رجح شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن المريض العاجز هن الأقوال والأفعال لا تلزمه الصلاة([1]).
وعند جمهور الحنابلة أنه تلزمه الصلاة بالنية.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
((إذا صار لا يستطيعُ أنْ يومئَ بالرأسِ فيومئُ بالعينِ، فإذا أرادَ أنْ يركعَ أغمضَ عينيه يسيراً، ثم إذا قال: «سَمِعَ اللهُ لمَن حمِده» فتح عينيه، فإذا سَجَدَ أغمضهما أكثر، وفيه حديثٌ عن النَّبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: «فإنْ لم يستطعْ أومأ بطَرْفِهِ» لكن هذا الحديثُ ضعيفٌ؛ ولهذا لم يذهب إليه كثيرٌ مِن العلماءِ، وقالوا: إذا عَجَزَ عن الإِيماءِ بالرَّأسِ سقطت عنه الأفعالُ.
وقال بعض العلماء: إذا عَجَزَ عن الإِيماءِ بالرَّأسِ سقطت عنه الصَّلاةُ، فهنا ثلاثةُ أقوال:
القول الأول: إذا عَجَزَ عن الإِيماءِ بالرَّأسِ يومئُ بعينِه.
القول الثاني: تسقطُ عنه الأفعالُ، من دونِ الأقوالِ.
القول الثالث: تسقط عنه الأقوالُ والأفعالُ، يعني: لا تجبُ عليه الصَّلاةُ أصلاً، وهذا القولُ اختيارُ شيخ الإِسلام ابن تيمية رحمه الله.
والرَّاجحُ مِن هذه الأقوال الثلاثة: أنه تسقطُ عنه الأفعالُ فقط؛ لأنها هي التي كان عاجزاً عنها، وأما الأقوالُ فإنَّها لا تسقطُ عنه، لأنه قادرٌ عليها، وقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] فنقول: كَبِّرْ، واقرأْ، وانْوِ الرُّكوعَ، فكبِّرْ وسبِّحْ تسبيحَ الرُّكوعِ، ثم انْوِ القيامَ وقُلْ: «سَمِعَ الله لمن حمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ» إلى آخرِه، ثم انْوِ السُّجودَ فكبِّرْ وسبِّحْ تسبيحَ السُّجودِ؛ لأن هذا مقتضى القواعد الشرعيَّةِ {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] فإن عَجَزَ عن القولِ والفعلِ بحيث يكون الرَّجُلُ مشلولاً ولا يتكلَّم، فماذا يصنع؟
الجواب: تسقط عنه الأقوالُ والأفعالُ، وتبقى النِّيةُ، فينوي أنَّه في صلاةٍ، وينوي القراءةَ، وينوي الركوعَ والسجودَ والقيامَ والقعودَ. هذا هو الرَّاجحُ؛ لأن الصَّلاةَ أقوالٌ وأفعالٌ بنيَّةٍ، فإذا سقطت أقوالُها وأفعالُها بالعجزِ عنها بقيت النِّيةُ([2])))اهـ.
قلت: وهذا القول هو الأرجح والله أعلم.
[1])) مجموع الفتاوى (10/ 440).
[2])) الشرح الممتع (4/ 331/ 332).