تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 32

الموضوع: مسألة : فيمن يكفر غيره من المسلمين والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل والذي لا يعذر

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي مسألة : فيمن يكفر غيره من المسلمين والكفر الذي يعذر صاحبه بالجهل والذي لا يعذر

    الحمد لله والصلاة والسلام الأكملان الأتمان على رسوله محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين .
    فهذه رسالة أقدمها لإخواني ـ وحصريا للمجلس العلمي الأغر ـ لفائدتها الكبيرة ، ولا سيما في زماننا هذا الذي كثرت فيه الاختلافات حول مسائل تتعلق بالكفر والتكفير . ( وعذرا لأنني أكتبها بيدي شيئا فشيئا ، فستكون على مراحل متتابعة بإذن لله تعالى )
    فإلى متنها :

    ـ سؤال وجه إلى الشيخ العلامة الإمام عبد الله بن عبد الرحمن بن الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن سلطان بن خميس ، الملقب كأسلافه : " أبا بطين " العائذي تلميذ الإمام عبد الله بن السيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، ت 1282 هـ .
    بسم الله الرحمن الرحيم
    سؤال : ما معنى قول الشيخ تقي الدين ( ابن تيمية ) رحمه الله في رده على ابن البكري :
    " فلهذا كان أهل العلم و السنة لا يكفرون من خالفهم و إن كان ذلك المخالف يكفرهم لأن الكفر حكم شرعي فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك وزنى بأهلك ليس لك أن تكذب عليه و تزني بأهله لأن الكذب و الزنا حرام لحق الله تعالى و كذلك التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله و رسوله
    و أيضا فإن تكفير الشخص المعين و جواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها و إلا فليس كل من جهل شيئا من الدين يكفر ...".

    إلى أن قال : ولهذا كنت أقول للجهمية من الحلولية و النفاة الذين نفوا أن الله تعالى فوق العرش لما وقعت محنتهم أنا لو وافقتكم كنت كافرا لأني أعلم أن قولكم كفر و أنتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال .. إلخ(1) .

    أفتونا : ما معنى قيام الحجة ؟ أثابكم الله بمنه وكرمه .

