قال ابن رجب: (من رأى من يسيء صلاته فإنه يأمره بإحسان صلاته، ويعظه ويبالغ في الوعظ؛ فإن القلوب تستجيب إلى الحق بالموعظة الحسنة ما لا تستجيب بالعنف، لا سيما إذا عَمَّ بالموعظة ولم يخص أحدًا، وإن خَصَّه فإنه يُلين له القول).
وقال ميمون بن مِهْرَان: (مثل الذي يرى الرجل يسيء صلاته فلا ينهاه، كمثل الذي يرى النائم تنهشه الحية ثم لا يوقظه).
وقال النخعي: (كانوا إذا رأوا الرجل لا يحسن الصلاة علموه).
وقال أبو خلاد: (ما من قوم فيهم من يتهاون بالصلاة ولا يأخذون على يديه إلا كان أول عقوبتهم إن ينقص من أرزاقهم).
وقيل للإمام أحمد: الرجل يرى أهل المسجد يسيئون الصلاة؟ قال: (يأمرهم)، قيل له: إنهم يكثرون، وربما كان عامة أهل المسجد؟ قال: (يقول لهم)، قيل له: يقول لهم مرتين أو ثلاثًا فلا ينتهون، يتركهم بعد ذلك؟ قال: (أرجو أن يسلم) - أو كلمة نحوها.
وقال حنبل: قيل لأبي عبد الله: ترى الرجل إذا رأي الرجل لا يتم ركوعه ولا سجوده، ولا يقيم صلبه، ترى إن يأمره بالإعادة أو يمسك عنه؟ قال: (إن كان يظن أنه يقبل منه أمره، وقال له، ووعظه حتى يحسن صلاته؛ فإن الصلاة من تمام الدين).
وقال ابن رجب:
(ويجب الأمر بإتمام الركوع والسجود وإقامة الصُلْب في الصلاة، وإن كان قد قال بعض الفقهاء: إن الصلاة صحيحة بدونه؛ لأن الخلاف إذا كان مخالفًا للسنن الصحيحة فلا يكون عذرًا مسقطا للأمر بالمعروف.وأيضًا؛ فالخلاف إنما هو في براءة الذمة منها، وقد اجمعوا على إنها صلاة ناقصة، ومصليها مسيء غير محسن، وجميع النصوص المذكورة في هذا الباب تدل على الأمر لمن لا يتم الركوع والسجود بإتمامها).
وقال ابن رجب: (فإن رأى من يفعل في صلاته مكروهًا لا يبطل الصلاة؛ فأمره بتركه برفق كان حسنًا).
وقال أيضًا: (ومتى كان المسيء في صلاته جاهلًا بما أساء فيه تعيَّن الرفق في تعليمه، كما رَفِقَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالذي قال له: (والذي بعثك بالحق، لا أحسن غير هذه الصلاة، فعلمني)، فعلمه).
[ينظر: فتح الباري: (3/ 143 - 146)].