تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: هل تصح إمامة الصبي المميز

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي هل تصح إمامة الصبي المميز

    ذهب الحنابلة – في المشهور عنهم - وغيرهم إلى عدم صحة إمامة الصبي المميِّز للرجال البالغين؛ واستدلوا على ذلك بما رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لَا تُقَدِّمُوا صِبْيَانَكُمْ، وَلَا سُفَهَاءَكُمْ فِي صَلَاتِكُمْ؛ فَإِنَّهُمْ وَفْدَكُمْ إِلَى اللهِ تَعَالَى([1])».
    واستدلوا على ذلك أيضًا بما رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّهُ قَالَ: لَا يَؤُمُّ الْغُلَامُ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَلْيُؤَذِّنْ لَكُمْ خِيَارُكُمْ([2]).
    وصححوا إمامة الصبي المميِّز للبالغ في النافلة؛ قالوا: لأن النافلة يدخلها التخفيف([3]).
    والصحيح – وهو رواية عن أحمد([4]) – أن إمامة الصبي المميِّز للبالغ جائزة في الفرض والنافلة؛ ودليل ذلك حديث عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ، وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ، مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ، أَوْحَى إِلَيْهِ، فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الكَلَامَ، وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي، وَكَانَتِ العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمُ الفَتْحَ، فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ، فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ، فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الفَتْحِ، بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ ، وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ: «صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ، وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا»، فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي؛ لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنَ الرُّكْبَانِ، فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ([5]).
    فدلَّ هذا الحديث على صحة إمامة الصبي المميِّز للبالغين، وأما الحديث والأثر الذَيْنِ استدل بهما المانعين، فلا يصحَّان.
    قلت: بل المميِّز أَولى بالإمامة - لو كان أقرأ لكتاب الله - من البالغ؛ ودليل ذلك عموم قوله صلى الله عليه وسلم: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ»؛ فهو حديث عام يشمل البالغ وغيره.



    [1])) ذكره ابن عبد الهادي في ((تنقيح التحقيق)) (2/ 469)، وقال: ((هذا حديثٌ لا يصحُّ، ولا يُعرف له إسنادٌ صحيحٌ، بل رُوِيَ بعضه بإسنادٍ مظلمٍ)).

    [2])) أخرجه عبد الرزاق (1872)، والبيهقي في ((الكبير)) (5858)، بسند ضعيف.

    [3])) انظر: ((المغني)) (2/ 168).

    [4])) ذكرها القاضي أبو يعلى في ((الروايتين والوجهين)) (1/ 173)، والمرداوي في ((الإنصاف)) (2/ 266).

    [5])) أخرجه البخاري (4302).
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: هل تصح إمامة الصبي المميز

    نفع الله بك .
    وانظر فتح الباري لابن رجب فقد تكلم عن المسألة بشيء من التوسع .