    الجواب : الحمد لله رب العالمين ، تضمن كلام الشيخ رحمه الله مسألتين :
    إحداهما ؛ عدم تكفيرنا لمن كفرنا . وظاهر كلامه أنه سواء كان متأولا أم لا .
    وقد صرح طائفة من العلماء أنه إذا قال ذلك متأولا لا يكفر .
    ونقل ابن حجر الهيتمي عن طائفة من الشافعية أنهم صرحوا بكفره إذا لم يتأول ، فنقل عن المتولي أنه قال : إذا قال المسلم : يا كافر ، بلا تأويل كفر .
    قال : وتبعه على ذلك جماعة ، واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم : إذا قال الرجل لأخيه : يا كافر ، فقد باء بها أحدهما "(2) . والذي رماه به مسلم ، فيكون هو كافرا .
    قالوا : لأنه سمى الإسلام كفرا .
    وتعقب بعضهم هذا التعليل ـ وهو قولهم : لأنه سمى الإسلام كفرا . فقال : هذا المعنى لا يفهم من لفظه ، ولا هو مراده ، إنما مراده ومعنى لفظه : أنك على دين الإسلام الذي هو حق ، وإنما أنت كافر ، دينك غير الإسلام ، وأنا على دين الإسلام . وهذا مراده بلا شك ؛ لأنه إنما وصف بالكفر الشخص لا دين الإسلام ، فنفى عنه كونه على دين الإسلام فلا يكفر بهذا القول ، وإنما يعزر بهذا السب الفاحش بما يليق به ، ويلزم على ما قالوه أن من قال لعابد : يا فاسق ، كفر ؛ لأنه سمى العبادة فسقا ، ولا أحسب أحدا يقوله ، وإنما يريد : أنك فاسق وتفعل مع عبادتك ما هو فسق ، لا أن عبادتك فسق . انتهى .
    وظاهر كلام النووي في شرح مسلم يوافق ذلك ، فإنه لما ذكر الحديث قال : وهذا مما عده بعض العلماء من المشكلات من حيث أن ظاهره غير مراد وذلك أن مذهب أهل الحق أنه لا يكفر المسلم بالمعاصى كالقتل والزنا وكذا قوله لأخيه كافر من غير اعتقاد بطلان دين الاسلام .
    ثم حكى في تأويل الحديث وجوها :
    أحدها : أنه محمول على المستحل لذلك وهذا يكفر فعلى هذا معنى باء بها أى بكلمة الكفر وكذا حار عليه وهو معنى رجعت عليه أى رجع عليه الكفر فـ " باء " و" حار " و " رجع " بمعنى واحد .
    الثانى : رجعت عليه نقيصته لأخيه ومعصية تكفيره .
    الثالث : أنه محمول على الخوارج المكفرين للمؤمنين . وهذا الوجه نقله القاضي عياض عن مالك . وهو ضعيف؛ لأن المذهب الصحيح المختار الذى قاله الأكثرون والمحققون أن الخوارج لا يكفرون كسائر أهل البدع .
    الرابع : معناه أنه يؤول إلى الكفر ، فأن المعاصى ـ كما قالوا ـ بريد الكفر ، ويخاف على المكثر منها أن يكون عاقبة شؤمها المصير إلى الكفر . ويؤيده ما جاء فى رواية أبى عوانة في مستخرجه على صحيح مسلم : " فان كان كما قال والا فقد باء بالكفر ".
    الخامس : فقد رجع عليه تكفيره ، وليس الراجع حقيقة الكفر ، بل التكفير ؛ لكونه جعل أخاه المؤمن كافرا ، فكأنه كفر نفسه ، إما لانه كفر من هو مثله ، وإما لانه كفر من لا يكفره الا كافر يعتقد بطلان دين الاسلام . انتهى (3).
    وقال ابن دقيق العيد في قوله صلى الله عليه وسلم :
    ومن دعا رجلا بالكفر", أو قال: "عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه": أي رجع عليه ، وهذا وعيد عظيم لمن أكفر أحدا من المسلمين وليس كذلك هي ورطة عظيمة وقع فيها خلق من العلماء ، اختلفوا في العقائد وحكموا بكفر بعضهم بعضا .
    ثم نقل عن الأستاذ لأبي إسحاق الإسفراييني أنه قال : لا أكفر إلا من كفرني . وربما خفي هذا القول على بعض الناس وحمله على غير محمله الصحيح ، والذي ينبغي أن يحمل عليه: أنه قد لمح هذا الحديث الذي يقتضي أن من دعا رجلا بالكفر - وليس كذلك - رجع عليه الكفر ، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم : "من قال لأخيه: كافر: فقد باء بهما أحدهما" .
    وكأن هذا المتكلم ـ أي أبو إسحاق ـ يقول : الحديث دل على أنه يحصل الكفر لأحد الشخصين إما المكفِّر وإما المكفَّر ، فإذا كفرني بعض الناس فالكفر واقع بأحدنا ، وأنا قاطع أني لست بكافر ، فالكفر راجع إليه انتهى .(4)

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    يتبع بإذن الله .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2014
    الدولة
    الجزائر
    المشاركات
    513

    افتراضي

    بارك الله فيك أبا مالك
    و لعل كل وجه من هذه الأوجه ينطبق على بعض الأفراد بحسب القائل فالناس مختلفون و يكون الحديث من جوامع الكلم
    قال بن عمــر
    "مجلس فقـــه خيـــر من عبـــادة ستيــن سنـــة"

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Oct 2010
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    418

    افتراضي

    بارك الله فيك
    واصل وصلك الله ياشيخنا

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    بورك فيكما .
    يتبع بإذن الله ..

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    قال رحمه الله :
    وظاهر كلام أبي إسحاق : أنه لا فرق بين المتأول وغيره ، والله أعلم .
    وما نقله القاضي عن مالك ـ من حمله الحديث على الخوارج ـ موافق لإحدى الروايتين عن أحمد في تكفير الخوارج ، اختارها طائفة من الأصحاب وغيرهم ؛ لأنهم كفروا كثيرا من الصحابة واستحلوا دماءهم وأموالهم متقربين بذلك إلى الله تعالى ، فلم يعذروهم بالتأويل الباطل .
    لكن أكثر الفقهاء على عدم كفرهم لتأويلهم ، وقالوا : من استحل قتل المعصومين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل كفر ، وإن كان استحلاله ذلك بتأويل ـ كالخوارج ـ لم يكفر ، والله أعلم وأحكم .

