قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب: في [مفيد المستفيد في كفر تارك التوحيد]:
فليتأمل المؤمن الناصح لنفسه ما في هذا الحديث من العبر؛ فإن الله سبحانه وتعالى يقص علينا أخبار الأنبياء وأتباعهم ليكون للمؤمن من المستأخرين عبرة، فيقيس حاله بحالهم، وقص قصص الكفار والمنافقين لتجتنب من تلبس بها أيضا. فمما فيه من الاعتبار أن هذا الأعرابي الجاهلي لما ذكر له أن رجلا بمكة يتكلم في الدين بما يخالف الناس، لم يصبر حتى ركب راحلته فقدم عليه، وعلم ما عنده، لما في قلبه من محبة الدين والخير. وهذا فسر به قوله تعالى: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأسْمَعَهُمْ} أي: حرصا على تعلم الدين لأسمعهم أي لأفهمهم. فهذا يدل على أن عدم الفهم في أكثر الناس اليوم عدل منه سبحانه، لما يعلم في قلوبهم من عدم الحرص على تعلم الدين. فتبين أن من أعظم الأسباب الموجبة لكون الإنسان من شر الدواب هو عدم الحرص على تعلم الدين. فإذا كان هذا الجاهلي يطلب هذا الطلب، فما عذر من ادعى اتباع الأنبياء وبلغه عنهم ما بلغه، وعنده من يعرض عليه التعليم، ولا يرفع بذلك رأسا؟ فإن حضر أو استمع فكما قال تعالى: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ}.اهـ