قال الشيخ صالح ال الشيخ - حفظه الله-
فطالب العلم الذي يريد أن يؤسس نفسه من جهة النظر ويكون دقيقًا في النظر ينظر في كتب الفقه وكتب الحديث ، ويعلم مميزات كلٍّ ، وحتى يصل طالب العلم إلى منهجية دقيقة في هذه المسألة يرتب نفسه في مراحل :
المرحلة الأولى :
أنه إذا عرضت لطالب العلم المسألة يطلب صورة المسألة من كتب الفقه ، لأن تصوير شروح الحديث غالبًا ما يكون ناقصًا ، لأنك لن تجد الكلام مفصلًا عليها في كتب الحديث ، إلا إذا كان ثَمَّ حديث يدل عليها .
المرحلة الثانية :
ينظر في كتب الفقه ، ما دليل المسألة ؟
المرحلة الثانية : إذا كان دليلها من القرآن فإنه يحتاج إلى كتب أحكام القرآن ، كتب أحكام القرآن كل كتاب تَبَعٌ لمذهبه ، ” أحكام القرآن ” للقرطبي مالكي ، ” أحكام القرآن ” للكيا الهراسي شافعي ، ” أحكام القرآن ” للجصاص حنفي ، ” أحكام القرآن ” لعبد الرزاق الرسعني حنبلي ، وهكذا . وفي كتب أحكام القرآن ينصرون مذاهب فيها الدليل واضح من الكتاب ، فينصرون المذهب الخاص لقناعتهم بذلك من جهة الدليل والاستدلال .
المرحلة الثالثة :
إذا كان دليلها من السُّنَّة فإنه ينظر إلى قول شارح كتاب الفقه ، وبعده ينظر إلى قول علماء الحديث وشراح الحديث في كتبهم ، فيكون النظر في كتب أهل الحديث المطولة هل إيراد هذا الكتاب – الذي هو الكتاب الفقهي – لهذا الدليل والاستدلال كاملًا أم غير كامل ؟
هل الأسانيد صحيحة أم لا ؟
هل الدليل صحيح من جهة النقل أم لا ؟
ثم النظر في الدلالة هل هي كما قال أم لا ؟
ففي هذه المرحلة تخدم كتب الحديث كتب الفقه ، ويكون الناظر في كتب الحديث مؤصلًا في المسألة الفقهية بعد معرفة دليلها .
المرحلة الرابعة :
أن ينظر في الدليل من جهة القواعد ، والقواعد قسمان : قواعد متفق عليها ، وقواعد مختلف فيها ، القواعد المتفق عليها توافق جميع المذاهب ، أما المختلف فيها فكل مذهب له قاعدة ودليل ، هذه القاعدة في المذهب تارة تكون مبنية على فهمهم لدليل من الكتاب أو السنة ، وتارة تكون مبنية على فروع منقولة عن إمام المذهب ، فإذا كان الدليل من القواعد الكلية فإن هذا القول به ظاهر وواضح .
أما إذا كانت هذه القاعدة دليلها خاص بمذهب ، أو فروع منقولة في مذهب فإنه لا تخلو المسألة من جهة النظر إلى تنازع في الفهم والدلالة ، وفي دليل هذه القاعدة ، تجد قواعد يستدل بها الشافعية لا يوافقهم عليهم الحنابلة ، قواعد عند الحنفية ليست مستقيمة عند المالكية ، والحنابلة ، والشافعية ، قواعد واضحة من دلالات النصوص يذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية خرج بها عن بقية المذاهب ، العز بن عبد السلام أتى بقواعد في كتابه القواعد الكبرى ” قواعد الأحكام في مصالح الأنام ” في كثير من القواعد خرج بها عما هو صواب في نفسه وهكذا
الدليل بالقاعدة لا يعني أنه صحيح مطلقًا ، فبعض طلبة العلم إذا قيل له القاعدة يظن أنها مسلمة وكأنها النص . والواجب أن ينظر في القاعدة إذا كانت كلية فهذا صحيح ، أما إذا كانت قاعدة خاصة بمذهب من المذاهب فإنها يعرض لها النزاع كما يعرض لأي مسألة فقهية .
المرحلة الخامسة :
بعد ذلك ننظر في قول الصحابي ، هل استدلوا بقول الصحابة – رضي الله عنهم أجمعين – أم لا ؟
هل هذا الصاحب له مخالف أم لا ؟
ننظر فيما يأتي به من الأدلة .
وللنظر في كتب الفقه أو كتب الحديث .
خطوات تصور المسألة :
رتب نفسك في تصور أي مسألة – لاستيعاب المراحل السابقة – حسب الخطوات التالية :
الخطوة الأولى :
تصور المسألة ، فأي مسألة تعرض عليك في كتب الفقه أو كتب الحديث رتبها حتى تفهمها بدقة على هذه المراحل الستة ، بمعنى أن يفهم هذه المسألة ما صورتها في الواقع ؟ ما صورتها التي تخرجها عن ما يضاد عن غيرها ؟ ما صورة هذه المسألة التي تميز بها عن مثيلاتها .
الخطوة الثانية :
حكم المسألة ، بحسب ما عرض في كتاب فقه أو كتاب حديث … إلخ ، ما حكمها ، فمثلا في المتن الفقهي يقول : كذا جائز ، أو يشترط كذا . فما هي صورة هذا الشرط ؟ والشرط حكم ، فتفهم الصورة ثم تفهم الحكم .
الخطوة الثالثة :
دليل هذا الحكم بحسب إيراد المؤلف ، ما هو دليله ؟ ثم ينظر في هذا الدليل بحسب الخطوات التي ذكرناها من قبل ، دليل الحكم الذي أورده المؤلف .
الخطوة الرابعة :
وجه الاستدلال ، وهو استخدام أصول الفقه في النظر في الأدلة، وجه الاستدلال ما هو ؟
كيف استنبط من هذا الدليل ذلك الحكم ؟
الخطوة الخامسة :
الخلاف في المسألة ، ما هو الخلاف في المسألة ؟ الأقوال الأخرى . وإذا أتيت للقول الآخر فإنك تتعامل معه بنفس الطريقة ، ما دليل القول الآخر ؟
وما وجه الاستدلال … إلخ .
الخطوة السادسة :
الترجيح .
http://salehalshaikh.com/wp2/?p=741