تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: تفسير سورة الفاتحة من مختصري لتفسير الطبري(متجدد)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي تفسير سورة الفاتحة من مختصري لتفسير الطبري(متجدد)

    الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ الِاسْتِعَاذَةِ
    {أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}
    {أَعُوذُ}
    أَسْتَجِيرُ..
    {بِاللَّهِ} دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ..
    {مِنَ الشَّيْطَانِ} من كُلِّ مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالدَّوَابِّ وَكُلِّ شَيْءٍ..أَنْ يَضُرَّنِيَ فِي دِينِي، أَوْ يَصُدَّنِي عَنْ حَقٍّ يَلْزَمُنِي لِرَبِّي..
    {الرَّجِيمِ} الْمَلْعُونُ، الْمَشْتُومُ..وَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيلَ لِلشَّيْطَانِ رَجِيمٌ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ طَرَدَهُ مِنْ سَمَوَاتِهِ، وَرَجَمَهُ بِالشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ.
    سُورَةُ الْفَاتِحَةِ (1) مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ
    بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1)
    {بِسْمِ} إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، أَدَّبَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْلِيمِهِ تَقْدِيمَ ذِكْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى أَمَامَ جَمِيعِ أَفْعَالِهِ..وَج َعَلَ مَا أَدَّبَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَّمَهُ إِيَّاهُ مِنْهُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ سَنَةً يَسْتَنُّونَ بِهَا، وَسَبِيلًا يَتَّبِعُونَهُ عَلَيْهَا، فِي افْتِتَاحِ أَوَائِلِ مَنْطِقِهِمْ وَصُدُورِ رَسَائِلِهِمْ وَكُتُبِهِمْ وَحَاجَاتِهِمْ.. وَأَنَّهُ أَرَادَ بِقِيلِهِ «بِسْمِ اللَّهِ» أَقُومُ، وَأَقْعُدُ، وأقرأ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَفْعَالِ بِسْمِ ..
    {اللَّهِ} ذُو الْأُلُوهِيَّةِ وَالْمَعْبُودِي َّةِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ..
    {الرَّحْمَنِ} بِجَمِيعِ الْخَلْقِ..فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا»[النحل: 18] وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ، فَالَّذِي عَمَّ جَمِيعَهُمْ بِهِ فِيهَا مِنْ رَحْمَتِهِ، فَكَانَ لَهُمْ رَحْمَانًا تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي عَدْلِهِ وَقَضَائِهِ، فَلَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِنْهُمْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَإِنَّ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا، وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، فَذَلِكَ مَعْنَى عُمُومِهِ فِي الْآخِرَةِ جَمِيعَهُمْ بِرَحْمَتِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ رَحْمَانًا فِي الْآخِرَةِ..
    {الرَّحِيمِ} (1) بِالْمُؤْمِنِين َ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا بِمَا لَطَفَ بِهِمْ فِي تَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ لِطَاعَتِهِ، وَالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرُسُلِهِ، وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ؛ مِمَّا خَذَلَ عَنْهُ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ فَكَفَرَ، وَخَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَرَكِبَ مَعَاصِيَهُ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ جَعَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا أَعَدَّ فِي آجِلِ الْآخِرَةِ فِي جَنَّاتِهِ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَالْفَوْزِ الْمُبِينِ لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ رُسُلَهُ وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ خَالِصًا دُونَ مَنْ أَشْرَكَ وَكَفَرَ بِهِ كَانَ بَيِّنًا أَنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ رَحْمَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، مَعَ مَا قَدْ عَمَّهُمْ بِهِ وَالْكُفَّارُ فِي الدُّنْيَا، مِنَ الْإِفْضَالِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى جَمِيعِهِمْ، فِي الْبَسْطِ فِي الرِّزْقِ، وَتَسْخِيرِ السَّحَابِ بِالْغَيْثِ، وَإِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ، وَصِحَّةِ الْأَجْسَامِ وَالْعُقُولِ، وَسَائِرِ النِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى، الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْكَافِرُونَ ..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2)
    {الْحَمْدُ} الشُّكْرُ خَالِصًا..
    {لِلَّهِ} جَلَّ ثَنَاؤُهُ دُونَ سَائِرِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، وَدُونَ كُلِّ مَا بَرَأَ مِنْ خَلْقِهِ، بِمَا أَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ النَّعَمِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا الْعَدَدُ وَلَا يُحِيطُ بِعَدَدِهَا غَيْرُهُ أَحَدٌ، فِي تَصْحِيحِ الْآلَاتِ لِطَاعَتِهِ، وَتَمْكِينِ جَوَارِحِ أَجْسَامِ الْمُكَلَّفِينَ لِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، مَعَ مَا بَسَطَ لَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ مِنَ الرِّزْقِ وَغَذَّاهُمْ بِهِ مِنْ نُعَيْمِ الْعَيْشِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَمَعَ مَا نَبَّهَهُمْ عَلَيْهِ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى دَوَامِ الْخُلُودِ فِي دَارِ الْمَقَامِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ..
