الدوافع الاجتماعية التي أدت لنشر الإلحاد

المتأمل في أسباب ارتفاع وتيرة الإلحاد في المجتمعات الغربية والعربية يجد أنَّ ذلك يرجع لدوافع وأسباب عدة.


1- الجمود الديني وضعف المناعة المجتمعية
والمقصود بهذا هو انخفاض مستوى التدين في المجتمع بطريقة لا توفر لأفراده المناعة أو الحصانة ضد الأفكار المخالفة بما فيها الإلحاد وأطروحاته، وهذا الانخفاض في التدين قد يكون على نوعين: انخفاض مستوى العلم بالدين والتفقه فيه بين الناس، وانخفاض مستوى الالتزام بالطاعات ومراقبة الله في الأفعال والسلوكيات بين عوام الناس، في مثل هذا المجتمع الهش دينيا يسهل على أفكار الإلحاد أن تتسرب بسهولة إلى عقول الشباب وقلوبهم الذين لم ينشؤوا على علم بالدين أو استحضار مراقبة الله في سلوكياتهم.
والمقصود كذلك بالجمود أو التحجر الديني هو عدم تطور صياغات الخطاب الشرعي لتواكب الأطروحات الثقافية والعلمية الجديدة والتحديات التي يفرضها العصر والأوضاع الاجتماعية المستحدثة لكثير من الفئات المجتمعية، ولا يُقصد بهذا التطور تبديل الدين أو تغييره ليناسب الأفكار الدخيلة عليه.
2- كبت الأسئلة
بعض الأسر أو المجتمعات تمارس نوعًا عجيبًا من القهر على أبنائها؛ فتمنعهم من طرح الأسئلة أو الإشكالات، وتهددهم بأن مجرد طرحها يعني الكفر والمروق من الدين، أو قد يقابلون أسئلة الشاب أو استشكالاته بالسخرية والتهكم والاستهزاء؛ مما يدفعه لكتمانها صيانةً لمروءته وكرامته من الامتهان.
3- اضطهاد المرأة
هذا من أكبر أسباب الإلحاد بين الفتيات، ولا سيما أن دعاة الإلحاد يستهدفون المرأة بدعاياتهم الإلحادية بزعم التحرر من سلطة الآباء وقهر الذكور وغيرها من الشعارات، فإذا انضمت إلى هذه الدعاية ما تلاقيه المرأة من اضطهاد وظلم وقهر في مجتمعها أو أسرتها كان هذا داعيًا قويا للوقوع في فخ الإلحاد.
وأسوأ من هذا الأمر أن يتم تسويغ هذا الاضطهاد والقهر للمرأة دينيا؛ بحيث تكتشف المرأة أن الإسلام هو سبب اضطهادها وظلمها، فيكون هذا داعيًا إلى تركها له، ويحكي الأستاذ منير أديب قصة طبيبة مصرية ملحدة، كان أول ما دفعها للإلحاد هو أن زوجها السلفي ضربها على وجهها، فلما شكت لوالدها أخبرها أن الله أعطى لزوجها هذا الحق، وتلا الآيات القرآنية في ذلك، تقول الطبيبة: «كنت في غاية العجب من تفسير كلام والدي إن صح، أن تكون وصية الخالق ضرب المرأة، ولا سيما وأن الإسلام يحرم ضرب الحيوان ذاته؛ فهل المرأة هنا أقل من الحيوان؟».
4- تخلف الأمة
وهذا قد يعد من أسباب الإلحاد في المجتمعات المتخلفة حضاريا، ولا سيما إذا تم الربط بين هذا التخلف والدين؛ فعندما يقارن الشباب المنبهر بالغرب بين تقدم الغربيين الكفار وتحضرهم وترقيهم في مدارج العلوم المختلفة، وبين تخلف بني قومه من المسلمين وتأخرهم؛ فقد تكون هذه المقارنة دافعًا له لفقدان الثقة في قدرة الإسلام على تحقيق التقدم والنهضة، ومن ثم الكفر به بالكلية.
5- تمزق الأمة وتفرقها
وهذا أيضًا من أسباب الفتنة التي تؤدي بالشباب إلى الإلحاد بين طوائف الأمة وتياراتها المختلفة، وهذه من أسباب الفتنة بين الشباب غير القادر على تمييز الحق من الباطل في هذه الأشلاء، فيقع في حيرة: كيف يرضى الله الحكيم الرحيم أن يكون الدين سببًا في كل هذا التنافر والتناحر بين أبنائه؛ فيؤدي به الأمر في نهاية المطاف إلى الكفر بالله والإلحاد.


د. هشام عزمي