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: هل تصح إمامة الصبي المميز

    وها هو كلامه رحمه الله في الفتح 4 / 170 :
    المسألة الرابعة :
    إمامه الغلام الَّذِي لَمْ يحتلم .
    وفيها أقوال :
    أحدها : أنها جائزة فِي الفرض وغيره ، وَهُوَ قَوْلِ الشَّافِعِيّ وإسحاق وأبي ثور .
    وخرجه طائفة من أصحابنا رِوَايَة عَن الإمام أحمد من صحة اقتداء المفترض بالمتنفل ، عَلَى رِوَايَة عَنْهُ ، وفيه نظر ؛ فإن المتنفل أهل للأمامة فِي الجملة بخلاف الصبي .
    وحكاه ابن المنذر عَن الْحَسَن .
    وروى حرب بإسناده ، عَن الزُّهْرِيّ ، قَالَ : لَمْ يزل الغلمان يصلون بالناس إذا عقلوا الصلاة وقرءوا فِي رمضان ، وإن لَمْ يحتلموا .
    وروى أبو نعيم فِي ( ( كِتَاب الصلاة ) ) : حَدَّثَنَا سُفْيَان عَن ابن جريج ، عَن عَطَاء ، قَالَ : لا بأس أن يؤم الغلام قَبْلَ أن يحتلم .
    وروى وكيع بإسناده ، عَن الأشعث بن قيس ، أَنَّهُ قدم غلاماً ، فَقِيلَ لَهُ .
    فَقَالَ : إني لَمْ أقدمه ، إنما قدمت القرآن .
    ولعل الغلام هاهنا أريد بِهِ العبد ، لا الصبي .
    والقول الثاني : أَنَّهُ لا يؤم الصبي حَتَّى يحتلم ، روي ذَلِكَ عَن ابن عَبَّاس ، خرجه عَنْهُ بإسناد فِيهِ مقال .
    وخرجه الأثرم أَيْضاً - بإسناد منقطع ـ عَن ابن مَسْعُود ، قَالَ : لا يصلي خلف الغلام حَتَّى تجب عَلِيهِ الحدود .
    وَقَالَ النخعي : كانوا يكرهون أن يؤم الغلام قَبْلَ أن يحتلم .
    قَالَ ابن المنذر : كره إمامة من لَمْ يبلغ : عَطَاء والشعبي ومجاهد ومالك والثوري وأصحاب الرأي .
    وقد روينا عَن ابن عَبَّاس ، قَالَ : لا يؤم الغلام حَتَّى يحتلم .
    وكرهه - أَيْضاً - الضحاك .
    والقول الثالث : يؤمهم فِي النفل دون الفرض ، روي ذَلِكَ عَن الْحَسَن ، ذكره وكيع ، عَن الربيع بن صبيح ، عَنْهُ ، قَالَ : لا بأس أن يؤمهم فِي رمضان إذا أحسن الصلاة قَبْلَ أن يحتلم ، وَهُوَ رِوَايَة عَن أحمد .
    والقول الرابع : حكاه ابن المنذر عَن الأوزاعي ، قَالَ : لا يؤم الغلام فِي الصلاة المكتوبة حَتَّى يحتلم ، إلا أن يكون ليس معهم من القرآن شيء ، فإنه يؤمهم المراهق .
    وعن الزُّهْرِيّ ، قَالَ : إن اضطروا إليه أمهم .
    وقد أوما أحمد إلى هَذَا القول ؛ فإنه قَالَ - فِي رِوَايَة أَبِي طالب - : لا يصلي بهم حَتَّى يحتلم ، لا فِي المكتوبة ولا فِي التطوع . قيل لَهُ : فحديث عَمْرِو بن سَلَمَة ، أليس أم بهم وَهُوَ غلام ؟ فَقَالَ : لعله لَمْ يكن يحسن يقرأ غيره .
    ونقل عَنْهُ جَعْفَر بن مُحَمَّد فِي حَدِيْث عَمْرِو بن سَلَمَة ، قَالَ : كَانَ هَذَا فِي أول الإسلام من ضرورة ، فأما اليوم فلا .
    وكذلك نقل عَنْهُ أبو داود ، قَالَ : لعله كَانَ فِي بدء الإسلام .
    وهذا يشير إلى نسخ حكمه بالكلية .
    ومن أصحابنا من أجاز إمامته فِي قيام رمضان ، إذا لَمْ يوجد قارىء غيره ؛ فإن أحمد أجاز إمامة المرأة فِي ذَلِكَ ، والغلام أولى ، وفيه نظر - أَيْضاً - ؛ فإن المرأة من أهل التكليف ووجوب الصلاة ، بخلاف الصبي .
    ولهذا اختلف أصحابنا فِي إمامة الغلام إذا بلغ عَشَرَ سنين ، وقلنا : تجب الصلاة عَلِيهِ ، كما هُوَ رِوَايَة عَن أحمد ، اختارها طائفة من أصحابه ، منهم : أبو بَكْر عَبْد العزيز وأبو الحسن التميمي وأبو الْحَسَن الجزري وأبو حفص البرمكي ، وحكي عَن ابن حامد - أَيْضاً .
    فاختلفوا : هَلْ يصح أن يؤم فِي الصلاة المفروضة حينئذٍ ، أم لا ؟ عَلَى وجهين :
    أحدهما : أَنَّهُ لا يؤم فيها - أَيْضاً - ، قاله أبو حفص البرمكي والقاضي أبو يعلى والأكثرون . والثاني : يصح ، قاله أبو الخَطَّاب .قَالَ القاضي وأصحابه : إذا قلنا : لا يصح أن يؤم فِي فرض فلا فرق بَيْن فروض الأعيان وفروض الكفايات كالجنائز .
    وقد استدل البخاري لصحة إمامة العبد والمولى وولد الزنا والأعرابي والصبي بعموم قَوْلِ النَّبِيّ ( : ( ( يؤمهم أقرؤهم لكتاب الله ) ) .
    وقد خرجه فِي موضع آخر مسنداً من حَدِيْث عَمْرِو بن سَلَمَة ، عَن أَبِيه ، عَن النَّبِيّ ( .
    وخرجه مُسْلِم من حَدِيْث أَبِي مَسْعُود الأنصاري ، وقد سبق .
    وقد استدل بِهِ بنو جرم فِي عهد النَّبِيّ ( عَلَى إمامه الصبي ، حَتَّى قدموا عَمْرِو بن سَلَمَة أخذاً بعمومه .
    وقد أجاب بعضهم بأنه لَمْ ينقل أن النَّبِيّ ( بلغه ذَلِكَ وأقر عَلِيهِ .
    وهذا يرجع إلى أن مَا عمل فِي زمن النَّبِيّ ( ولم ينقل أَنَّهُ بلغة ، فهل يكون حجة ، أم لا ؟ وفيه اخْتِلاَف مشهور .
    والمخالف فِي ذَلِكَ يَقُول : عموم هَذَا الحَدِيْث لا بد من تخصيصه ؛ فإن المرأة لَوْ كَانَتْ أقرأ القوم لَمْ تؤمهم مَعَ وجود قارىء غيرها إجماعاً ، وعند عدمه - أَيْضاً - عِنْدَ الأكثرين ، فلذلك نخص مِنْهُ الصبي ؛ لأنه ليس من أهل التكليف ، والكلام إنما توجه إلى من يدخل تَحْت التكليف ، فيتوجه إليه الخَطَّاب . والله سبحانه وتعالى أعلم .


  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: هل تصح إمامة الصبي المميز

    وفتح الباري لابن رجب يمتاز بمميزات عن فتح الباري لابن حجر ، منها :
    أنه يسهب في النقولات عن المذاهب ويحررها ، ويرجح أحيانا خلاف مذهب الحنابلة .

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: هل تصح إمامة الصبي المميز

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    وفتح الباري لابن رجب يمتاز بمميزات عن فتح الباري لابن حجر ، منها :
    أنه يسهب في النقولات عن المذاهب ويحررها ، ويرجح أحيانا خلاف مذهب الحنابلة .
    بارك الله فيكم شيخنا، ولو تم هذا الكتاب لكان له شأن آخر
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: هل تصح إمامة الصبي المميز

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيكم شيخنا، ولو تم هذا الكتاب لكان له شأن آخر
    بارك الله فيك أبا أسماء .
    قال بنحو هذا ، ابن عبد الهادي رحمه الله ، حيث قال :
    قال : وشرح ـ يعني ابن رجب ـ قطعة من البخاري الى كتاب الجنائز ، وهي من عجائب الدهر ولو كمل كان من العجائب.

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Oct 2012
    المشاركات
    13,372

    افتراضي رد: هل تصح إمامة الصبي المميز

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني مشاهدة المشاركة
    بارك الله فيك أبا أسماء .
    قال بنحو هذا ، ابن عبد الهادي رحمه الله ، حيث قال :
    قال : وشرح ـ يعني ابن رجب ـ قطعة من البخاري الى كتاب الجنائز ، وهي من عجائب الدهر ولو كمل كان من العجائب.
    الحمد لله الذي جعل كلامًا لي موافقًا لكلام الأئمة
    لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله
    الرد على الشبهات المثارة حول الإسلام

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •