بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ



تَصْحِيْحُ النِّـيَّـةِ فِي دِرَاسَةِ ( التَّربِيَةِ الإِسْلَامِيَّة ِ ) لِطُلَّابِ الثَّانَويَّةِ


الحمد لله ربِّ العالمين ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على نبينا مُحمدٍ الأمينِ ، وعلى آلهِ وأصحابهِ أجمعينَ ، وبعدُ :
أخي الطَّالبُ : إعلم ـ رحمكَ اللهُ ـ أن طَلَبَ العِلمَ الشَّرعيَّ ( فَريضةٌ ) ! ؛
لقولِ النَّبي ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : ( طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ) ،
ولَفْظ ( مُسلمٍ ) يَشمَلُ ( المُسلِماتِ ) ـ كذلكَ ـ ! ،
واللهُ ـ تعالى ـ رَفَعَ قَدرَ أهلِ العِلمِ ؛ فَقالَ :
(( ... يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( 11 ) ))
[ سورة المجادلة : 11 ]

واللهُ ـ تعالى ـ لم يأمُر نَبيَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بالإستِزادةِ مِن شَيءٍ كأمرِهِ لهُ بالإستِزادةِ
مِن ( العِلمِ الشَّرعيِّ ) فَقالَ لهُ :
(( ... وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (114) ))
[ سورة طه : 114 ]

والغايةُ مِن طلبِ العِلمِ الشَّرعيِّ هو لِرَفعِ الجَهلِ عَن أنفُسِنا وعَن غَيرنا ،
وحتى تَستقيمَ لنا عِبادَتُنا وطاعَتُنا ، وأن نَعبُدَ الله ـ تعالى ـ على عِلمٍ وبَصيرَةٍ .

وأنَّ مِن فَضلِ الله ـ تعالى ـ عَليكُم ونِعمَتَهُ أن هَيَّـأ لكُم سُبُلَ وطُرُقَ تحصيلِ العِلمِ الشَّرعيِّ ،
ومِن هذه السُّبُلَ والطُّرُقَ هو ما تَدرُسونَهُ في مَادَّةِ : ( التَّربيَةِ الإسلامِيَّةِ ) في هَذهِ الثَّانَويَّةِ على مُختلفِ المراحِلِ .

ومَن سَلَكَ طَريقَ طَلَبِ ( العِلمِ الشَّرعيِّ ) ؛ فإنَّ اللهَ ـ تعالى ـ يُيَسِّرَ لهُ ـ بِذلكَ ـ طَريقاً إلى الجَنَّةِ ! ،
رَوى الإمامُ مُسلِمٌ في صَحِيحِهِ مِن حَديثِ أبي هُريرَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ـ ،
أنَّ النَّبيَ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ :
( ... ، وَمَنْ سَلَكَ طَريقاً يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقاً إِلَى الجَنَّةِ ، ... ) .

ولكِن اعلَمْ ـ أخي الطَّالِبُ ـ أنَّ كُلَّ عَمَلٍ لا يَقبَلُهُ اللهُ ـ تعالى ـ إلا بِشَرطينِ ؛
الأول : ( الإخلاصُ ) أي : لا تَبتَغي بِهذا العَمَلِ إلا وَجْهَ اللهِ ـ تعالى ـ ،
والثاني : ( المُتابَعَةُ ) أي : أن تكونَ العِبَادَةُ مُوافِقَةً للشَّرعِ ، وعلى الوَجهِ الذي أمَرَ بِهِ الشَّرعُ ،
ودَليلُ ذلكَ قَولُ اللهِ ـ تعالى ـ :

(( ... فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110) ))

[ سورة الكهف : 110 ]
.

وكُلُّ عَمَلٍ لا بُدَّ لهُ مِن ( نِيَّةٍ ) ؛ عَن عُمرَ بنِ الخطَّابِ ـ رضِيَ اللهُ عَنهُ ـ ، قالَ : سَمِعتُ
رَسُولَ اللهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ، يقُولُ :
( إنّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امرِىءٍ مَا نَوَى ، ... )
( مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ) ،
والنِّـيَّةُ مَحِلُّهَا القَلبُ ، ولا يُشتَرَطُ التَّلَفُّظُ بها باللِّسَانِ في الأُمورِ التَّعبُّديَّةِ .

ولرُبَّما سُؤالٌ يَطرحُ نَفسَهُ :
(( لماذا تَدرُسُ مَادَّةَ التَّربيةِ الإسلامِيَّةِ )) ؟! ..

بِما أنَّ هذهِ المادَةَ مَفروضَةً عَليكَ في المنهَجِ الدِّراسِيِّ المُقَرَّرِ ؛
فالأفضَلُ لَكَ أن تَخضَعَ لِلأمرِ الوَاقِعِ ، وتُحاوِلَ تَغييرَ مَسارِ النِّـيَّةِ في قَلبِكَ
مِن كَونِكَ ( مُجْـبَرٌ على دِراسِتَهَا ) ! ،
إلى كَونِكَ ( مُريداً ، ومُحبَّاً لهذهِ المَّادَّةِ ، وتَدرُسَهَا على اعتِبارِ أنَّها مَعلومَاتٍ شَرعِيَّةٍ تَنفَعُكَ في أيَّامِ دَهرِكَ ) ،
فَلا بُدَّ مِن تَغييرِ النِّـيَّةِ في ذَلِكَ .

واحتَسِب هذا الوَقتَ عِندَ اللهِ ـ تعالى ـ ،
واستَشعِر أنَّ اللهَ ـ تعالى ـ سَيُثيبُكَ على ذلكَ خَيرَاً ،
ويُعليَ مِن شَأنِكَ ؛ لأنَّكَ في طَاعَةٍ ، وهِي : ( طَلَبُ العِلمِ الشَّرعِيِّ ) ! .

وأُوصِيكَ : بأن يَكونَ هَذا الدَّرسُ هو أحَبَّ إليكَ مما سِواهُ ،
وأن تَحرِصَ على حُضورِهِ ، وتَحضِيرِ مَادَّتِهِ اليَومِيَّةِ ،
ولا تَسْتَهِنْ بِهِ ، ولا تَجعَلْهُ أهوَنَ الدُّروسِ عِندَكَ ،
وتَذَكَّرَ أنَّ اللهَ ـ تعالى ـ قَد أرادَ بِكَ خَيراً حِينَ جَعَلَكَ
( مُسْلِماً ) .. ( مُتَعَلِّماً ) .. ( قَادِرَاً ) ..
فَغيرُكَ الكَثيرُ مِمَّن يَفتَقِرُ لإحداهنَّ أو كُلُّهنَّ ! ؛ فاشكُر رَبَّكَ على هَذهِ النِّعَم العَظِيمةِ ، والآلاءِ الجَلِيلَةِ ،
قَالَ اللهُ ـ تعالى ـ :
(( نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) ))
[ سورة القمر : 35 ]
.


وآخِرُ دعوَانا أن الحَمدُ للهِ رَبِّ العَالمينَ ، وصَلَّى اللهُ وسَلَّمَ وبَارَكَ عَلى نَبينا مُحمَّدٍ ،
وعَلى آلهِ وأصحابِهِ أجمَعينَ .

كتبها : ( أبو عبد الرحمن الأثري العراقي )
بعد عشاء يوم ( الأحد ) ( 12 / ذو القعدة / 1435 ) هـ
الموافق لـ ( 7 / 9 / 2014 ) م
......
وهذا رابط الملف المنسق بصيغة ( PDF )

http://www.gulfup.com/?lGYCwt