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    المسألة الثانية : أن تكفير الشخص المعين وجواز قتله موقوف على أن تبلغه الحجة النبوية التي يكفر من خالفها ...الخ .
    يشمل كلامه من لم تبلغه الدعوة ، وقد صرح بذلك في موضع آخر .
    ونقل ابن عقيل عن الأصحاب أنه لا يعاقب . وقال : إن عفو الله عن الذي كان يُعامِل ويتجاوزُ(5) ؛ لأنه لم تبلغه الدعوة وعمل بخصلة من الخير .
    واستُدِل لذلك بما في " صحيح مسلم " مرفوعا : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة ـ يهودي أو نصراني ـ ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار "(6) .
    قال في "شرح مسلم" : خص اليهود والنصارى ؛ لأن لهم كتابا .
    قال : وفي مفهومه أن من لم تبلغه دعوة الإسلام فهو معذور .
    قال : وهذا جار على ما تقرر في الأصول : لا حكم قبل ورود الشرع على الصحيح . انتهى (7).
    وقال القاضي أبو يعلى في قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) : في هذا دليل على أن معرفة الله تعالى لا تجب عقلا ، وإنما تجب بالشرع ، وهو بعثة الرسل ، وأنه لو مات الإنسان قبل ذلك لم يقطع عليه بالنار . انتهى (8).
    وفيمن لم تبلغه الدعوة قول آخر : أنه يعاقب . اختاره ابن حامد (9) ، واحتج بقوله تعالى : (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى ) ، الله أعلم .
    فمن بلغته رسالة محمد صلى الله عليه وسلم وبلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة ، فلا يعذر في عدم الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، فلا عذر له بعد ذلك بالجهل .
    وقد أخبر الله سبحانه بجهل كثير من الكفار مع تصريحه بكفرهم ووصف النصارى بالجهل مع أنه لا يشك مسلم في كفرهم ، ونقطع أن أكثر اليهود والنصارى اليوم جهال مقلدون ، ونعتقد كفرهم وكفر من شك في كفرهم .
    وقد دل القرآن على أن الشك في أصول الدين كفر ، والشك : هو التردد بين شيئين ، كالذي يجزم بصدق الرسول ولا كَذِبه ، ولا يجزم بوقوع البعث ولا عدم وقوعه ، ونحو ذلك ، كالذي لا يعتقد وجوب الصلاة ولا عدم وجوبها ، أو لا يعتقد تحريم الزنى ولا عدم تحريمه ، وهذا كفر بإجماع العلماء ، ولا عذر لمن كان حاله هكذا بكونه لم يفهم حجج الله وبيناته ؛ لأنه لا عذر له بعد بلوغها له وإن لم يفهمها .
    وقد أخبر الله عن الكفار أنهم لم يفهموا فقال : (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا ) وقال : إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) .
    فبين سبحانه أنهم لم يفقهوا فلم يعذرهم لكونهم لم يفهموا ، بل صرح القرآن بكفر هذا الجنس من الكفار ، كما في قوله تعالى :( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِين َ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ) .

    قال الشيخ أبو محمد موفق الدين ابن قدامة رحمه الله تعالى : لما انجرَّ كلامه في مسألة : هل كل مجتهد مصيب أم لا؟ ورجح أنه ليس كل مجتهد مصيبا ، بل الحق في قول واحد من أقوال المجتهدين ، قال : وزعم
    الجاحظ أن مخالف ملة الإسلام إذا نظر فعجز عن درك الحق فهو معذور غير آثم ...ـ إلى أن قال ـ : وأما ما ذهب إليه الجاحظ فباطل يقينا ، وكفر بالله تعالى ، وردٌّ عليه وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ، فإنا نعلم قطعا أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر اليهود والنصارى بالإسلام واتباعه ، وذمهم على إصرارهم ، وقاتل جميعهم ، يقتل البالغ منهم ، ونعلم أن المعاند العارف مما يقِلُّ ، وإنما الأكثر مقلدة اعتقدوا دين آبائهم تقليدا ولم يعرفوا معجزة الرسول وصدقه . والآيات الدالة في القرآن على هذا كثيرة ، كقوله تعالى : ( ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ) .
    ( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين )
    ( إن هم إلا يظنون ) .
    ( ويحسبون أنهم على شيء ) .
    ( ويحسبون أنهم مهتدون )
    ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) .
    وفي الجملة ذمُّ المكذبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا ينحصر في الكتاب والسنة (10).
    فبين رحمه الله تعالى أنا لو لم نكفر إلا المعاند العارف لزمنا الحكم بإسلام أكثر اليهود والنصارى ! وهذا من أظهر الباطل .


