قيل لأحدهم : أي إخوانك أحب إليك قال : الذي يسد خلتي ويغفر زلتي ويقيل عثرتي .
وقيل : من لا يؤاخي إلا من لا عيب فيه قل صديقه ومن لم يرض من صديقه إلا بإيثارة على نفسه دام سخطه ومن عاتب على كل ذنب ضاع عتبه وكثر تعبه
قال الشاعر : ( ينسب هذا إلى كثير عزة )
ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتبع جاهداً كل عثرةٍ ..... يجدها ولا يسلم الدّهر صاحب
وقال الآخر:
أغمض عيني عن صديقي تغافلاً ... كأني لما يأتي من الأمر جاهل
وما بي جهل غير أن خليقتي ... تطيق احتمال الكرهِ فيما تحاول
ونحوه قول الآخر:
أغمض للصديق عن المساوي ... مخافة أن أعيش بلا صديق
وقال غيره :
إذا كنت في كلّ الأمور معاتباً ... صديقك لا تلقى الذي لا تعاتبه
فعش واحداً أو صل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجتنبه
إذا أنت لم تشرب مراراً على القذى ... ظمِئت وأي الناس تصفو مشاربه؟
ومن ذا الذي تُرضى سجاياه كلها؟ ... كفى المرء نبلاً أن تُعَدَّ معايبه
وقال غيره :
إذا ما الصديق أسا مرة ... وقد كان فيما مضى مجلا
ذكرت المقدم من فعله ... فلم ينسني الآخر الأولا
وقال غيره :
وأغفر عوراء الكريمِ ادِّخاره ... وأعرض عن شتم اللئيمِ تكرّما
وقال غيره :
احرص على حفظ القلوب من الأذى ... فرجوعها بعد التنافر يعسر
إنَّ القلوب إذا تنافرت وُدّها ... مثل الزجاجة كسرها لا يجبر
وقال ابن مفلح في الفروع 8 / 381 : ونبهت ( الآية : وعاشروهن بالمعروف ) على معنيين:
أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح فرب مكروه عاد محمودا، ومحمود عاد مذموما.
والثاني: أنه لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه ما يكره، فليصبر على ما يكره لما يحب، وأنشدوا في هذا المعنى:
ومن لم يغمض عينه عن صديقه ... وعن بعض ما فيه يمت وهو عاتب
ومن يتتبع جاهدا كل عثرة
... يجدها ولا يسلم له الدهر صاحب (1)
______________
(1) انظر : العسكري في جمهرة الأمثال 2 / 56 ، والقالي في أماليه 3 / 224 ، والأبشيهي في المستطرف في كل فن مستظرف 1 / 266 ، والحسن بن مسعود بن محمد في المحاضرات في اللغة والأدب .