المطلب الأول
الديانات الوثنية القديمة
...وقد استقت حركة (العصر الجديد) -على وجه الخصوص- كثير من آرائها الفلسفية من المعتقدات الهندوسية، والبوذية، والطاوية، وكذلك من الديانة المصرية القديمة.
فالفلسفات الشرقية التي تروج لها حركة (العصر الجديد) لا يمكن أن تعتبر من ابتداع الحركة، وإن كانت قد تحمل طابعا جديدا نوعا ما عندما تُنشر في المجتمع الغربي، فهي تُقدم بصور أميركية مبسطة، وتُزخرف بالمصطلحات العلمية الموهمة.
ومن أهم المصادر الفلسفية لحركة (العصر الجديد) -إن لم تكن أهمها على الإطلاق- هي الديانة الهندوسية.
أولا: الهندوسية:
تطلق (الهندوسية)على الديانة التي تعتنقها الغالبية العظمى من سكان بلاد الهند، وترجع أصولها إلى مايزيد على الألفي عام قبل الميلاد.
وهي مصطلح فضفاض يضم أكثر من مذهب فلسفي ومدرسة فكرية، كما تندرج تحته العديد من الممارسات الدينية والطقوس التعبدية المتباينة.
ولايمكن للباحث أن يحدد زمنا دقيقا لنشأة الهندوسية، فضلا عن محاولة إرجاعها إلى فرد، أو أفراد أحدثوها، أو قاموا بكتابة نصوصها المقدسة.
فالهندوسية هي مزيج من الثقافات والعقائد المتعددة التي تطورت مع مرور الزمان.
تفتقر الديانة الهندوسية إلى المرجعية الموحدة وإلى ما يمكن تسميته بالعقيدة المركزية، رغم اتفاق كافة الاتجاهات على قدسية كتب الــ فيدات.
ولكن هذا الاتفاق على القدسية لا يعني الاتفاق في تفسيرها، ولا على ما يصح اعتماده من النصوص الأخرى.
ويبقى هناك اتجاهان رئيسان هما الأظهر بين الهندوس:
- الاتجاه الوثني التعددي: وهو يحمل الطابع الشركي المعروف، حيث يعبد عوام الهندوس عددا من الآلهة، إلها لكل ظاهرة طبيعية، ويقدمون لها القرابين، وهم بذلك يأخذون بظواهر النصوص الهندوسية.
- الاتجاه الفلسفي القائل بوحدة الوجود: وهذا الاتجاه ربما يكون خاصا بالكهان، أو بالطبقات المثقفة ورجال الدين حيث يصعب فهم إشاراته الفلسفية المعقدة على البسطاء الذين لا يتقن كثير منهم حتى القراءة والكتابة.
وهو لايتعاض مع الاتجاه الأول -بل يجعل الآلهة المتعددة ليست سوى صور للوجود المطلق الموحد، فلا ضير من توجيه العبادة لمئات الآلهة من دون الــ براهمان.
وهذا الاتجاه الأخير هو الذي انتقل إلى العالم الغربي من خلال أتباعه البارزين أمثال سوامي فيفيكاناندا Swami Vivekananda، والذي كان له أثر كبير في الترويج لهذا الفكر هناك.
يتبع إن شاء الله/