  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وفيكم بارك أبا فراس .

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    320

    افتراضي

    رحم الله الإمام المُجاهد المجدد أبو بطين ، فكلامه يوافق كلام باقي أئمة الدعوة ، ولكن المُتعامين عن الحق كثير !!!
    بارك الله فيكم ونفع بكم

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    جزاكم الله خيرا .

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    فقول الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى : " إن التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة " يدل من كلامه على أن هذين الأمرين ـ وهما التكفير والقتل ـ ليسا موقوفين على فهم الحجة مطلقا ، بل على بلوغها .
    ففهمها شيء وبلوغها شيء آخر ، فلو كان هذا الحكم موقوفا على فهم الحجة لم نكفر ونقتل إلا من علمنا أنه معاند خاصة ، وهذا بين البطلان .
    بل آخر كلامه ـ رحمه الله ـ يدل على أنه يَعتبرُ فهمَ الحجة في الأمور التي تخفى على كثير من الناس وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة ، كالجهل ببعض الصفات .
    وأما الأمور التي هي مناقضة للتوحيد والإيمان بالرسالة فقد صرح ـ رحمه الله تعالى ـ في مواضع كثيرة بكفر أصحابها وقتلهم بعد الاستتابة ، ولم يعذِرْهُم بالجهل ، مع أنا نتحقق أن سبب وقوعهم في تلك الأمور إنما هو الجهل بحقيقتها ، فلو علموا أنها كفر تخرج من الإسلام لم يفعلوها ، وهذا في كلام الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ كثير ، كقوله في بعض كتبه :
    " فكل من غلا في نبي ؛ أو رجل صالح وجعل فيه نوعا من الإلهية ، مثل أن يدعوه من دون الله ؛ نحو أن يقول : يا فلان أغثني ، أو اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو أجبرني، أو توكلت عليك
    أو أنا في حسبك، أو أنت في حسبي ؛ ونحو هذه الأقوال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل " (11).
    وقال أيضا : " فمن جعل بينه وبين الله وسائط ويتوكل عليهم ويسألهم كفر إجماعا "(12).
    وقال :" من اعتقد أن زيارة أهل الذمة في كنائسهم قربة إلى الله فهو مرتد ، وإن جهل أن ذلك محرم عرف ذلك، فإن أصر صار مرتدًا ".
    وقال : " من سب الصحابة أو أحدا منهم ، واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي ، أو أن جبريل غلط !! فلا شك في كفر هذا ، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره " (13).
    وقال أيضا : من زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر ، أو أنهم فسقوا ، فلا ريب في كفر قائل ذلك ، بل من شك في كفره فهو كافر ".انتهى (14).
    فانظر كيف كفر الشاك ، والشاك جاهل ، فلم ير الجهل عذرا في مثل هذه الأمور .
    وقال رحمه الله في أثناء كلام له : " ولهذا قالوا : من عصى مستكبرا كإبليس كفر بالاتفاق ، ومن عصى مشتهيا لم يكفر عند أهل السنة ، ومن فعل المحارم مستحلا فهو كافر بالاتفاق ".
    قال : "والاستحلال اعتقاد أنها حلال ، وذلك يكون تارة باعتقاد أن الله لم يحرمها ، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها ، وهذا يكون لخلل في الإيمان بالربوبية أو الرسالة ، ويكون جحدا محضا غير مبني على مقدمة ، وتارة يعلم أن الله حرمها ثم يمتنع من التزام هذا التحريم ويعاند ، فهذا أشد كفرا ممن قبله " انتهى (15).
    وكلامه رحمه الله في مثل هذا كثير .

