تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: التوحيد الصحيح

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    253

    افتراضي التوحيد الصحيح

    الشركإذا تبيَّن هذا فاعلم أنَّ ضد التوحيد الشِّرك: وهو إشراك غير الله فيما هو من خصائص الله.قال تعالى حاكياً ما يقوله المشركون لآلتهم في النار: {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُم بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 97-98]. وهو نوعان:1) شرك أكبر.2) شرك أصغر.النوع الأول: الشرك الأكبر:وهو المخرج من الملة، ولا يغفر الله لصاحبه إلا بالتوبة، وصاحبه إن لقي الله به فهو خالدٌ مخلدٌ في النار، قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48]، وقال تعالى: {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ} [المائدة:72].والشرك الأكبر أنواعه كثيرة ومدارها على أربعة أنواع:الأول: شرك الدعاء: قال تعالى: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117].الثاني: شرك الطاعة: وهي طاعة الأحبار والرهبان والعلماء والأمراء في معصية الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهًا وَاحِدًا لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [التوبة:31] وقد تقدم ذكر حديث عديِّ بن حاتمٍ رضي الله عنه عند هذه الآية، وقال تعالى: {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا} [الأحزاب: 66، 67]، وقال تعالى: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا} [الكهف: 26].الثالث: شرك المحبة: قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللّهِ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبًّا لِّلّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ} [البقرة:165].أنواع المحبة:قال ابن القيم رحمه الله: (وها هنا أربعة أنواع من المحبة، يجب التفريق بينها، وإنما ضلَّّ من ضلَّ بعدم التمييز بينها:أحدها: محبة الله، ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه، فإن المشركين وعُبَّاد الصليب واليهود وغيرهم يُحبُّون الله.الثاني: محبة ما يُحب الله، وهذه هي التي تدخله في الإسلام، وتخرجه من الكفر، وأحبُّ الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة، وأشدهم فيها.الثالث: الحب لله وفيه، وهي من لوازم محبة ما يُحبُّ، ولا تستقيم محبة ما يُحبُّ إلا فيه وله.الرابعة: المحبة مع الله، وهي المحبة الشركية، وكل من أحب شيئاً مع الله، لا لله، ولا من أجله، ولا فيه؛ فقد اتَّخذه ندَّاً من دون الله، وهذه محبة المشركين).الرابع : شرك النية والإرادة والقصد: وهو أن يقصد بعمله غير الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُواْ فِيهَا وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [هود: 15-16]، وقال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} [الزمر: 2، 3].وعن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال اللهُ تعالى: أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَن الشِّرْكِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَركْتُه وَشِرْكَه) رواهُ مسلمٌ.النوع الثاني من أنواع الشرك: الشرك الأصغر:وهو غير مخرج من الملة، وصاحبه إن لقي الله به فهو تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذَّبه؛ ولكن لا يخلد صاحبه في النار، وقيل: أنه لابد أن يطهر بالنار لعموم دخوله تحت مسمى الشرك في قوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [النساء: 48].ومن أنواع الشرك الأصغر: يسير الرياء: قال صلى الله عليه وسلم: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر) فسُئل عنه؟ فقال: (الرياء) رواه أحمد وغيره بإسنادٍ حسن. وقال صلى الله عليه وسلم: (الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة) قالوا: كيف ننجو منه يا رسول الله؟ قال: (قل اللهم إني أعوذ بك أن أُشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم) رواه ابن حبان في صحيحه.ومن أنواعه أيضاً: الحلف بغير الله إن لم يقصد تعظيم المحلوف به كتعظيم المعبود، وأما إن قصد تعظيمه ومساواته بالله فهو شرك أكبر.وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه.ومن أنواعه أيضاً: قول الشخص لآخر: ما شاء الله وشئت، وهذا من الله ومنك، وأنا بالله وبك، ولولا الله وأنت لم يكن كذا وكذا، فإن اعتقد أنَّه يُشارك الله عزَّ وجلَّ في التدبير والمشيئة فهو شركٌ أكبر، وإن لم يعتقد ذلك واعتقد أنَّ الله سبحانه وتعالى هو القادر على كلِّ شيءٍ فهو شركٌ أصغر.ودليله ما ثبت أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا قال له رجلٌ: مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ، قالَ: (أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدًّا؟ بَلْ مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ) رواهُ أحْمَدُ وابنُ أَبي شَيْبَةَ، والبخاريُّ في (الأَدَبِ المُفْرَدِ) والنَّسَائِيُّ وابنُ مَاجَةَ. وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ فُلاَنٌ، وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللهُ ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.ولاشك أن قول: ما شاء الله وحده أكمل في الإخلاص وأبعد عن الشرك.ومن أنواعه لُبْس الحلقة والخيط إذا لم يعتقد لابِسُها أنها مؤثرةٌ بنفسها دون الله أو مع الله فإن اعتقد ذلك فهو مُشركٌ شركاً أكبر، لأنه اعتقد أن هذه تنفع وتضرُّ دون الله.وأما إن اعتقد أنها سببٌ وليست مؤثرةً بنفسها، فهو مشركٌ شركاً أصغر لأنه اعتقد ما ليس بسببٍ لا قدراً ولا شرعاً سَبَبَاً.ودليله ما رواه عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلاً فِي يَدِهِ حَلْقَةٌ مِنْ صُفْرٍ، فَقَالَ: (مَا هَذِهِ؟)، قَالَ: مِنَ الْوَاهِنَةِ، فَقَالَ: (انْزِعْهَا فَإِنَّهَا لاَ تَزِيدُكَ إِلاَّ وَهْنًا، فَإِنَّكَ لَوْ مُتَّ وَهِيَ عَلَيْكَ مَا أَفْلَحْتَ أَبَدًا) رَوَاهُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ لاَ بَأْسَ بِهِ، وعن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) رواه أحمد وأبو داود.

