تقديم الأمن والأمان على التوحيد والرزق
أهمية الأمن والأمان
تقوم اللغة على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، والإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ليكون بعيدا عن اللبس والتناقض وهو غاية كل لغة من لغات العالم ،كما هو الحال في قوله تعالى على لسان سيدنا إبراهيم " رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات" فقد بدأ بطلب الأهم وهو الأمن والأمان ،ثم طلب الرزق ،لأن الإنسان لا يستطيع العيش بدون الأمن والأمان ولو ملك مال الدنيا ، بل قدَّمه وجعله قرين التوحيد في دعائه فقال "رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام " وقال تعالى" ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات " بدأ بأهم شيء يمكن أن يؤثر على الإنسان أثناء الابتلاء ، وهو الخوف وانعدام الأمن ، وهذا الأمر تلجأ إليه الجيوش فيما يسمى اليوم بالحرب النفسية التي تؤدي إلى انهيار الجيش المقابل، وتوفير الكثير من الأنفس والمال والجهد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من أصبح آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها "فقدم الأمن على الصحة ، والصحة على القوت ،من الأهم إلى الأقل أهمية،ولهذا يقدم الأئمة الأمن والأمان مع الظلم على الخوف مع الحرية ،لأن الأمن والأمان لا يُعوَّض عند فقده ، والظلم قد ينتهي ، وهذا أفضل بكثير من العيش مع الخوف والحرية ، وعلى المظلوم أن يطيع في غير معصية ،وأن يقاوم مقاومة سلمية ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أدُّوا إليهم حقهم واسألوا الله حقكم" ،و"دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب" و"دعوة المظلوم لا تُرد" والله تعالى يقول لدعوة المظلوم:" وعزتي وجلالي لأنصرنَّك ولو بعد حين " فالمظلوم منتصر ولو بعد حين ،وهذا خير من الخروج على الحكام من دون تحقق شروط الخروج عليهم ،في حرب ضروس لا تبقي ولا تذر، وتهلك البشر والشجر والحجر والأمن والأمان والرزق.......إلخ ، وهذا يدل على أن الأمن والأمان أهم شيء في الحياة ، وهذا هو الأصل ،إلا أن الله تعالى يقول :"*لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ*إِيلَا ِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ*فَل يَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ*فقدم الإطعام على الأمن والأمان بالضابط المعنوي عدولا عن الأصل ،لأن الآية الكريمة مسبوقة بالحديث عن رحلتي الصيف والشتاء وهما رحلتا طعام وغذاء ، فقدم الطعام ليلتقي مع الطعام ،كما عدل عن الأصل بالضابط اللفظي من أجل تناسب الفواصل .
وبهذا يتضح أن اللغة تقوم على الاحتياج المعنوي والأهمية المعنوية ، وأن الإنسان يتحدث بمستويات متعددة وبلغات متعددة تحت رعاية الاحتياج المعنوي غالبا واللفظي نادرا مع علامات أمن اللبس ، وأن الإنسان يتحدث بحسب الأهمية المعنوية في الأصل وفي العدول عن الأصل .