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    ما شاء الله، موضوع مهم.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة


    إحداهما ؛ عدم تكفيرنا لمن كفرنا .
    بارك الله فيك شيخنا، في هذا نقض لما عليه كثير من الناس بأن المعاملة بالمثل.
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    نعم ، نفع الله بك أبا البراء ، وهذه الرسالة مهمة للغاية .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2013
    المشاركات
    60

    افتراضي

    تحقيق مهم، بارك الله فيكم

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي

    نفع الله بكم شيخنا الحبيب
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    بارك الله فيكم جميعا ، في أختنا أم حبيبة ، وفي أخينا الحبيب أبي أسماء محمد طه.

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    فلم يخص التكفير بالمعاند ، مع القطع بأن أكثر هؤلاء جهال لم يعلموا أن ما قالوه أو فعلوه كفر ، فلم يُعذروا بالجهل في مثل هذه الأشياء ؛ لأن منها ما هو مناقض للتوحيد الذي هو أعظم الواجبات ، ومنها ما هو متضمن معارضة الرسالة وردَّ نصوص الكتاب والسنة الظاهرة المجمع عليها بين علماء المسلمين .
    وقد نص السلف والأئمة على تكفير أناس بأقوال صدرت منهم مع العلم أنهم غير معاندين ، ولهذا قال الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ : من جحد وجوب عبادة من العبادات الخمس ، أو جحد حِل الخبز ونحوه ، أو جحد تحريم الخمر ونحوه ، أو شكَّ في ذلك ـ ومثله لا يَجهَلُه ـ كَفَر ، وإن كان مثله يجهله عُرِّف ذلك ، فإن أصر بعد التعريف كفر وقتل ، ولم يخصوا الحكم بالمعاند .
    وذكروا في باب " باب حكم المرتد " أشياء كثيرة ـ أقوالا وأفعالا ـ يكون صاحبها بها مرتدا ، ولم يقيدوا الحكم بالمعاند .

    وقال الشيخ أيضا :"لما استحل طائفة من الصحابة والتابعين الخمر ـ كقدامة وأصحابه ـ وظنوا أنها تباح لمن آمن وعمل صالحا على ما فهموه من آية المائدة ، اتفق علماء الصحابة كعمر وعلي وغيرهما ـ على أنهم يستتابون ، فإن أصروا على الاستحلال كفروا ، وإن أقروا به جلدوا ، فلم يكفروهم بالاستحلال ابتداء لأجل الشبهة حتى يبين لهم الحق ، فإن أصروا كفروا "(16).
    وقال أيضا : ونحن نعلم بالضرورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشرع لأمته أن يدعوا أحدا من الأحياء والأموات ـ لا الأنبياء ولا غيرهم ـ لا بلفظ الاستغاثة ولا بلفظ الاستعانة ولا بغيرهما ، كما أنه لم يشرع لهم السجود لميت ولا إلى ميت ونحو ذلك، بل نعلم أنه نهى عن ذلك كله، وأنه من الشرك الذي حرمه الله ورسوله ، لكن لغلبة الجهل وقلة العلم بآثار الرسالة في كثير من المتأخرين لم يُمكن تكفيرُهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول "(17). انتهى .
    فانظر إلى قوله : لم يمكن تكفيرهم حتى يُبين لهم ما جاء به الرسول .
    ولم يقل : حتى يتبين لهم وتتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة
    .
    وهو رحمه الله يقول : إن هذه الأمور شرك وفاعلها مشرك ، لكنه توقف في هذا الموضع عن إطلاق الكفر والردة عليهم تورعا ، ولم يقل : لم يجز تكفيرهم ، وينكر على من كفرهم .

