فهذان مسألتان:
المسألة الأولى: نسي صلاة في حضر فذكرها في سفر:
فهذا عليه صلاة حضر بإجماع أهل العلم، إلا ما نُقل عن الحسن رحمه الله.
قال ابن المنذر رحمه الله: ((أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ لَا أَعْلَمُ بَيْنَهُمْ فِيهِ اخْتِلَافًا عَلَى أَنَّ مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فِي حَضَرٍ فَذَكَرَهَا فِي السَّفَرِ أَنَّ عَلَيْهِ صَلَاةَ الْحَضَرِ لَا يُجْزِيهِ غَيْرُ ذَلِكَ، إِلَّا مَا اخْتُلِفَ فِيهِ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ([1]))).
وذلك لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا، فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا([2])»؛ أي: يصلي هذه الصلاة كما هي إذا ذكرها.
المسألة الثانية: نسي صلاة في سفر فذكرها في حضر:
فالمذهب أن عليه صلاة الحضر احتياطًا.
والصحيح – ورجحه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله - أن عليه صلاة سفر.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: ((مثال ذلك: رجل وصل إلى بلده ثم ذكر أنه لم يصل الظهر في السفر، فيلزمه أن يصلي أربعًا؛ لأنها صلاةٌ وجبت عليه في الحضر فلزمه الإِتمام، ولأن القصر من رخص السفر وقد زال السفر فيلزمه الإِتمام.
هذا هو المذهب، ولكنَّ القول الراجح خلافه، وأنه إذا ذكر صلاة سفر في حضر صلاها قصرًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا»؛ أي: فليصلها كما هي. وهذا الرجل ذكر أنه لم يصل الظهر وهي ركعتان في حقه، فلا يلزمه الإِتمام، ونقول: كما قلنا في التي قبلها؛ فهذه صلاة وجبت عليه في سفر، وصلاة السفر مقصورة فلا يلزمه إتمامها([3])))اهـ.
[1])) ((الأوسط)) (4/ 368)، و((الإجماع)) (ص42)، وقال في ((الأوسط)) عن قول الحسن: ((وقوله فيمن نسي صلاة في حضر فذكرها في السفر قول شاذ لا نعلم أحدًا قال به)).
[2])) متفق عليه: أخرجه البخاري (597)، ومسلم (684).
[3])) ((الشرح الممتع)) (4/ 367).