بسم الله الرحمن الرحيم
مركز راند نشأتها وأهميتها وباحثيها وعلاقتها بالإدارة الأمريكية:

نشأتها وتطورها:
استفادت أمريكا استفادة كبرى من الدراسات التي قدمتها لها مراكز البحوث أثناء الحرب العالمية الثانية، بل كانت سببا في انتصارها، وكان أبرز نتائج تلك الدراسات هو اختراع القنبلة النووية، فقامت أمريكا ممثلة بسلاح الجو العسكري بتوقيع عقد مع شركة دوجلاس للطائرات سنة 1945م بكاليفورنيا، لتطوير سلاحها الجوي _الذي لعب الدور الأكبر والأبرز في انتصارها في الحرب العالمية-، واتفقا على تسمية هذا المشروع براند، وتعني كلمة راند الحروف الأولى للكلمات التالية: Research And Development أي البحث والتطوير
ثم استقل مشروع راند بنفسه، وأصحبت راند مؤسسة بحثية حرة ومستقلة غير ربحية، ثم بدأت راند تقدم بحوثها ودراستها في مجالات الحياة المختلفة..وأخذت تتطور شيئا فشئيا حتى أصبحت اليوم أكبر وأبرز مراكز البحث في أمريكا. ولضخامة مركز راند يقدر عدد موظفيه أكثر من 1600 موظفا، يحمل أكثر من 86% منهم الشهادات العليا، وانضم إليها أكثر من 30 عالما مِن مَن فازوا بجائزة نوبل، وعددا من الشخصيات الفكرية البارزة، مما ساهم في تحقيق إيرادات مالية عالية وصلت في سنة 2007م إلى أكثر من 223 مليون دولار ([1]).

أهميتها:

1- الاهتمام الرسمي الذي يتمتع به المركز، فهو محل ثقة وتقدير من الإدارة الأمريكية. 2- مكانة باحثي مركز راند السياسية والإجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية.
3- التميز والجدية والعمق في البحوث والدراسات التي يقدمها مركز راند([2]).

أبرز باحثيها:
1- دونالد رامسفيلد: وزير الدفاع الأمريكي السابق.
2- كونداليزا رايس: وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، كانت ولا تزال عضوا في مجلس أمناء مركز راند. 3- هنري كيسنجر: وزير الخارجية الأمريكية السابق.

علاقة راند بالسياسة الأمريكية:
كان لمراكز البحوث والدراسات الأمريكية دورا رئيسيا في انتصار أمريكا في الحرب العالمية الثانية مما جعل وزارة الدفاع الأمريكية تصدر قانونا يخولها الإنفاق بسخاء على برامج الدراسات العربية والإسلامية وبرامج دراسات الشرق الأوسط في الجامعات الأمريكية، وفي مراكز البحوث والمؤسسات العلمية المختلفة، واستعانت في هذا الأمر بمجموعة من المستشرقين الأوروبيين الذين تركوا بلادهم إلى العالم الجديد لأنهم أدركوا اهتمام أمريكا بخبراتهم. وانتشرت مراكز الدراسات العربية الإسلامية وأقسام الشرق الأوسط في الجامعات والمعاهد العلمية الأمريكية حتى تجاوز عددها المئات، وبدأت نشاطاً محموماً في دراسة العالم الإسلامي. وبعد مضي فترة من الزمن لم تطل كثيراً أصبحت هذه المراكز عصب السياسة الأمريكية تمد السياسيين بالمعلومات والمقترحات والآراء والخطط، وحدث تبادل في المراكز فكم من مستشرق أو متخصص في الدراسات العربية الإسلامية انتقل إلى العمل السياسي، وكم سياسي ترك السياسة إلى العمل الجامعي والبحث والدراسة.
ولعل من أبرز اهتمامات السياسة الأمريكية دراسة الحركة الإسلامية وسبل مواجهتها والقضاء عليها، ومن ذلك أن مجموعة من المستشرقين والسياسيين الذين عملوا في العالم الإسلامي قدموا ثمرة خبراتهم وبحوثهم للكونجرس الأمريكية في جلسات خاصة في صيف وخريف عام 1985م" ([3]).

·
تقرير راند: بناء شبكات إسلامية معتدلة:

لماذا يريدون بناء شبكات الاعتدال؟
يجيب التقرير عن ذلك فيقول:"إن الصراع الموجود حالياً في معظم أنحاء العالم الإسلامي عبارة عن حرب للأفكار.. وهذه الحرب لها تأثير عميق على أمن الدول الغربية.. ويمكن لشبكات ومؤسسات المسلمين المعتدلين أن تعمل على توفير منبر لتقوية رسالة المعتدلين إضافة إلى كونها تشكل قدراً من الحماية ضد العنف والإرهاب" ([4]).

أهداف الدراسة:
يبين التقرير أهدافه فيقول: "استخلاص الدروس من تجربة الحرب الباردة ومدى ملائمتها لوضع العالم الإسلامي الراهن، وتقييم فاعلية برامج التزام الحكومة الأمريكية مع العالم الإسلامي، وتوفير خارطة طريق لتشييد شبكات للمسلمين الليبراليين والمعتدلين، وهذا ما تهدف إليه هذه الدراسة"([5]).

محددات الاعتدال: يطرح التقرير عدة أسئلة تبين الاعتدال المنشود، وهي:
"هل تقوم هذه الجماعة أو الفرد بتدعيم الديمقراطية؟ وفي هذه الحالة، هل تعرف هذه الجماعة الديمقراطية بشكل متسع في ضوء الحقوق الفردية؟ هل تقوم بعمل أي استثناءات (على سبيل المثال استثناءات تتعلق بحرية الأديان)؟ وهل تؤمن بأن تغيير الديانة هو حق من حقوق الأفراد؟ وهل تعتقد أن الدولة يجب أن تطبق مبادئ القانون الجنائي للشريعة الإسلامية وتجعلها محلاً للتنفيذ؟ وهل تعتقد أن الأقليات الدينية لهم نفس حقوق المسلمين؟ وهل تعتقد أن الأقليات الدينية من الممكن أن يتقلد أحد من أفرادها منصب سياسي عالي في دولة بها أكثرية من المسلمين؟

البيئات الخصبة لوجود للمعتدلين :
يشير التقرير إلى أن "هناك ثلاث قطاعات واسعة.. تستطيع الولايات المتحدة والعالم الغربي أن تجد مشاركين من بينهم في مجهوداتهم للتغلب على التطرف الإسلامي وهذه القطاعات تتكون من: العلمانيين والمسلمين الليبراليين والمعتدلين التقليديين, بما فيهم الصوفية" ([6]).

أهمية المرأة بالنسبة للتقرير:
تبرز أهمية المرأة في كون "قضية حقوق المرأة تمثل أرض المعركة الرئيسية أو الموضوع الرئيسي لحرب الأفكار المنتشرة حالياً بالعالم الإسلامي"([7]).

موقفه من التيار السلفي:

يدعو التقرير إلى "العمل مع جماعة المسلمين المعتدلين داخل البلاد ذات الظروف أو الأوضاع الأكثر ملائمة لبناء شبكة إسلامية قوية من المعتدلين و المعاهد و المؤسسات بغية دعم هذه المجتمعات للتصدي للتفسيرات الخاصة بالتيارالسلفي المتطرف للديانة الإسلامية والموجه من دول الشرق الأوسط"([8]).

التركيز على أطراف العالم الإسلامي لبناء شبكات إسلامية معتدلة:
يركز التقرير على الأماكن المستهدفة فيقول: "أما فيما يتعلق بالبعد الجغرافي, نحن نقترح عمل نقلة في الأولويات من الشرق الأوسط لمناطق أكثر اعتدالا في العالم الإسلامي حيث قد تسمح هذه البيئات بوجود أنشطة قد تحدث تأثيرا فيها وبالتالي من المحتمل أن تحقق نجاحا.. الشرق الأوسط هو مصدر تصدير الأفكار المتطرفة وتؤثر هذه الأفكار في بقية العالم الإسلامي وكذلك الشتات المسلم في دول أوروبا وأمريكا الشمالية"([9]).


وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


[1] ينظر: الغرب من الداخل دراسات للظواهر الاجتماعية، د. مازن مطبقاني، ص: 88- 89، تقرير مؤسسة راند: إسلام حضاري ديموقراطي، صالح الغامدي، ص: 35-56.

[2] ينظر: الموسوعة العالمية العربية، مادة: راند، تقرير مؤسسة راند: إسلام حضاري ديموقراطي، صالح الغامدي، ص:55.
[3] بحوث في الاستشراق الأمريكي المعاصر، د. مازن مطبقاني، ص: 2-3.
###