ما رأيكم دام فضلكم في هذا الكلام ؟
السائل : السؤال الثاني يقول : ينقل عن الإمام أحمد أنه يجيز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم، فما صحة ذلك .؟ وما رأيكم .؟.
الشيخ الألباني : أما صحة ذلك فعلى الطريقة الحديثية فلا نستطيع إثباتها ، وليس كل قول ينقل عن إمام من أئمة المسلمين بإمكاننا أن نثبته على طريقة علماء الحديث ، ولكن لا يسعنا إلا أن نعتمد على العلماء الذين سبقونا زمنًا وعلمًا ، لا يسعنا إلا أن نعتمد عليهم فيما ينقلونه من أقوال ومن روايات ؛ حتى يتبين لنا خطؤهم في ذاك النقل ، فكون الإمام أحمد رحمه الله أجاز التوسل بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، أذكر أنني قرأت ذلك قديمًا في رسالة : (التوسل والوسيلة) ، لشيخ الإسلام ابن تيمية ، فهو ينقل ذلك كقول عن الإمام أحمد ، ومستنده في ذلك حديث الأعمى .
وكما قلت آنفًا: ما دام أن ابن تيمية ينقل ذلك وهو موضع للثقة ، والاعتماد عليه فيما ينقل ، فنحن نقول بما نقل حتى يثبت عندنا ضعف ما نقل ، هذا بالنسبة لجواب السؤال .
لكني أريد أن أذكر شيئًا مهمًا - في اعتقادي - بالنسبة لمثل هذا القول : لا علينا ولا ضرر علينا أن يثبت عن الإمام أحمد هذا القول أو أن لا يثبت ، كلاهما بالنسبة إلينا سواء ؛ ذلك لأننا لسنا أحمديين ، وإنما كما سبق أن قلت آنفًا : نحن نقدر هؤلاء الأئمة ونجلهم ونستفيد من علمهم ومناهجهم ، لكننا لا نُسَلِّم قيادة عقيدتنا وأركاننا لهم ، إلا من تبين لنا أن الحق معهم .
فإذًا : إذا كان هذا النقل من ابن تيمية عن الإمام أحمد أنه كان يجيز ذلك، وأن دليله في ذلك هو حديث الأعمى ، وحين دراسة حديث الأعمى يتبين أنه لا يفيد التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، بعد موته ؛ لأن الأعمى إنما توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما هو مشروح في نفس كتاب ابن تيمية المذكور آنفًا ، وكما كنت زدت بيانًا في رسالتي التوسل أنواعه وأحكامه ، فالحديث - حديث الأعمى- كله يدور على التوسل بجاه النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذًا : لا يجوز لنا أن نقول بأنه يجوز التوسل الآن بالرسول ؛ لأنه لا يمكن أن نبلغه ما الذي نحن نريد منه أن يدعو لنا ربه ، ولا نحن نستطيع إذا هو دعا - مثلًا - في حالة البرزخ أن نعرف أنه دعا ، فالقضية في حديث الأعمى لها علاقة بحياته عليه السلام ، ولا علاقة لها بوفاته .
المصدر: موقع تفريغات أشرطة العلامة محمد ناصر الدين الألباني طيب الله ثراه