اللقافه أعْيَت من يداويها !


الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فقد صح عن رسول الله ﷺ أنه قال: "مِن حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".


وترك الرجل ما لا يعنيه أمارة على حسن مروأته، وكمال رجولته، إذ لا يليق به أن يكون ذا (قيل وقال)، أو أن تكون مجالسه عامرة بالكلام في عورات الناس، وكشف ماتخفيه البيوت، فيحشر أنفه فيما لا يعنيه من الخصومات الواقعة بين الزوجين أو ذوي الأرحام، وإلا .. ماذا ترك للفاجرات ؟!


وللأسف الشديد أن هذه الخصلة متطبعة في نفوس الكثير من الرجال.


ومناسبة هذه المقالة: أن أحدهم
قد خاصم زوجه وينوي مفارقتها، وقد عرفت أنه ينوي بتها، ولم اسأل ولم استفصل لأن الله رزقني بُغض الفضول أو ما نسميها في لهجتنا الدارجة (اللقافة) -وهذا من فضل ربي-.


وقبل أيام رأيت الأخ في مجلس، وكلما جلس منفرداً جاءه أحدهم وجلس بجانبه، وأخذ يكلمه بطريقةٍ يعرف من وجهه تعابير الفضول، يكلمه عن تلك المرأة (الطالحة)! وكيف يكون تأديبها، وكيف يأقلم نفسه بعد مفارقتها، وأنها كالنعل الذي يلبس ويفسخ ! -أعاذنا الله وإياكم من هذه الجاهلية المتخلفة- وكيف سيعيش أبنائهم بينهما بعد الطلاق...وهلم جراً.


وكلما أردت أن آتي عنده لأخرجه مما هو فيه أجد أحدهم ينتظر ذهاب صاحبه ليأخذ دوره!
خصلة خسيسة .. ذميمة .. قبيحة !


آذوا الرجل المسكين ... فلم يتركوه وشأنه، وعكروا عليه أُنس مجلسه، ولم يراعوا مشاعره، عجبتُ كيف لم يأت في خلدهم : لعله جاءنا لينسى همومه وأحزانه.


رأيت في عيني المسكين نظرات الحزن...وارتسما عبارات الأسى على وجهه...كانت سهام الهم تصيبه يمنةً ويَسرةً، لايدري كيف يدفعها عن نفسه، يريد أن يخلصه أحد من (العصبة المتطفلين) !! ... وكلما ضحك أحدٌ من الحاضرين التفت إليه واستنجدته عيناه الحزينتين، لعل أحد يفضي عليه بشيء من الفرح ويزيل عنها غياهب الهم.


والله المستعان


ألا فاتقوا الله يا أهل العقول والألباب،
واتركوا ما لا يعنيكم،
لقد أمرنا الباري بإصلاح ذات البين من المسلمين .... فكيف بالزوجين؟!
بل كيف إن كان لديهما ذرية صغاراً؟
لا تفسدوا بين عباد الله وإماء الله، ولا تشعلوا الفتن بهرطقاتكم وسفسطاتكم التي لا وزن لها ولا معنى، وكونوا مفاتيح خير ومغاليق شر...


وتذكروا قوله تعالى: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.


ولا حول ولا قوة إلا بالله


كتبه/ أبو عمر عبدالله الهزاع
صباح الجمعة
١٠ -ربيع الثاني-١٤٣٦ هـ