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    253

    افتراضي

    أنواع الشركوضد التوحيد: الشرك وهو أنواع ثلاثة، والحقيقة أنه نوعان: شرك أكبر، وشرك أصغر. فالشرك الأكبر : هو ما يتضمن صرف العبادة لغير الله أو بعضها، أو يتضمن جحد شيء مما أوجب الله من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة كالصلاة، وصوم رمضان، أو يتضمن جحد شيء مما حرم الله، مما هو معلوم من الدين بالضرورة كالزنا والخمر ونحوها، أو يتضمن طاعة المخلوق في معصية الخالق على وجه الاستحلال لذلك، وأنه يجوز أن يطاع فلان أو فلانة، فيما يخالف دين الله عز وجل، من رئيس أو وزير أو عالم أو غيرهم فكل ما يتضمن صرف بعض العبادة لغير الله كدعاء الأولياء والاستغاثة بهم والنذر لهم، أو يتضمن استحلال ما حرم الله، أو إسقاط ما أوجب الله، كاعتقاد أن الصلاة لا تجب أو الصوم لا يجب أو الحج مع الاستطاعة لا يجب، أو الزكاة لا تجب، أو اعتقد أن مثل هذا غير مشروع مطلقًا، كان هذا كفرًا أكبر، وشركًا أكبر؛ لأنه يتضمن تكذيب الله ورسوله. وهكذا لو اعتقد حل ما حرّم الله مما هو معلوم من الدين بالضرورة كاستحلال الزنا والخمر، وعقوق الوالدين، أو استحل قطع الطريق أو اللواط أو أكل الربا، وما أشبه ذلك من الأمور المعروف تحريمها بالنص والإجماع - إذا اعتقد حلها كفر (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 44) إجماعًا، نسأل الله العافية، وصار حكمه حكم المشركين شركًا أكبر. وهكذا من استهزأ بالدين، وسخر به حكمه حكمهم، وكفره كفر أكبر، كما قال الله سبحانه وتعالى: قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ، وهكذا لو استهان بشيء مما عظمه الله احتقارًا له، وازدراء له، كأن يستهين بالمصحف، أو يبول عليه، أو يطأ عليه، أو يقعد عليه، أو ما أشبه ذلك استهانة به، كفر إجماعًا؛ لأنه بذلك يكون متنقصًا لله، محتقرًا له؛ لأن القرآن كلامه سبحانه وتعالى، فمن استهان به فقد استهان بالله عز وجل، وهذه الأمور قد أوضحها العلماء في باب حكم المرتد، ففي كل مذهب من المذاهب الأربعة ذكروا بابًا سموه: باب حكم المرتد، أوضحوا فيه جميع أنواع الكفر والضلال، وهو باب جدير بالعناية، ولا سيما في هذا العصر الذي كثرت فيه أنواع الردة، والتبس الأمر في ذلك على كثير من الناس، فمن عني به حق العناية عرف نواقض الإسلام، وأسباب الردة، وأنواع الكفر والضلال. والنوع الثاني: الشرك الأصغر ، وهو ما ثبت بالنصوص تسميته شركًا، لكنه لم يبلغ درجة الشرك الأكبر، فهذا يسمى شركًا أصغر مثل: الرياء والسمعة كمن يقرأ يرائي، أو يصلي يرائي، أو يدعو إلى الله يرائي ونحو ذلك. فقد ثبت في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر فسئل عنه، فقال: الرياء يقول الله عز وجل يوم القيامة للمرائين: اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا فانظروا، هل تجدون عندهم من جزاء؟ رواه الإمام أحمد بإسناد صحيح عن محمود بن لبيد الأشهلي الأنصاري رضي الله عنه. ورواه الطبراني أيضًا والبيهقي وجماعة مرسلاً عن محمود المذكور وهو صحابي صغير لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولكن مرسلات الصحابة صحيحة وحجة عند أهل العلم، وبعضهم حكاه إجماعًا. (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 45) ومن ذلك قول العبد: ما شاء الله وشاء فلان، أو لولا الله وفلان، أو هذا من الله ومن فلان. هذا كله من الشرك الأصغر، كما في الحديث الذي رواه أبو داود بإسناد صحيح عن حذيفة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء فلان . ومن هذا ما رواه النسائي عن قتيلة أن اليهود قالوا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: إنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشاء محمد، وتقولون: والكعبة. فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة وأن يقولوا ما شاء الله ثم شاء محمد وفي رواية للنسائي أيضًا عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال: يا رسول الله ما شاء الله وشئت. فقال: أجعلتني لله ندًّا ما شاء الله وحده . ومن ذلك ما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، قال: هو الشرك في هذه الأمّة أخفى من دبيب النمل على صفاة سوداء في ظلمة الليل، وهو أن تقول: والله وحياتك يا فلان وحياتي، وتقول: لولا كليبة هذا لأتانا اللصوص، ولولا البط في الدار لأتى اللصوص، وقول الرجل: ما شاء الله وشئت، وقول: لولا الله وفلان، لا تجعل فيها فلانًا. هذا كله به شرك، رواه ابن أبي حاتم بإسناد حسن. فهذا وأشباهه من جنس الشرك الأصغر. وهكذا الحلف بغير الله، كالحلف بالكعبة ، والأنبياء والأمانة وحياة فلان، وبشرف فلان ونحو ذلك، فهذا من الشرك الأصغر؛ لما ثبت في المسند بإسناد صحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من حلف بشيء دون الله فقد أشرك ، وروى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي رحمهم الله بإسناد صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك . (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 46) وهذا يحتمل أن يكون شكًّا من الراوي، ويحتمل أن أو بمعنى الواو، والمعنى: فقد كفر وأشرك. ومن هذا ما رواه الشيخان عن عمر رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت . والأحاديث في هذا المعنى كثيرة. وهذه أنواع من الشرك الأصغر، وقد يكون أكبر على حسب ما يكون في قلب صاحبه، فإذا كان في قلب الحالف بالنبي أو البدوي أو الشيخ فلان، أنه مثل الله، أو أنه يدعى مع الله، أو أنه يتصرف في الكون مع الله أو نحو ذلك، صار شركًا أكبر بهذه العقيدة، أما إذا كان الحالف بغير الله لم يقصد هذا القصد، وإنما جرى على لسانه من غير هذا القصد لكونه اعتاد ذلك، كان ذلك شركًا أصغر. وهناك شرك يقال له: الشرك الخفي ذكر بعض أهل العلم أنه قسم ثالث، واحتج عليه بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الشرك الخفي: يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل إليه خرّجه الإمام أحمد . والصواب: أن هذا ليس قسمًا ثالثًا، بل هو من الشرك الأصغر، وهو قد يكون خفيًّا؛ لأنه يقوم بالقلوب، كما في هذا الحديث، وكالذي يقرأ يرائي، أو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر يرائي، أو يجاهد يرائي، أو نحو ذلك. وقد يكون خفيًّا من جهة الحكم الشرعي بالنسبة إلى بعض الناس كالأنواع التي في حديث ابن عباس السابق. وقد يكون خفيًّا وهو من الشرك الأكبر كاعتقاد المنافقين.. فإنهم يراءون بأعمالهم الظاهرة، وكفرهم خفي لم يظهروه، كما في قوله تعالى: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاءِ وَلاَ إِلَى هَؤُلاءِ الآية، (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 47) والآيات في كفرهم وريائهم