوا بمكة
وقد روى بعضهم حديثا في هلال غلام المغيرة بن شعبة
وأنه أحد السبعة والحديث باطل باتفاق أهل المعرفة
وإن كان قد روى بعض هذه الأحاديث
أبو نعيم في حلية الأولياء
والشيخ أبو عبدالرحمن السلمي في بعض مصنفاته
فلا تغتر بذلك
فإن فيه الصحيح والحسن والضعيف والموضوع
والمكذوب الذي لا خلاف بين العلماء
في أنه كذب موضوع
وتارة يرويه على عادة بعض أهل الحديث
الذين يروون ما سمعوا ولا يميزون بين صحيحه وباطله
وكان أهل الحديث لا يروون مثل هذه الأحاديث
لما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم
أنه قال :
( من حدَّث عني بحديث وهو يرى أنه كذب
فهو أحد الكاذبين ) .