الموضوع: الـعِـلْـمُ يُـكْـسِـبُ الـشَّـرَفَ وَيَـرْفَـعُ الـخَـسِـيـسَـة َ ! :

[ الـعِـلْـمُ يُـكْـسِـبُ الـشَّـرَفَ وَيَـرْفَـعُ الـخَـسِـيـسَـة َ ] ! :
قَـالَ ابْـنُ الـجَـوْزِيِّ – رَحِـمَـهُ الـلَّـهُ - في وَصِـيَّـتِـهِ لِـوَلَـدِهِ " لَـفْـتَـةُ الـكَـبِـدِ " : الـعِـلْـمُ يَـرْفَـعُ الأرَاذِلَ ، فَـقَـدْ كَـانَ خَـلْـقٌ كَـثِـيـرٌ لا نَـسَـبَ لَـهُـم يُـذْكَـرُ وَلا صُـورَةَ تُـسْـتَـحْـسَـ نُ فَـعَـزُّوا وَشَـرُفُـوا بِـالـعِـلْـمِ , وَمِـنْ ذَلِـكَ :
ذَكَـرَ ابْـنُ أبِـي حَـاتِـمٍ في " الـجَـرْحِ وَالـتَّـعْـدِي ـلِ " (2/510) وَأبُـو بَـكْـرٍ الـدَّيْـنَـوْر يُّ في " الـمُـجَـالَـسَ ـةِ " (2/182) وَالـبَـيْـهَـق ِـيُّ في" الـمَـدْخَـلِ إلـى الـسُّـنَـنِ الـكُـبْـرَى " (276) وَابْـنُ عَـسَـاكِـرَ في " تَـارِيـخِ دِمَـشْـقَ " (18/177) وَالـخَـطِـيـبُ الـبَـغْـدَادِي ُّ في " الـفَـقِـيـهِ وَالـمُـتَـفَـق ِّـهِ " (1/139رقَـم117) عَـنْ أَبِـي الْـعَـالِـيَـة ِ قَـالَ : كُـنْـتُ آتِـي ابْـنَ عَـبَّـاسٍ وَهُـوَ عَـلَـى سَـرِيـرِهِ وَحَـوْلَـهُ قُـرَيْـشٌ ، فَـيَـأْخُـذُ بِـيَـدِي فَـيَـرْفَـعُـن ِـي عَـلَـى الـسَّـرِيـرِ فـيُـجْـلِـسُـن ِـي مَـعَـهُ ، وقُـرَيْـشٌ أسْـفَـلَ مِـنَ الـسَّـرِيـرِ ، فَـتَـغَـامَـزُ بِـي قُـرَيْـشٌ ، فَـفَـطِـنَ لَـهُـمُ ابْـنُ عَـبَّـاسٍ فَـقَـالَ : كَـذَاكَ هَـذَا الْـعِـلْـمُ : يَـزِيـدُ الـشَّـرِيـفَ شَـرَفًـا ، وَيُـجْـلِـسُ الْـمَـمْـلُـوك َ عَـلَـى الْأَسِـرَّةِ !
- وَذَكَـرَ أبُـو نُـعَـيْـمٍ في " الـحِـلْـيَـةِ " (3/138) أنَّ زَيْـدُ بْـنُ أَسْـلَـمَ كَـانَ مَـوْلًـى وَكَـانَ زَيْـنُ الـعَـابِـدِيـن َ عَـلِـيُّ ابْـنُ الـحُـسَـيْـنِ بْـنِ عَـلِـيِّ بْـنِ أبِـي طَـالِـبٍ – رَضِـيَ الـلَّـهُ عَـنْـهُـم – يَـتَـخَـطَّـى مَـجَـالِـسَ قَـوْمِـهِ حَـتَّـى يَـأْتِـيَـهُ فَـيَـجْـلِـسَ عِـنْـدَهُ , فَـقِـيـلَ لَـهُ : يَـغْـفِـرُ الـلَّـهُ لَـكَ أَنْـتَ سَـيِّـدُ الـنَّـاسِ وَأَفْـضَـلُـهُ ـم تَـذْهَـبُ إلَـى هَـذَا الـعَـبْـدِ فَـتَـجْـلِـسُ مَـعَـهُ ؟! فَـقَـالَ : إنَّـهُ يَـنْـبَـغِـي لِـلْـعِـلْـمِ أنْ يُـتَّـبَـعَ حَـيْـثُـمَـا كَـانَ , وَإنَّـمَـا يَـجْـلِـسُ الـرَّجُـلُ إلَـى مَـنْ يَـنْـفَـعُـهُ في دِيـنِـهِ !