كثيرة، نسأل الله العافية. وبما ذكرنا يعلم أن الشرك الخفي لا يخرج عن النوعين السابقين: شرك أكبر، وشرك أصغر، وإن سمي خفيًّا. فالشرك يكون خفيًّا ويكون جليًّا. فالجلي: دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم ، ونحو ذلك. والخفي: ما يكون في قلوب المنافقين يصلون مع الناس، ويصومون مع الناس، وهم في الباطن كفار يعتقدون جواز عبادة الأوثان والأصنام، وهم على دين المشركين. فهذا هو الشرك الخفي؛ لأنه في القلوب. وهكذا الشرك الخفي الأصغر، كالذي يقصد بقراءته ثناء الناس، أو بصلاته أو بصدقته أو ما أشبه ذلك، فهذا شرك خفي، لكنه شرك أصغر. فاتضح بهذا أن الشرك شركان: أكبر، وأصغر، وكل منهما يكون خفيًّا: كشرك المنافقين.. وهو أكبر، ويكون خفيًّا أصغر كالذي يقوم يرائي في صلاته أو صدقته أو دعائه لله، أو دعوته إلى الله أو أمره بالمعروف أو نهيه عن المنكر أو نحو ذلك. فالواجب على كل مؤمن: أن يحذر ذلك، وأن يبتعد عن هذه الأنواع، ولا سيما الشرك الأكبر، فإنه أعظم ذنب عصي الله به، وأعظم جريمة وقع فيها الخلق، وهو الذي قال الله سبحانه وتعالى فيه: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، وقال فيه سبحانه وبحمده: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ، وقال فيه سبحانه أيضًا: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ . (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 48) فمن مات عليه فهو من أهل النار جزمًا، والجنة عليه حرام، وهو مخلد في النار أبد الآباد نعوذ بالله من ذلك. أما الشرك الأصغر فهو أكبر من الكبائر، وصاحبه على خطر عظيم، لكن قد يمحى عن صاحبه برجحان الحسنات، وقد يعاقب عليه ببعض العقوبات لكن لا يخلّد في النار خلود الكفّار، فليس هو مما يوجب الخلود في النار، وليس مما يحبط الأعمال، ولكن يحبط العمل الذي قارنه. فالشرك الأصغر يحبط العمل المقارن له، كمن يصلي يرائي فلا أجر له، بل عليه إثم. وهكذا من قرأ يرائي فلا أجر له. بل عليه إثم، بخلاف الشرك الأكبر، والكفر الأكبر فإنهما يحبطان جميع الأعمال، كما قال تعالى: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ . فالواجب على الرجال والنساء، وعلى العالم والمتعلم، وعلى كل مسلم، أن يعنى بهذا الأمر ويتبصر فيه، حتى يعلم حقيقة التوحيد بأنواعه، وحتى يعلم حقيقة الشرك بنوعيه: الأكبر والأصغر، وحتى يبادر بالتوبة الصادقة مما قد يقع منه من الشرك الأكبر، أو الشرك الأصغر، وحتى يلزم التوحيد، ويستقيم عليه، وحتى يستمر في طاعة الله، وأداء حقه، فإن التوحيد له حقوق، وهي أداء الفرائض، وترك المناهي، فلا بد مع التوحيد من أداء الفرائض، وترك المناهي، ولا بد أيضًا من ترك الإشراك كله: صغيره وكبيره. فالشرك الأكبر ينافي التوحيد، وينافي الإسلام كليًّا. والشرك الأصغر ينافي كماله الواجب، فلا بد من ترك هذا وهذا. فعلينا جميعًا أن نعنى بهذا الأمر، ونتفقه فيه، ونبلغه للناس بكل عناية وبكل إيضاح حتى يكون المسلم على بينة من هذه الأمور العظيمة. (الجزء رقم : 1، الصفحة رقم: 49) والله المسئول عز وجل أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع، والعمل الصالح، وأن يمنحنا والمسلمين جميعًا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، ويجعلنا وإياكم من الهداة المهتدين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    253

