الداعية بين التوكل والتوحل
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وبعد
فما أروع أن تكون متصلا بالسماء بحبل التوكل تمسك به فيرفعك لمكانة الربانيين ، وخطر جدا أن ينساب الحبل أو تتركه أنت فتسقط في الوحل وكنت تظنه شيئا فبان السراب ، فعليك بالتوكل

1-لأنه أمر من الله تعالى
2- من يتوكل على الله تعالى هو على الحق ، فأهل الحق المتوكلون على الله تعالى في جميع شئونهم .
قال تعالى "
فتوكل على الله إنك على الحق المبين "

3- المتوكلون يهديهم الله تعالى سبيل الحق.
قال تعالى " وما لنا لا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا "
يرجع بفضل التوكل بنعمة وفضل ولا يمسه السوء .
قال تعالى "
الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله ، والله ذو فضل عظيم "
عن ابن عبّاس- رضي اللّه عنهما- قال:حسبنا اللّه ونعم الوكيل. قالها إبراهيم عليه السّلام حين ألقي في النّار، وقالها محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم حين قالوا: إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
عن أبي سعيد الخدريّ- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم القرن، واستمع الإذن متى يؤمر بالنّفخ فينفخ». فكأنّ ذلك ثقل على أصحاب النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقال لهم: «قولوا حسبنا اللّه ونعم الوكيل على اللّه توكّلنا
1- بالتوكل يتجدد الإيمان وتسند ظهرك إلى ركن شديد .
قال تعالى "
وتوكل على الحي الذي لا يموت " ولكن علامة التوكل وصدق التوكل الذكر الكثير الشديد وخاصة سبحان الله وبحمده " وسبح بحمده "

2- التوكل من علامة المحبين .
قال تعالى "
إن الله يحب المتوكلين "

3- التوكل من علامة المؤمنين .
قال تعالى "
وعلى الله فليتوكل المؤمنون " بل شرط لكمال الإيمان قال تعالى " وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين "

4- المتوكلون يدخلون الجنة بدون حساب .
قال صلى الله عليه وسلم في صفات السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب :
" هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون "

5- المتوكلون يرزقون ويبارك لهم في الرزق .
قال صلى الله عليه وسلم : "
لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا "

6- المتوكل يهدى ويكفى ويبعد عنه الشيطان .
قال صلى الله عليه وسلم : "
إذا خرج الرجل من بيته فقال : بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال : يقال حينئذ : هديت وكفيت ووقيت تتنحى له الشياطين فيقول الشيطان لشيطان آخر : كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي ؟ "

7- من علامة صدق اللجوء .
8- وله بها خيري الدنيا والآخرة
قال صلى الله عليه وسلم : من قال :
يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين " من قاله فقد دعا بخيري الدنيا والآخرة ، لأنه يلجأ ويطلب منه عدم الاعتماد على نفسه ، ولقد روي عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه كان يقولها بين اذان الفجر والإقامة أربعين مرة ويوصي بها ويقول : من أدمن يا حي يا قيوم أحي الله قلبه .

9- المتوكلون محفوظون من كل شر وشيطان وليس له عليهم سلطان
قال تعالى " إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون "
10- المتوكل لا يضره الدجال
عن هاشم بن عامر- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «إنّ رأس الدّجّال من ورائه حبك حبك فمن قال: أنت ربّي افتتن، ومن قال:كذبت، ربّي اللّه عليه توكّلت فلا يضرّه، أو قال فلا فتنة عليه»
11- المتوكل اسم النبي صلى الله عليه وسلم
عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص- رضي اللّه عنهما- أنّه قال: إنّ هذه الآية الّتي في القرآن يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً قال في التّوراة: «يأيّها النّبيّ إنّا أرسلناك شاهدا ومبشّرا ونذيرا وحرزا للأمّيّين أنت عبدي ورسولي سمّيتك المتوكّل ليس بفظّ ولا غليظ ولا سخّاب بالأسواق، ولا يدفع السّيّئة بالسّيّئة، ولكن يعفو ويصفح ولن يقبضه اللّه حتّى يقيم به الملّة العوجاء بأن يقولوا: لا إله إلّا اللّه فيفتح بها أعينا عميا وآذانا صمّا، وقلوبا غلفا».
12- التوكل يذهب الأمراض والشروروالوسواس والتشاؤم .
عن عبد اللّه بن مسعود- رضي اللّه عنه- قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «الطّيرة شرك، وما منّا إلّا ولكنّ اللّه يذهبه بالتّوكّل"

يفيدك ابن القيم ويقول : أنواع التوكل
1- إما توكل عليه في طلب حوائج العبد وحظوظه الدنيوية أو دفع مكروهاته ومصائبه الدنيوية
2- وإما توكل على الله تعالى في حصول ما يحبه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والجهاد والدعوة إلى الله تعالى .

والتوكل على الله تعالى في الجهاد والدعوة إليه من الفضل ما لا يحصيه إلا الله تعالى فمن توكل على الله في النوع الثاني حق توكله كفاه الله النوع الأول تمام الكفاية .
ومن توكل عليه في النوع الأول دون الثاني كفاه أيضا .
لكن لا يكون له عاقبة المتوكل فيما يحبه ويرضاه ، فأعظم التوكل في الهداية وتجريد التوحيد ومتابعة الرسل وجهاد أهل الباطل فهذا توكل الرسل وخاصة أتباعهم ."

والتوكل باب واسع ، وهو بالأهمية بمكان ليهتم به الدعاة ويكثروا الكلام فيه حتى تأتي فيهم الصفة ،
فالداعية بين التوكل والاتكال ، والتوكل والتفويض ، والتوكل والثقة بالله عز وجل لو أردت استزادة فأحيلك مأجورا غير مأمور إلى " كيف تنال محبة الله تعالى ؟"
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
وصل اللهم على محمد وآله وسلم
عادل الغرياني