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    وقال أيضا ـ لما انجر كلامه في ذكر ما عليه كثير من الناس من الكفر والخروج عن الإسلام ـ قال : "وهذا كثير غالب لا سيما في الأعصار والأمصار التي تغلب فيها الجاهلية والكفر والنفاق فلهؤلاء من عجائب الجهل والظلم والكذب والكفر والنفاق والضلال ما لا يتسع لذكره المقال .
    وإذا كان في المقالات الخفية فقد يقال : إنه فيها مخطيء ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها ، لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة التي يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أنها من دين المسليمن ، بل اليهود والنصارى والمشركون يعلمون أن محمدا صلى الله عليه وسلم بُعث بها وكفَّر من خالفها ، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك الله ، ونهيه عن عبادة أحد سوى الله من الملائكة والنبيين أو غيرهم ، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ، ومثل معاداة اليهود والنصارى والمشركين ، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ونحو ذلك .
    ثم تجد كثيرا من رؤوسهم وقعوا في هذه الأنواع ، فكانوا مرتدين ، وإن كانوا قد يتوبون من ذلك أو يعودون ...ـ إلى أن قال ـ وأبلغ من ذلك أن منهم من يصنف في دين المشركين والردة عن الإسلام ، كما صنف الرازي كتابه في عبادة الكواكب ! وأقام الأدلة على حسن ذلك ومنفعته ورغب فيه ، وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين ، وإن كان قد يكون عاد إلى الإسلام " . انتهى(18) .
    فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية والأمور الظاهرة ، فقال في المقالات الخفية التي هي كفر : قد يقال : إنه فيها مخطيء ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها ، لكن ذلك يقع في طوائف منهم في الأمور الظاهرة .
    فكلامه ظاهر في الفرق بين الأمور الظاهرة والخفية ؛ فيكفر بالأمور الظاهر حكمها مطلقا ، وبما يصدر منها من مسلم جهلا ، كاستحلال محرم ، أو فعل أو قول شركي بعد التعريف ، ولا يكفر بالأمور الخفية جهلا ، كالجهل في بعض الصفات ، فلا يكفر الجاهل بها مطلقا ، وإن كان داعية ، كقوله للجهمية : "أنتم عندي لا تكفرون ؛ لأنكم جهال " وقوله : "عندي " يبين أن عدم تكفيرهم ليس أمرا مجمعا عليه لكنه اختياره .
    وقوله في هذه المسألة خلافُ المشهور من المذهب ؛ فإن الصحيح من المذهب تكفير المجتهد الداعي إلى القول بخلق القرآن ، أونفي الرؤية ، أو الرفض ، ونحو ذلك ، وتفسيق المقلد .
    قال المجد ابن تيمية رحمه الله : " الصحيح أن كل بدعة كفرنا فيها الداعية فإنا نفسق المقلد فيها ، كمن يقول بخلق القرآن ، أو أن علم الله مخلوق ، أو أن أسماءه مخلوقة ، أو أنه لا يُرى في الآخرة ، أو يسب الصحابة تدينا ، أو أن الإيمان مجرد الاعتقاد ، وما أشبه ذلك . فمن كان عالما في شيء من هذه البدع يدعو إليه ويناظر عليه فهو محكوم بكفره ، نص أحمد على ذلك في مواضع " .انتهى(19) .
    فانظر كيف حكموا بكفرهم مع جهلهم ، والشيخ رحمه الله يختار عدم كفرهم ؛ لأجل الجهل ، وأنهم لا يفسقون أيضا ، وكذلك الشيخ موفق الدين رحمه الله يختار عدم كفرهم ، ويفسقون عنده .

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي

    ونحوه قال ابن القيم رحمه الله فإنه قال : " وفسق الاعتقاد : كفسق أهل البدع الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر ، ويحرمون ما حرم الله ، ويوجبون ما أوجب الله ، ولكن ينفون كثيرا مما أثبت الله ورسوله جهلا وتأويلا وتقليدا للشيوخ ، ويثبتون ما لم يثبته الله ورسوله كذلك ، وهؤلاء كالخوارج المارقة ، وكثير من الروافض والقدرية والمعتزلة ، وكثير من الجهمية الذين ليسوا غلاة في التجهم ، وأما غلاة الجهمية فكغلاة الرافضة ليس للطائفتين في الإسلام نصيب ، ولذلك أخرجهم جماعة من السلف من الثنتين والسبعين فرقة ، وقالوا : هم مباينون للملة ". انتهى (20).
    وبالجملة فيجب على من نصح نفسه أن لا يتكلم في هذه المسألة إلا بعلم وبرهان من الله ، وليحذر من إخراج رجل من الإسلام بمجرد فهمه واستحسان عقله ، فإن إخراج رجل من الإسلام أو إدخاله فيه أعظم أمور الدين ، وقد كفينا بيان هذه المسألة كغيرها ، بل حكمها في الجملة أظهر أحكام الدين .
    فالواجب علينا الاتباع وترك الابتداع ، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه : اتبعوا ولا تبتدعوا ، فقد كفيتم .
    وأيضا فما تنازع العلماء في كونه كفرا فالاحتياط للدين التوقف وعدم الإقدام ، ما لم يكن في المسألة نص صريح عن المعصوم صلى الله عليه وسلم .

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •