المخنث في اللغة: هُوَ الَّذِي لَا يَخْلُصُ لِذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، أَوِ الَّذِي لَهُ مَا لِلرِّجَال وَالنِّسَاءِ جَمِيعًا. مِنَ الْخَنَثِ؛ وَهُوَ اللِّينُ وَالتَّكَسُّرُ؛ يُقَال: خَنَّثْتُ الشَّيْءَ فَتَخَنَّثَ؛ أَيْ: عَطَّفْتُهُ فَتَعَطَّفَ، وَالاِسْمُ الْخُنْثُ([1]).
وفي الاصطلاح: هُوَ الَّذِي لَهُ ذَكَرٌ وَفَرْجُ امْرَأَةٍ، أَوْ مَنْ لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَصْلًا، وَلَهُ ثُقْبٌ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْل([2]).
وَيَنْقَسِمُ الْخُنْثَى إِلَى قِسْمَيْنِ:
القسم الأول: خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ: وَهُوَ اَلَّذِي يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلَامَاتُ الذُّكُورِيَّةِ ، أَوِ الْأُنُوثِيَّةِ ؛ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ، أَوِ امْرَأَةٌ؛ فَهَذَا لَيْسَ بِمُشْكِلٍ؛ وَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ فِيهِ خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ، أَوِ امْرَأَةٌ فِيهَا خِلْقَةٌ زَائِدَةٌ؛ وَحُكْمُهُ فِي إِمَامَتِهِ وَإِرْثِهِ وَسَائِرِ أَحْكَامِهِ حُكْمُ مَا ظَهَرَتْ عَلَامَاتُهُ فِيهِ.
القسم الثاني: خُنْثَى مُشْكِلٌ: وَهُوَ مَنْ لَا يَتَبَيَّنُ فِيهِ عَلاَمَاتُ الذُّكُورَةِ أَوِ الْأُنُوثَةِ، وَلَا يُعْلَمُ أَنَّهُ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ، أَوْ تَعَارَضَتْ فِيهِ الْعَلَامَاتُ.
فَتَحَصَّل مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُشْكِلَ نَوْعَانِ:
نَوْعٌ لَهُ ذَكَرٌ وَفَرْجُ امْرَأَةٍ، وَاسْتَوَتْ فِيهِ الْعَلَامَاتُ.
وَنَوْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا لَهُ ثُقْبٌ.
بِمَ يُعرف الخنثى المشكِل؟
الخنثى المشكِلُ إما أن يكون بالغًا أو غير بالغ:
فَإِنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ فَيُعْتَبَرُ بِمَبَالِهِ.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَيُعْتَبَرُ بِمَبَالِهِ فِي قَوْلِ مَنْ بَلَغَنَا قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْخُنْثَى يُوَرَّثُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ؛ إنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ الرَّجُلُ، فَهُوَ رَجُلٌ، وَإِنْ بَالَ مِنْ حَيْثُ تَبُولُ الْمَرْأَةُ، فَهُوَ امْرَأَةٌ؛ فَإِنِ اسْتَوَيَا فَهُوَ حِينَئِذٍ مُشْكِلٌ.اهـ.([3])
وإن كان بالغًا، فَيَتَبَيَّنُ أَمْرُهُ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الآْتِيَةِ:
إِنْ خَرَجَتْ لِحْيَتُهُ، أَوْ أَمْنَى بِالذَّكَرِ، أَوْ أَحْبَل امْرَأَةً، أَوْ وَصَل إِلَيْهَا، فَرَجُلٌ، وَكَذَلِكَ ظُهُورُ الشَّجَاعَةِ وَالْفُرُوسِيَّ ةِ، وَمُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ، دَلِيلٌ عَلَى رُجُولِيَّتِهِ.
وَإِنْ ظَهَرَ لَهُ ثَدْيٌ وَنَزَل مِنْهُ لَبَنٌ أَوْ حَاضَ، أَوْ أَمْكَنَ وَطْؤُهُ، فَامْرَأَةٌ، وَأَمَّا الْوِلَادَةُ فَهِيَ تُفِيدُ الْقَطْعَ بِأُنُوثَتِهِ، وَتُقَدَّمُ عَلَى جَمِيعِ الْعَلَامَاتِ الْمُعَارِضَةِ لَهَا.
وَأَمَّا الْمَيْلُ، فَإِنَّهُ يُسْتَدَلُّ بِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْأَمَارَاتِ السَّابِقَةِ؛ فَإِنْ مَالَ إِلَى الرِّجَال، فَامْرَأَةٌ، وَإِنْ مَالَ إِلَى النِّسَاءِ، فَرَجُلٌ، وَإِنْ قَالَ: أَمِيل إِلَيْهِمَا مَيْلًا وَاحِدًا. أَوْ: لَا أَمِيلُ إِلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ فَمُشْكِلٌ([4]).
قَال السُّيُوطِيُّ: ((وَحَيْثُ أُطْلِقَ الْخُنْثَى فِي الْفِقْهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمُشْكِل([5]))).
[1])) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (20/ 21)، وانظر: ((لسان العرب)) (2/ 145).
[2])) ((المغني)) (6/ 336)، و((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (20/ 21).
[3])) ((المغني)) (6/ 336)، مختصرًا.
[4])) ((الموسوعة الفقهية الكويتية)) (20/ 21).
[5])) ((الأشباه والنظائر)) (248).