للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال :
1- أنها للمؤمنين فقط ، وهو قول جمهور أهل السنة والجماعة .
2- أنها للمؤمنين والمنافقين ، وممن ذهب إلى هذا القول ابن خزيمة في كتابه التوحيد .
3- أن الرؤية للجميع ، واستدلوا بقوله -تعالى- : ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾ ، قالوا : فكونه حُجِب عنهم يومئذٍ ، دلَّ على أنه قبل ذلك لم يكن محجوبًا ؛ لأن الكلام في الآخرة ، وأما في الدنيا ، فالكل محجوب عن رؤية الرب - سبحانه وتعالى .
ووجه الجمع بين هذه الأقوال أن الرؤية نوعان :
• رؤية حساب وتقرير وتعريف ، فهذه هي التي يمكن أن يقال : إنها مرادة في حديث المنافقين كما في الصحيح : (قال : فيأتيهم الجبار ، فيقول : أنا ربكم ، فيقولون : أنت ربنا ، فلا يكلمه إلا الأنبياء ، فيقول : هل بينكم وبينه آية تعرفونه ؟ فيقولون : الساق ، فيكشف عن ساقه ، فيسجد له كل مؤمن ، ويبقى مَن كان يسجد لله رياءً وسمعةً ، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا) . جزء من حديث الرؤية عند البخاري (7439) ، ومسلم (183) ، من حديث أبي سعيد الخدري .
وهذه الرؤية كل يراه على حسب حاله ، والله أعلم بالكيفية .
• رؤية تلذُّذ وتنعُّم ، وهذه خاصة بالمؤمنين .
أما الكفار ، فعامة أهل العلم على أنهم لا يرون الله لا رؤية تعريف ، ولا رؤية تلذذ من باب الأولى ؛ لأن الكافر محله العذاب والنكال .
وأجابوا عن الاستدلال بالآية ، بأن هذا استدلال بالمفهوم ؛ أي : بمفهوم (يومئذٍ) وهي ليس لها مفهوم ، كما في قوله - تعالى - : ﴿ وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 17]، وكما في قوله : ﴿ ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ﴾ [التكاثر: 8] ، وغيرها من الآيات علقت أشياء تحصل يوم القيامة بـ(يومئذٍ) ، وقد يكون جنسها أو بعض أفرادها يحصل في الدنيا إما لعموم أو بخصوص . نقلًا من إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل، بتصرف (10/15) للشيخ صالح آل الشيخ .