    افتراضي

    مجموعة التوحيد http://waqfeya.com/book.php?bid=2569حكم الاستغاثة بغير الله سبحانهالحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد نشرت صحيفة المجتمع الكويتية في عددها 15 الصادر في 19/4/1390هـ. أبياتا تحت عنوان (في ذكرى المولد النبوي الشريف) تتضمن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم والاستنصار به لإدراك الأمة ونصرها وتخليصها مما وقعت فيه من التفرق والاختلاف بإمضاء من سمت نفسها (آمنة) وهذا نص الأبيات المشار إليها: يا رسول الله أدرك عالماً *** يشعل الحرب ويصلى من لظاهايا رسول الله أدرك أمــة *** في ظلام الشك قد طال سراهايا رسول الله أدرك أمة *** في متاهات الأسى ضاعت رؤاها إلى أن قالت: يا رسول الله أدرك أمة *** في ظلام الشك قد طال سراهاعجل النصر كما عجلته *** يوم بدر حين ناديت الإلهفاستحال الذل نصرا رائعا *** إن لله جنودا لا تراها

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    253

    افتراضي

    هكذا توجه هذه الكاتبة نداءها واستغاثتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم طالبة منه إدراك الأمة بتعجيل النصر، ناسية أو جاهلة أن النصر بيد الله وحده ليس ذلك بيد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره من المخلوقات، كما قال الله سبحانه في كتابه المبين: {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}، وقال عز وجل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ}. وقد علم بالنص والإجماع أن الله سبحانه خلق الخلق ليعبدوه وأرسل الرسل وأنزل الكتب لبيان تلك العبادة والدعوة إليها كما قال سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}[1]، وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[2]، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} ،[3]وقال عز وجل: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ * أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِير وبشيرٌ}[4]. فأوضح سبحانه في هذه الآيات المحكمات أنه لم يخلق الثقلين إلا ليعبدوه وحده لا شريك له، وبين أنه أرسل الرسل عليهم الصلاة والسلام للأمر بهذه العبادة والنهي عن ضدها، وأخبر عز وجل أنه أحكم آيات كتابه وفصلها لئلا يعبد غيره سبحانه، والعبادة: هي توحيده وطاعته بامتثال أوامره وترك نواهيه، وقد أمر الله بذلك في آيات كثيرات منها، قوله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ}[5] الآية. وقوله عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ}[6] وقوله سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} ،[7]والآيات في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على وجوب إخلاص العبادة لله وحده وترك عبادة ما سواه من الأنبياء وغيرهم. ولا ريب أن الدعاء من أهم أنواع العبادة وأجمعها فوجب إخلاصه لله وحده، كما قال عز وجل: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}[8]، وقال عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[9]، وهذا يعم جميع المخلوقات من الأنبياء وغيرهم؛ لأن (أحدا) نكرة في سياق النهي فتعم كل من سوى الله سبحانه. وقال تعالى: {وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ}[10]، وهذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن الله سبحانه قد عصمه من الشرك وإنما المراد من ذلك تحذير غيره، ثم قال عز وجل: {فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ}[11]، فإذا كان سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام لو دعا غير الله يكون من الظالمين فكيف بغيره، والظلم إذا أطلق يراد به الشرك الأكبر، كما قال الله سبحانه: {وَالْكَافِرُون هُمُ الظَّالِمُونَ}[12]، وقال تعالى: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}[13]، فعلم بهذه الآيات وغيرها أن دعاء غير الله من الأموات والأشجار والأصنام وغيرها شرك بالله عز وجل، ينافي العبادة التي خلق الله الثقلين من أجلها، وأرسل الرسل وأنزل الكتب لبيانها والدعوة إليها، وهذا هو معنى لا إله إلا الله فإن معناها لا معبود حق إلا الله، فهي تنفي العبادة عن غير الله وتثبتها لله وحده، كما قال الله سبحانه: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}[14]، وهذا هو أصل الدين وأساس الملة ولا تصح العبادات إلا بعد صحة هذا الأصل كما قال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ}[15]، وقال سبحانه: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}[16].ودين الإسلام مبني على أصلين عظيمين أحدهما أن لا يعبد إلا الله وحده، والثاني: أن لا يعبد إلا بشريعة نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فمن دعا الأموات من الأنبياء وغيرهم، أو دعا الأصنام أو الأشجار أو الأحجار، أو غير ذلك من المخلوقات، أو استغاث بهم أو تقرب إليهم بالذبائح والنذور أو صلى لهم أو سجد لهم، فقد اتخذهم أرباباً من دون الله وجعلهم أنداداً له سبحانه، وهذا يناقض هذا الأصل وينافي معنى لا إله إلا الله، كما أن من ابتدع في الدين ما لم يأذن به الله لم يحقق معنى شهادة أن محمداً رسول الله، وقد قال الله عز وجل: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[17]، وهذه هي أعمال من مات على الشرك بالله عز وجل، وهكذا الأعمال المبتدعة التي لم يأذن بها الله فإنها تكون يوم القيامة هباء منثوراً؛ لكونها لم توافق شرعه المطهر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)) متفق على صحته. وهذه الكاتبة قد وجهت استغاثتها ودعاءها للرسول صلى الله عليه وسلم وأعرضت عن رب العالمين الذي بيده النصر والضر والنفع وليس بيد غيره شيء من ذلك، ولا شك أن هذا ظلم عظيم وشرك وخيم، وقد أمر الله عز وجل بدعائه سبحانه ووعد من يدعوه بالاستجابة وتوعد من استكبر عن ذلك بدخول جهنم، كما قال عز وجل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[18] أي: صاغرين ذليلين، وقد دلت هذه الآية الكريمة على أن الدعاء عبادة، وعلى أن من استكبر عنه فمأواه جهنم. فإذا كانت هذه حال من استكبر عن دعاء الله فكيف تكون حال من دعا غيره وأعرض عنه وهو سبحانه القريب المجيب، المالك لكل شيء، والقادر على كل شيء، كما قال سبحانه: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُ وا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}[19]، وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أن الدعاء: هو العبادة، وقال لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: ((احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله)) أخرجه الترمذي وغيره، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من مات وهو يدعو لله نداً دخل النار)) رواه البخاري، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل: ((أي الذنب أعظم قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك)) والند: هو النظير والمثيل لكل من دعا غير الله، أو استغاث به، أو نذر له، أو ذبح له، أو صرف له شيئاً من العبادة سوى ما تقدم فقد اتخذه نداً لله سواء كان نبياً أو ولياً أو ملكاً أو جنياً أو صنماً أو غير ذلك من المخلوقات، أما سؤال الحي الحاضر ما يقدر عليه والاستعانة به في الأمور الحسية التي يقدر عليها، فليس ذلك من الشرك، بل ذلك من الأمور العادية الجائزة بين المسلمين، كما قال تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}[20] وكما قال تعالى في قصة موسى أيضا: {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ}[21]، وكما يستغيث الإنسان بأصحابه في الحرب وغيرها من الأمور التي تعرض للناس ويحتاجون فيها إلى أن يستعين بعضهم ببعض، وقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الناس أنه لا يملك لأحد نفعاً ولا ضراً فقال في سورة الجن: {قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا}[22]، وقال تعالى في سورة الأعراف: {قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}[23]، والآيات في هذا المعنى كثيرة، وهو صلى الله عليه وسلم لا يدعو إلا ربه ولا يستغيث إلا به، وكان يوم بدر يستغيث بالله ويستنصره على عدوه ويلح في ذلك، ويقول: ((يا رب أنجز لي ما وعدتني)) حتى قال الصديق الأكبر أبو بكر رضي الله عنه: (حسبك يا رسول الله فإن الله منجز لك ما وعدك)، وأنزل الله سبحانه في ذلك قوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}[24]، فذكرهم سبحانه في هذه الآيات استغاثتهم به وأخبر أنه استجاب لهم بإمدادهم بالملائكة، ثم بين سبحانه أن النصر ليس من الملائكة وإنما أمدهم بهم للتبشير بالنصر والطمأنينة وبين أن النصر من عنده فقال: {وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}، وقال عز وجل في سورة آل عمران: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ،[25]فبين في هذه الآية أنه سبحانه هو الناصر لهم يوم بدر فعلم بذلك أن ما أعطاهم من السلاح والقوة، وما أمدهم به من الملائكة كل ذلك من أسباب النصر والتبشير والطمأنينة وليس النصر منها، بل هو من عند الله وحده، فكيف يجوز لهذه الكاتبة أو غيرها أن توجه استغاثتها وطلبها النصر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتعرض عن رب العالمين المالك لكل شيء والقادر على كل شيء. لا شك أن هذا من أقبح الجهل، بل من أعظم الشرك، فالواجب على الكاتبة أن تتوب إلى الله سبحانه توبة نصوحاً وذلك بالندم على ما وقع منها والإقلاع منه والعزم على عدم العود إليه، تعظيماً لله، وإخلاصاً له، وامتثالاً لأمره، وحذراً مما نهى عنه، هذه هي التوبة النصوح، وإذا كانت من حق المخلوقين وجب في التوبة أمر رابع هو رد الحق إلى مستحقه أو تحلله منه، وقد أمر الله سبحانه عباده بالتوبة ووعدهم قبولها كما قال تعالى: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}[26]، وقال في حق النصارى: {أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُو نَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[27]، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}[28]، وقال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}[29]، وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((الإسلام يهدم ما كان قبله والتوبة تجب ما كان قبلها)) ولعظم خطر الشرك وكونه أعظم الذنوب وخشية الاغترار بما صدر من هذه الكاتبة، ولوجوب النصح لله ولعباده حررت هذه الكلمة الموجزة.وأسأل الله عز وجل أن ينفع بها، وأن يصلح أحوالنا وأحوال المسلمين جميعاً، وأن يمن علينا جميعا بالفقه في الدين والثبات عليه، وأن يعيذنا وجميع المسلمين من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه.

