الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى ، وبعد .
مرت الأيام والشهور والسنون ، ولا تزال تمر ، ويمر المرء بفصول أربعة يتقلب فيها ما بين بردِ شتاءٍ ، وحرِّ مصيفٍ ، ويُبسِ خريفٍ ، وحسنِ ربيعٍ ، يتقلب المرء في تلك الفصول ، فيقف على ما يحدث للعالم من كوارث وعواصف تعصف البريء والضعيف والمكلوم ، فها نحن نرى أطفالنا وإخواننا وأخواتنا وأمهاتنا وآبائنا يعذبون بزمهرير البرد القارص في سوريا الحبيبة ، ونحن نعيش في الدفء ما بين ملابس ومدفأة ، وربما بيوت شاهقة ومراكب بداخلها الهواء الحار، تحجب البيوت عنا الرياح القارصة التي تصفع بأطفالنا في سوريا الحبيبة ، زيادة على ما يصفع بهم من دبابات وصواريخ المجرم بشار .
عذرا صغيري :
لا تجد من يحنو عليك وأنت تتجمد وسْط الثلوج ، وتعصف بك الرياح الشديدة البرد ، حتى إنك لتنام في عربات القطار لا تجد مأوى إلا وسط الصحراء أو الزراعة التي يبست وجفت من شدة البرد القارص ، وإذا نزل عليها ماء نزل كأنه نذير ينذر بالقضاء عليها ، وسرعان ما يقضي عليه .
عذرا صغيري :
تخلى عنك العالم بحجة الحرب على الإرهاب ، وما علموا في ظاهر أمرهم ـ لكنهم يعلمون في باطنهم ـ أنك بريء ، لكن جرمك أنك مسلم توحد الله .
عذرا صغيري :
قصرنا نحوك وما نزال نقصر ، بخل عليك الأغنياء ، وهم ينفقون المليارات في الترهات بل في الفجور ، ، تخلى عنك حكام المسلمين ، وركنوا إلى الأعداء ، وما علموا أن الله سائلهم.
عذرا صغيري :
أين منظمات الحقوق ، أين الأمم المتحدة ، أين .. وأين ... وأين ... أتدري يا صغيري ، إنهم ما أتوا من أجلك ، إنهم أتوا لأجل القضاء عليك ؛ لأنك مسلم .
عذرا صغيري :
رجائي من الله أن قد استرحتَ من عناء الدنيا وتعبها ، وبموتك لن تشعر ببرد أو صقيع بعد اليوم ، ولن تنزل عليك صواريخ وطيارات المجرمين ، فلا فزع بعد اليوم منها ، ولن تتجمد بعد اليوم ، ويكفيك أن تجمدتَ أولاً .
عذرا صغيري :
بكاء مثلك يا صغيري كان مما يجعل حبيبك صلى الله عليه وسلم يخفف من صلاته ؛ شفقةً عليك وعلى أمك ، فالويل كل الويل لمن أبكاك من المجرمين .
عذرا صغيري :
انتهت معاناة التشريد والهرب ، لقد علَّمْتَ الدنيا ـ يا صغيري ـ بأسرها ، أنك بطل شجاع مغوار ، لا تخاف ولا تهاب إلا الله الواحد القهار ، لقد قهرتَ الأعداء بصبرك وشجاعتك مع أنهم يملكون المدافع والصواريخ ، لكنك تملك الإيمان بالله ، ونلتَ ما عند الله بإذنه ، ورجوتَ ما عند الله والدار الآخرة وهم يرجون الدنيا وشهواتها ، ففزتَ وربِّ الكعبة بإذن الله ، وخابوا وخسروا من وقف ضدك وظلمك وأذاقك المر والحنظل ، لكنك يا صغيري رجوتَ ما عند الله ، وما عند الله خير وأبقى .
عذرا صغيري :
سامحني وأنا العبد الضعيف المذنب المقصر ، واللهَ أسألُ أن يغفر لي تقصيري نحوك .