الداعية بين الحقيقة والمجاز
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد العالمين

وبعد

إن من يعبد صنما أو يعبد أي إله دون الله أو مع الله ليس عبدا حقيقيا لله تعالى ، بل هو مشرك حقيقي لا يشك أحد في كفره.


أما من يشغله المال والولد والمنصب عن أداء الفرائض أو يحلف بغير الله أو يجعل بينه وبين الله واسطة فهذا مشرك مجازي ،
ضرب أحد علماء الهند مثالا على ذلك فقال في ملخص كلامه :


لو أننا أتينا بصنم من ذهب وقلنا اعبد الصنم الذهبي لأنكر علينا الناس كيف نعبد الصنم وقد هدانا الله للإسلام ؟
ولكن لو فككنا هذا الصنم وأصبح قطعا من الذهب وكل واحد منا أخذ قطعة من الذهب ماذا يحدث ؟
ستجدنا انشغلنا بأمر هذا الصنم ( أقصد الذهب أو الأموال أو العمل أو مجريات الحياة الدنيا الدنية) عن أداء الفرائض فأصبح الصنم المعنوي أو المجازي شريكا لله تعالى ولكن في صورة أخرى ليست صورة حقيقية بل مجاز
لا يعبد صنما ولكن يشغله الجنيه عن أداء الفرائض ، فالجنيه أو الريال أو الدينار ......أيا كان شغله عن المقصد الذي من أجله خلق الخلق وهو العبادة
" وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون "


فإذا كان كسب الجنيه أكبر همي ومبلغ علمي يأتي الجنيه على العين فأصبحت العين لا تبصر إلا الجنيه فهو أصبح أعمى ليس أعمى حقيقة ولكن مجازا فهو لا يبصر دينا ومسجدا وابنا وأبا ولا يصل الرحم ، كل حياته الفلوس همه كيف أكتسبه أو أجمعه؟
تخيل معي :
أم لها ولدان أعطت كل واحد منهما مائة جنيه وقالت: اذهبا ولكنني سأسألكما فيم أنفقتماها
فذهبا الغلامان أحدهما متذكر وصية أمه فلم ينفق إلا قدر حاجته، والثاني أنفق وغر نفسه بالأماني .
وفي المساء جاء الغلامان إلى المنزل فوجدا الأم قد وضعت صفيحا ساخنا وقالت للأول : اصعد ثم سألته فيم أنفقت فأجاب وقدمه تكاد تحترق : أنفقت في كذا وكذا ثم نزل ، كان حسابه يسيرا لأنه تذكر العاقبة
أما الثاني فصعد ، وسألته أمه فيم أنفقت ؟ فقال : جنيه في كذا وكذا ، خمسة في كذا ...............الخ وجعل يعدد ينسى تارة ويتذكر تارة . مسكين ما حال قدمه..
بل ما حالنا نحن مع الله تعالى بسبب هذه الأموال التي ستجعل الحساب عسيرا .
فالأموال جعلها الله وسيلة لإرضائه ، وليست غاية


كن عبدا حقيقيا ولا تكن مشركا مجازيا
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
وصل اللهم على محمد وآله وسلم
عادل الغرياني