22-11-2014 | مركز التأصيل للدراسات والبحوث
إن تجرؤ بعض وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، على استضافة بعض من يتطاولون على الذات العلية سبحانه وتعالى، أو يتطاولون على رسوله صلى الله عليه وسلم، بالسب أو الانتقاص أو غير ذلك مما لا يليق به سبحانه وتعالى أو برسوله صلى الله عليه وسلم، وينشرون الإلحاد ويسهلونه للناس، باسم حرية التعبير عن الرأي، هو ما دفعنا للحديث عن هذه المسألة الجد خطيرة في الإسلام.


رغم كون التطاول على الله تعالى أو على رسوله صلى الله عليه وسلم بالسب أو الانتقاص من أعظم الكبائر وأقبح القبائح، بل ومن أشنع أنواع المكفرات القولية عند العلماء، إلا أن بعض الناس ممن ينتسبون إلى الإسلام ما زالوا يقعون في هذه الجريمة النكراء.


إن تجرؤ بعض وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، على استضافة بعض من يتطاولون على الذات العلية سبحانه وتعالى، أو يتطاولون على رسوله صلى الله عليه وسلم، بالسب أو الانتقاص أو غير ذلك مما لا يليق به سبحانه وتعالى أو برسوله صلى الله عليه وسلم، وينشرون الإلحاد ويسهلونه للناس، باسم حرية التعبير عن الرأي، هو ما دفعنا للحديث عن هذه المسألة الجد خطيرة في الإسلام.


وإذا كان الشيخ المغربي "يحيى المدغري" قد تطرق في خطبة الجمعة الماضية بمسجد حمزة رضي الله عنه بمدينة "سلا" المغربية لظاهرة "سبّ الله تعالى" الخطيرة المنتشرة في المجتمع المغربي -حسب وصف الشيخ- فإنه لا يمكن الزعم بأن الأمر يتوقف على المغرب فحسب، فظاهرة التطاول على الذات الإلهية قد تعدت حدود المغرب إلى بعض الدول العربية، التي يحاول التيار العلماني فيها جر المسلمين إلى الإلحاد، عبر تكثيف حملتهم ضد الإسلام في وسائل الإعلام.


فقد أثير مؤخرا إعلاميا مقطع مصور، لدركي يتوعد ويشتم فتاة مشتبه فيها ويسبها بسباب وقح، وعندما قالت له، "من بعد الله"، سبها وسبّ الله جل في علاه، ثم زاد من طغيانه بكلام لا يليق التلفظ به في هذا المقام.


وقد بين الشيخ المدغري في مبتدإ خطبته أن خطايا اللسان دون هذه الجريرة العظيمة يعاقب عليها الإنسان عقوبات شديدة، وأن الشرع بين خطرها ومآلها في اليوم الآخر، فكيف بمن يتجرأ على سبّ الحق سبحانه وتعالى؟


ثم ذكر مجموعة من الآيات القرآنية في بيان خطورة هذا الأمر محذرا من المستخفين به، ومن ذلك قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ . لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} التوبة 65-66.


كما حكى إجماع علماء جميع المذاهب على تكفير من سبّ الله أو تنقص منه أو استهزأ بدينه، وأنهم قالوا بردته، وهو ما يتفق مع مذهب أهل السنة والجماعة، فقد سئل الشيخ عبد العزيز ابن باز عن حكم من سب الله تعالى أو الدين فأجاب: "كل من سب الله سبحانه بأي نوع من أنواع السب، أو تنقص أو استهزأ بالله أو برسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر مرتد عن الإسلام، وإن كان يدعي الإسلام بإجماع المسلمين لقول الله عز وجل: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} سورة التوبة 65 -66"


وقد ذكر الشيخ في جوابه أيضا أن من فعل ذلك: "يستتاب فإن تاب وإلا قتل من جهة ولي أمر البلد بواسطة المحكمة الشرعية، وقال بعض أهل العلم : إنه لا يستتاب بل يقتل؛ لأن جريمته عظيمة، ولكن الأرجح أن يستتاب لعل الله تعالى يمن عليه بالهداية فيلزم الحق، ولكن ينبغي أن يعزر بالجلد والسجن حتى لا يعود لمثل هذه الجريمة العظيمة".


والحقيقة أن شيخ الإسلام ابن تيمية قد بسط الأدلة في هذه المسألة في كتابه: (الصارم المسلول على شاتم الرسول(، كما أن فقهاء وعلماء أهل السنة قد فصلوا في هذه المسائل وغيرها من نواقض الإسلام في باب حكم المرتد، فيمكن للقارئ الكريم الرجوع إليها إن أراد الاستزادة.


ولقد فعل الشيخ المغربي "المدغري" خيرا حين طالب بتفعيل الدستور المغربي الذي يقرر بأن الدين الرسمي في المملكة المغربية هو الإسلام لتجريم "سبّ الله تعالى"، وبأن نواب الأمة الحريصين على مناصبهم وماكسبهم الأولى بهم الغضب والانتصار لله تعالى ولدينه، وحجز السفهاء عن هذا المنكر العظيم، وهو ما ينبغي أن يطالب به جميع المسؤولين في الدول العربية والإسلامية، حيث إن معظمها -إن لم نقل جميعها– ينص دستورها على أن الإسلام هو دين الدولة الرسمي.


إن خطورة التطاول على الله تعالى بأي لفظ فيه انتقاص، باسم حرية التعبير أو باسم أي بدعة أخرى، لا تقتصر على الفاعل بعينه - حيث تذهب بدينه وعقيدته إن لم يتب منها - بل ربما تعم المجتمع الإسلامي بأسره بالويل والعقوبة إن تعدت الحالات الفردية، لتصبح ظاهرة اجتماعية لا قدر الله، إذا لم يسارع أهل العلم بوعظ الناس واستتابتهم عن الوقوع ثانية في مثل هذا المنزلق الخطير، وإذا لم تسارع الدول العربية والإسلامية في إنزال العقوبة الرادعة بكل من يخالف ما هو منصوص في دساتيرها وقوانينها.