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jul 2012
    المشاركات
    253

    افتراضي

    الايات الناهية عن الاستغاثة والتوسل بغير اللهvb.elmstba.com/t25910.html1. www.dimashqiah.com/ar/4176.html ‎ فتاوى في الاستغاثة http://fatwa.islamweb.net/fatwa/inde...استغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلى الله من الشرك بالله عز وجل، قال تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ﴾ [الأنفال:9]، والاستغاثة دعاء بلهفة، الدعاء لإزالة الشدة، فأدلة الدعاء يُستدل بها على الاستغاثة، فإذا استغاث بشيء بحي قادر على أن يغيثه من ذلك المكروب له ذلك، قال تعالى: ﴿فَاسْتَغَاثَه الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ﴾ [القصص:15]، أما أن يستغيث بحي فيما لا يقدر عليه أو بغائب أو بميت فهذا من الشرك بالله سبحانه، قال الله تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ الله﴾ [النمل:62].وقال سبحانه: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله﴾ [الزخرف:87].وقال جل علا: ﴿قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله إِنْ أَرَادَنِيَ الله بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ الله عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُو نَ﴾ [الزمر:38].وقال تبارك وتعالى: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون:117].وقال جل ثناؤه: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ * مَا قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج:73-74].ويقول تبارك وتعالى: ﴿لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إلا فِي ضَلالٍ﴾ [الرعد:14] يبسط كفيه للماء من أجل أن يصعد والماء ليس بصاعد وليس ببالغ كفيه من البئر بغير حبل ولا دلو، فمَثَل مَن يدعو غير الله كمن يبسط كفيه لماء في أسفل ويريده أن يصعد ﴿وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إلا فِي ضَلالٍ﴾ [الرعد:14].قال تعالى: ﴿وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ إلا تَعْبُدُوا إلا الله إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [الأحقاف:21] فكل الرسل جاءوا مبشرين ومنذرين من الشرك بالله تقدس اسمه، الشرك كبيره وصغيره، ومن جميع معاصي الله.ويقول جل في علاه: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا الله وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ﴾ [النحل:36].ويقول سبحانه: ﴿وَمَنْ يَدْعُ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ﴾ [المؤمنون:117] فقد أخبر الله أنه كافر.ويقول تبارك اسمه: ﴿أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنظِرُونِ * إِنَّ وَلِيِّيَ الله الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ﴾ [الأعراف:195-196]، وقبلها يقول الله عز وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ الله عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُ واْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الأعراف:194].. لا يستطيعوا أن يستجيبون.وقال ربنا تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى الله وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى الله بِعَزِيزٍ﴾ [فاطر:15-17]، فرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يملك لنفسه ضرًا ولا نفعًا فضلًا عن غيره من الناس الذين يُستغاث بهم، وقال جل ثناؤه: ﴿قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًَّا إلا مَا شَاءَ الله وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ﴾ [الأعراف:188].وهكذا الجن لا يستطيعون أن يملكوا لأنفسهم ضرًا ولا نفعًا: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾ [سبأ:14].فلا يجوز دعاء غير الله دعاءً مما هو مقرون بالرغبة والرهبة والحب والتضرع، سواء كان هذا الدعاء عن استغاثة أو عن غير استغاثة لقصد دفع الضر أو جلب النفع ممن لا يقدر على ذلك؛ لحديث «يا غلام! احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لن ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لن يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف» رواه الترمذي وغيره من حديث ابن عباس، وهو حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •