العابثون < لهم وجود > !! ..
كل يوم لتلك الأصوات الخانعة المنهزمة : نقيق تردده هنا وهناك ، تطالب أمتها المريضة : بأنَّ حياتها وعزتها ، وتقدمها العلمي والثقافي .. لا يكون إلا بإعادة تأويل هذا الدين ، وأصوله المنقولة ، ودلائله المسطورة .. تغييراً ما عرفه أئمة الإسلام ، ونقلة الشريعة ، وهداة البشرية دِلالة وإرشاداً ..
وكما فعل الغربُ بإزالة الدين المحرف ، والكنيسة من حياة الناس ؛ فكان له التقدم والريادة .. فكذلك يجب على الأمة المسلمة أنْ تسعى جاهدةً في محاكة الغرب ، واتباع قيمه ومفاهيمه ؛ لتصل إلى ما وصل إليه من التقدم ..
وغفل أولئك الشذاذ ، أو تعمدوا تغفيل تاريخ وجود الإسلام ، والفارق بينه وبين المسخ الكنسي المحرف من فعل أهل الزيغ والشهوة والضلال .. وبين الدين الحق الذي لـمَّـا تمسك به المسلمون سادوا الأرض علماً ورقياً وحضارةً وعدلاً في بضع سنين ..
وأصحاب هذه الدعوات التغريبية المريضة : لهم تسميات ومواضعات ظاهرها برق إعلامي جميل ، وحقيقتها خُلَّبٌ لا حياة فيها ، إلا إزالة روح الإسلام من الوجود ، وتفعيله في واقع المسلمين ..
ومن تلك المسميات والإطلاقات : التطوير ، التجديد ، التحديث .. دعاة التنوير ،الإسلاميون التقدميون !! أصحاب الفكر الإسلامي المستنير ، العقلانية الإسلامية ، المحايد العصراني .. في سلسلة عليلة يطول يذكرها ..
وهؤلاء ليسوا بأهل تجديد وإبداع ؛ بل هم يحاكون ويقلدون تلك المدرسة العقلية القديمة التي يمثلها المتكلمون ، والمعتزلة وغيرهم .. وعلى الرغم من تلك الفروق بينهم ، إلا أن لهم التقاء واجتماع في أصول منها :
• الوثوق بأحكام العقل ، والدعوة إلى توظيف أحكامه ونتائجه ، وتقديمها على النقل .. وهذا العقل الممجد عندهم متأثر بما يقوله الفكر الغربي حول قضايا الدين والتطور فلسفةً وتصوراً وتكييفاً ..
• النزعة إلى التجديد العبثي في أصول الإيمان والاعتقاد ، وأصول التشريع ..
• الجرأة على إثارة الشبهات ، والفتاوى الغريبة والشاذة ، والقول على الله عز وجل بغير علم ، ومحاولة تغيير الأحكام التي ورد فيها النص اليقيني ثبوتاً ودِلالةً من الكتاب والسنة ، مثل : عقوبة المرتد ، وفريضة الجهاد ، والحدود .. وغير ذلك ، فضلاً عن موضوع الحجاب ، وتعدد الزوجات ، والطلاق والإرث .. وطلب أصحاب هذا الفكر إعادة النظر في ذلك كله ، وتحكيم العقل على تلك المطالب الشرعية ..
• الدعوة إلى حرية الفكر عبثاً أو صواباً ، ، والترويج لأصحاب المذاهب المنحرفة ، والأديان والنحل الضالة ، باسم التسامح والتعايش ..
• تأويل القرآن ، والسنة تأويلاً عقلياً جديداً ، ما عرفه علماء الإسلام ، ولا الإسلام نفسه !! ..
وهؤلاء في الغلاب الأعم ليس لهم التخصص في علوم الشريعة وآلتها ؛ بل الكثير منهم أصحاب تخصصات تخالف الأصول المقررة والمتبعة في المتكلمين في أمور الدين أصلاً وفرعاً واستخرجاً وتنزيلاً وفقهاً ودرايةً ..
ولهذا هم لا يلتزمون بمنهج ، أو اتجاه واحد ، فلهم أراء متباينة ، وأفكار متناقضة ، فضلاً عن تفاوتهم في الغلو والتحريف لمطالب الدين ..
ومقصدهم : تطويع الإسلام ، ومفاهيمه ، لقيم الغرب وآرائه ، ولهم جرأة كبيرة في كل المجلات ، سواء كانت عقدية أم فقهية .. وصولاً إلى تقديم إسلام يخالف الإسلام الذي بـُـعث به محمد صلى الله عليه وسلم ، وإلى دين جديد لا يعرفه المسلمون صحابةً وأتباعاً وعلماء ، وعموم المتدينة بدين النجاة في الدنيا والآخرة ..
ولهذا وجب وجوب الدفاع عن لإسلام : الحذر والتحذير من تلك الدعوات العابثة ، وصد عادياتها المقروءة والمسموعة ، والمرئية .. بكشف رموزها، وحقيقتها ، والابتعاد عنها ، والحذر من الوقوع في حبالها ومصائدها .. حفظ الله الدين وأهله ، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن ..

حسن الحملي ..