وَذَكَـرَ الـخَـطِـيـبُ الـبَـغْـدَادِي ُّ في " الـفَـقِـيـهِ وَالـمُـتَـفَـق ِّـهِ " (1/140رقَـم 118) عَـنْ إبْـرَاهِـيـمَ الـحَـربِـيِّ قَـالَ : كَـانَ عَـطَـاءُ بْـنُ أَبِـي رَبَـاحٍ – رَضِـيَ الـلَّـهُ عَـنْـهُ – مَـمْـلُـوكًـا لامْـرَأَةٍ مِـنْ أَهْـلِ مَـكَّـةَ , وَكَـانَ أَسْـوَدَ مُـسْـتَـوْحَـش َ الْـخِـلْـقَـةِ كَـأنَّ أنْـفَـهُ بَـاقِـلَّاةٌ ، فَـتَـعَـلَّـمَ الـعِـلْـمَ فَـنَـالَ بِـهِ الـعِـزَّ وَالـرِّفْـعَـة َ ، حَـتَّـى إنَّ سُـلَـيْـمَـانَ بْـنَ عَـبْـدِ الـمَـلِـكِ جَـاءَهُ هُـوَ وَوَلَـدَاهُ فَـجَـلَـسُـوا يَـسْـألُـونَـه ُ عَـنِ الـمَـنَـاسِـكِ ، فَـحَـدَّثَـهُـ م وَهُـوَ مُـعْـرِضٌ بِـوَجْـهِـهِ عَـنْـهُـم مِـنَ هَـوانِـهِـم لَـدَيْـهِ وَعِـزَّتِـهِ بِـالـعِـلْـمِ ، وَسُـلَـيْـمَـا نُ يَـوْمَـئِـذٍ هُـوَ الـخَـلِـيـفَـة ُ !
فَـقَـالَ سُـلَـيْـمَـانُ لِـوَلَـدَيْـهِ لَـمَّـا خَـرَجُـوا مِـنْ عِـنْـدِهِ : لا تَـنِـيَـا عَـنْ طَـلَـبِ الـعِـلْـمِ ، فَـمَـا أنْـسَـى ذُلَّـنَـا بَـيْـنَ يَـدَيْ هَـذَا الـعَـبْـدِ الأَسْـوَدِ . اهـ (1)
وَذَكَـرَ عَـلِـيُّ بْـنُ الـجَـعْـدِ في " مُـسْـنَـدِهِ " (753) وَأَبُـو نُـعَـيْـمٍ في " الـحِـلْـيَـةِ " (5/47) وَأَبُـو بَـكْـرٍ الـخَـطِـيـبُ في " تَـارِيـخِ بَـغْـدَادٍ " (10/5 بَـشَّـار ) عَـنْ سُـفْـيَـانَ بْـنِ عُـيَـيْـنَـةَ قَـالَ : رَأَيْـتُ الأَعْـمَـشَ لَـبِـسَ فَـرْوًا مَـقْـلُـوبًـا وَتُـبَّـانًـا تَـسِـيـلُ خُـيُـوطُـهُ عَـلَـى رِجْـلَـيْـهِ ، ثُـمَّ قَـالَ : أَرَأَيْـتُـم لَـوْلا أنَّـنِـي تَـعَـلَّـمْـتُ الـعِـلْـمَ مَـنْ كَـانَ يَـأتِـيـنِـي ؟! لَـوْ كُـنْـتُ بَـقَّـالًا كَـانَ يَـقْـذِرُني الـنَّـاسُ أنْ يَـشْـتُـرُوا مِـنِّـي !
وَذَكَـرَ ابْـنُ عَـسَـاكِـرَ في " تَـارِيـخِ دِمَـشْـقَ " (38/364) وَالـذَّهَـبِـي ُّ في " الـسِّـيَـرِ " (13/324) وَفي " تَـذْكِـرَةِ الـحُـفَّـاظِ " (2/622) عَـنْ أبِـي بَـكْـرٍ الـفَـسَـوِيِّ قَـالَ : سَـمِـعْـتُ عُـثْـمَـانَ بْـنَ سَـعِـيـدٍ الـدَّارِمِـيَّ يَـقُـولُ : قَـالَ لِـي رَجُـلٌ مِـنْ أَهْـلِ سِـجِـسْـتَـانَ مِـمَّـنْ كَـانَ يَـحْـسُـدُني : مَـاذَا كُـنْـتَ أَنْـتَ لَـوْلا الـعِـلْـمُ ؟!! فَـقُـلْـتُ : أَرَدْتَ شَـيْـنًـا – أيْ : عَـيْـبًـا – فَـصَـارَ زَيْـنًـا - أيْ : مَـدْحًـا - , سَـمِـعْـتُ نُـعَـيْـمَ بْـنَ حَـمَّـادٍ يَـقُـولُ : سَـمِـعْـتُ أبَـا مُـعَـاوِيَـةَ يَـقُـولُ : قَـالَ الأعْـمَـشُ : لَـولا الـعِـلْـمُ لَـكُـنْـتُ بَـقَّـالًا مِـنْ بَـقَّـالِـي الـكُـوفَـةِ ! وَأنَـا – أيْ : الـدَّارِمِـيُّ -لَـوْلا الـعِـلْـمُ لَـكُـنْـتُ بَـزَّازًا – أيْ : أَبِـيـعُ الـبَـزَّ ، وَهُـوَ نَـوْعٌ مِـنَ الـثِّـيَـابِ – مِـنْ بَـزَّازِي سِـجِـسْـتَـانَ . اهـ
وَذَكَـرَ الـسَّـمَـرْقَـ نْـدِيُّ في " تَـنْـبِـيـهِ الـغَـافِـلِـيـ نَ " (431) وَعَـنْـهُ الـوَصَـابِـيُّ في " نَـشْـرِ طَـيِّ الـتَّـعْـرِيـف ِ " (170) قَـالَ : دَخَـلَ صَـالِـحٌ الـمُـرِّيُّ – رَحِـمَـهُ الـلَّـهُ – عَـلَـى الـمَـلِـكِ فَـأَجْـلَـسَـه ُ عَـلَـى وِسَـادَتِـهِ فَـجَـلَـسَ , فَـقَـالَ صَـالِـحٌ : قَـالَ الـحَـسَـنُ ، وَصَـدَقَ الـحَـسَـنُ ! فَـقَـالَ لَـهُ أَمِـيـرُ الـمُـؤْمِـنِـي ـنَ : وَإيـش قَـالَ الـحَـسَـنُ ؟
قَـالَ : قَـالَ الـحَـسَـنُ : إنَّ الـعِـلْـمَ يَـزِيـدُ الـشَّـرِيـفَ شَـرَفًـا وَيَـبْـلُـغُ بِـالـعَـبْـدِ مَـنَـازِلَ الأحْـرَارِ ، وَإلَّا فَـمَـنْ صَـالِـحٌ الـمُـرِّيُّ حَـتَّـى يَـجْـلِـسَ عَـلَـى وِسَـادَةِ أَمِـيـرِ الـمُـؤْمِـنِـي ـنَ لَـوْلا الـعِـلْـمُ ؟!!
وَأَنْـشَـدَ في ذَلِـكَ دِعْـبِـلُ الـخُـزَاعِـيُّ :
الـعِـلْـمُ يَـنْـهَـضُ بِـالـخَـسِـيـس ِ إلَى الـعُلا *** وَالـجَهْـلُ يَـقْـعُـدُ بِالفَـتَى الـمَـنْسُوبِ
وَإذَا الـفَـتَـى نَـالَ الـعُـلُــومَ بِـفَـهْـمِـهِ *** وَأُعِـيـنَ بِـالـتَّـشْـذِ يـبِ وَالـتَّـهْـذِي ــبِ
جَـرَتِ الأُمُـورُ لَـهُ فَـبَـرَّزَ سَـابِـقًــا *** في كُـلِّ مَـحْـضَـرٍ : مَـشْـهَـدٍ وَمَـغِـيـبٍ
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ
(1) وَانْـظُـر " صَـيْـدَ الـخَـاطِـرِ " (508 الـقـلـم ) " نَـشْـرَ طَـيِّ الـتَّـعْـرِيـف ِ " (168) " مِـفْـتَـاحَ دَارِ الـسَّـعَـادَةِ " (1/501 الـحَـلَـبِـيّ ).

طارق عبد الرازق.

جزاكم الله خيرا ، ونفع بكم أخونا الطيب أبا عاصم وفقهنا الله وياكم في الدين .

وجزاكم مثله أخي الحبيب آبا آدم.