    {رَبِّ} السَّيِّدُ الَّذِي لَا شِبْهَ لَهُ، وَلَا مَثَلَ فِي سُؤُدُّدِهِ، وَالْمُصْلِحُ أَمْرَ خَلْقِهِ بِمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَالْمَالِكُ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ..
    {الْعَالَمِينَ}[الفاتحة: 2] جَمْع عَالَم، وَالْعَالَمُ اسْمٌ لِأَصْنَافِ الْأُمَمِ، وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَالَمٌ، وَأَهْلُ كُلِّ قَرْنٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا عَالَمُ ذَلِكَ الْقَرْنِ وَذَلِكَ الزَّمَانِ، فَالْإِنْسُ عَالَمٌ وَكُلُّ أَهْلِ زَمَانٍ مِنْهُمْ عَالَمُ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَالْجِنُّ عَالَمٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَجْنَاسِ الْخَلْقِ، كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا عَالَمُ زَمَانِهِ..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3)
    {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}[الفاتحة: 3] قَدْ مَضَى الْبَيَانُ عَنْ تَأْوِيلِه.. وَلَمْ يُحْتَجُّ إِلَى الْإِبَانَةِ عَنْ وَجْهِ تَكْرِيرِ اللَّهِ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، إِذْ كُنَّا لَا نَرَى أَنَّ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»[الفاتحة: 1] مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ آيَةٌ..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4)
    {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}[الفاتحة: 4] لِلَّهِ الْمُلْكَ يَوْمَ الدِّينِ خَالِصًا دُونَ جَمِيعِ خَلْقِهِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا مُلُوكًا جَبَابِرَةً يُنَازِعُونَهُ الْمُلْكَ وَيُدَافِعُونَه ُ الِانْفِرَادَ بِالْكِبْرِيَاء ِ وَالْعَظَمَةِ وَالسُّلْطَانِ وَالْجَبْرِيَّة ِ، فَأَيْقَنُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ يَوْمَ الدِّينِ أَنَّهُمُ الصَّغَرَةُ الْأَذِلَّةُ، وَأَنَّ لَهُ دُونَهُمْ وَدُونَ غَيْرِهِمُ الْمُلْكَ وَالْكِبْرِيَاء َ وَالْعِزَّةَ وَالْبَهَاءَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ فِي تَنْزِيلِهِ: «يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ»[غافر: 16] فَأَخْبَرَ تَعَالَى، أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ يَوْمَئِذٍ بِالْمُلْكِ دُونَ مُلُوكِ الدُّنْيَا الَّذِينَ صَارُوا يَوْمَ الدِّينِ مِنْ مُلْكِهِمْ إِلَى ذِلَّةٍ وَصَغَارٍ، وَمِنْ دُنْيَاهُمْ فِي الْمَعَادِ إِلَى خَسَارٍ، كما قال جل ذكره: «لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا»[النبأ: 38]، وَقَالَ: «وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ»[طه: 108]، وَقَالَ: «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى»[الأنبياء: 28]..وَالدِّينُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِتَأْوِيلِ الْحِسَابِ وَالْمُجَازَاةِ بِالْأَعْمَالِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ»[الانفطار: 9] يَعْنِي بِالْجَزَاءِ «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ»[الانفطار: 10] يُحْصَوْنَ مَا تَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: «فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ»[الواقعة: 86] يَعْنِي: غَيْرَ مَجْزِيِّينَ بِأَعْمَالِكُمْ وَلَا مُحَاسَبِينَ.. وَلِلدِّينِ مُعَانٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ غَيْرَ مَعْنَى الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ سَنَذْكُرُهَا فِي أَمَاكِنِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
    {إِيَّاكَ} لَكَ اللَّهُمَّ ..
    {نَعْبُدُ} نَخْشَعُ وَنَذِلُّ وَنَسْتَكِينُ إِقْرَارًا لَكَ يَا رَبَّنَا بِالرُّبُوبِيَّ ةِ لَا لِغَيْرِكَ..
    {وَإِيَّاكَ} رَبَّنَا..
    {نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] عَلَى عِبَادَتِنَا إِيَّاكَ وَطَاعَتِنَا لَكَ وَفِي أُمُورِنَا كُلِّهَا، لَا أَحَدَ سِوَاكَ، إِذْ كَانَ مَنْ يَكْفُرُ بِكَ يَسْتَعِينُ فِي أُمُورِهِ بِمَعْبُودِهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ مِنَ الْأَوْثَانِ دُونَكَ، وَنَحْنُ بِكَ نَسْتَعِينُ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا مُخْلِصِينَ لَكَ الْعِبَادَةَ..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
    {اهْدِنَا} وَفِّقْنَا لِلثَّبَاتِ على..
