الطوفان وإنقاذ مظاهر الحياة والأهل
قال تعالى"حتى إذا جاء أمرنا وفار التنورقلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ "(هود40)وفي هذه الآية عدة أمور،منها:-
1- الواو في قوله تعالى"وفار التنور"تفيد الترتيب ،فهناك أمر الله -تعالى - تلاه فوران التنور تلاه القول والأمر بعملية الإنقاذ،وهذا من التقدم بالزمان ، وهذا الجزء من الآية الكريمة يترتب من الخاص "القريب" إلى العام "البعيد" من حيث الزمن والأهمية المعنوية والطبع والسبب، ومن غير المعقول تقديم شيء على شيء آخر،ومن غير المعقول أن تحدث هذه الأمور مجتمعة في وقت واحد ،فالواو تفيد الترتيب .
2- على من نعطف"من آمن"؟أنعطفه على القريب"من سبق عليه القول"أم نعطفه على البعيد""أهلك"؟"من آمن"معطوف على البعيد لأن استثناء المؤمنين من ركوب السفينة أمر يرفضه العقل،فهناك تنافر معنوي أو عدم احتياج معنوي بين المعطوف والمعطوف عليه ،ولا يجتمعان، وقد تم الفصل بين المعطوف"من آمن" والمعطوف عليه "أهلك" بواسطة"إلا والمستثنى" بسبب الاحتياج المعنوي بين عناصر أسلوب الاستثناء،ولئلا نستثني "من سبق عليه القول" مِن قوله "ومَن آمن" وهذا يحدث اللبس ،وكذلك هناك اتصال لقوله" ومن آمن" بما بعده وهو قوله"وما آمن معه إلا قليل" بسبب الاحتياج المعنوي.
3- تقديم "من كل زوجين اثنين "على "الأهل " من العام إلى الخاص ، ومن الأهم إلى الأقل أهمية ،للدلالة على الاهتمام بأسباب ومظاهر الحياة الأخرى ، فالله تعالى أنقذ الحياة قبل سيدنا نوح وأهله ، ومن هنا ارتبط قوله "من كل زوجين اثنين "مع فعل الحمل أولا ، ومن أجل اتصال "الأهل" بما بعدها وهو المستثى والمعطوف .
فاللغة تقوم على الأهمية المعنوية والاحتياج المعنوي ،والإنسان يتحدث تحت رعاية الاحتياج المعنوي وعلامات أمن اللبس.