    {الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] مَا ارْتَضَيْتَهُ وَوَفَّقْتَ لَهُ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِكَ، مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ؛ لِأَنَّ مَنْ وُفِّقَ لِمَا وُفِّقَ لَهُ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ، فَقَدْ وُفِّقَ لِلْإِسْلَامِ، وَتَصْدِيقِ الرُّسُلِ، وَالتَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ، وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالِانْزِجَارِ عَمَّا زَجَرَهُ عَنْهُ، وَاتِّبَاعِ مَنْهَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهَاجِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَكُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ..
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    1,128

    افتراضي

    صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ (7)
    {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} بِطَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ، وَأَنْبِيَائِكَ ، وَالصِّدِّيقِين َ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ .. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يَنَالُهَا الْمُطِيعُونَ إِلَّا بِإِنْعَامِ اللَّهِ بِهَا عَلَيْهِمْ وَتَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ لَهَا؛ أَوَلَا يَسْمَعُونَهُ يَقُولُ: «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ»[الفاتحة: 7] فَأَضَافَ كُلَّ مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنِ اهْتِدَاءٍ وَطَاعَةٍ وَعِبَادَةٍ إِلَى أَنَّهُ إِنْعَامٌ مِنْهُ عَلَيْهِمْ؟..
    {غَيْرِ} صِفَةً لِلَّذِينَ أنعمتَ عليهم..
    {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي تَنْزِيلِهِ فَقَالَ: «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ»[المائدة: 60] فَأَعْلَمَنَا جَلَّ ذِكْرُهُ بِمَنِّهِ مَا أَحَلَّ بِهِمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ بِمَعْصِيَتِهِم ْ إِيَّاهُ، ثُمَّ عَلَّمَنَا، مِنَّةً مِنْهُ عَلَيْنَا، وَجْهَ السَّبِيلِ إِلَى النَّجَاةِ، مِنْ أَنْ يَحِلَّ بِنَا مِثْلُ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ، وَرَأْفَةً مِنْهُ بِنَا..قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ».. وَاخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْغَضَبِ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ إِحْلَالُ عُقُوبَتِهِ بِمَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ، إِمَّا فِي دُنْيَاهُ، وَإِمَّا فِي آخِرَتِهِ، كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: «فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ أَجْمَعِينَ»[الزخرف: 55] وَكَمَا قَالَ: «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ »[المائدة: 60]. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَضَبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ ذَمٌّ مِنْهُ لَهُمْ وَلِأَفْعَالِهِ مْ، وَشَتْمٌ مِنْهُ لَهُمْ بِالْقَوْلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْغَضَبُ مِنْهُ مَعْنَى مَفْهُومٌ، كَالَّذِي يُعْرَفُ مِنْ مَعَانِي الْغَضَبِ، غَيْرَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْإِثْبَاتِ، فَمُخَالِفٌ مَعْنَاهُ مِنْهُ مَعْنَى مَا يَكُونُ مِنْ غَضَبِ الْآدَمَيِّينِ الَّذِينَ يُزْعِجُهُمْ وَيُحَرِّكُهُمْ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَيُؤْذِيهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا تَحِلُّ ذَاتَهُ الْآفَاتُ، وَلَكِنَّهُ لَهُ صِفَةٌ كَمَا الْعِلْمُ لَهُ صِفَةٌ، وَالْقُدْرَةُ لَهُ صِفَةٌ عَلَى مَا يَعْقِلُ مِنْ جِهَةِ الْإِثْبَاتِ، وَإِنْ خَالَفَتْ مَعَانِي ذَلِكَ مَعَانِي عُلُومِ الْعِبَادِ الَّتِي هِيَ مَعَارِفُ الْقُلُوبِ وَقُوَاهُمُ الَّتِي تُوجَدُ مَعَ وُجُودِ الْأَفْعَالِ وَتُعْدَمُ مَعَ عَدَمِهَا..
    {وَلَا الضَّالِّينَ}[الفاتحة:7] هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ، فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ»[المائدة: 77] وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّصَارَى هُمُ الضَّالُّونَ».. وَكُلُّ حَائِدٍ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ وَسَالِكٍ غَيْرَ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ فَضَالٌّ عِنْدَ الْعَرَبِ لِإِضْلَالِهِ وَجْهَ الطَّرِيقِ، فَلِذَلِكَ سَمَّى اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ النَّصَارَى ضُلَّالًا لِخَطَئِهِمْ فِي الْحَقِّ مَنْهَجَ السَّبِيلِ، وَأَخْذِهِمْ مِنَ الدِّينِ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ.. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلَهُ مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}. قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، قَالَ: هَذَا لِي وَلَهُ مَا بَقِيَ».
    آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
    العلم النافع ، وذكر الله الحقيقي ، يُهذب الطبع ، ويحسن الأخلاق (البحر المديد /5/317)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •