تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 44

الموضوع: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

  1. #1

    Lightbulb نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة


    نور التوحيد وظلمات الشرك

    في ضوء الكتاب والسنة


    تأليف الفقير إلى الله تعالى

    د. سعيد بن علي بن وهف القحطاني


    ************************
    بسم الله الرحمن الرحيم


    المقدمة

    إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره،
    ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،
    وسيئات أعمالنا،
    من يهده الله فلا مضل له،
    ومن يضلل فلا هادي له،


    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
    وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله،
    صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه
    ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين،
    وسلم تسليمًا كثيرًا،


    أما بعد:

    فهذه رسالة مختصرة في:
    "
    نور التوحيد وظلمات الشرك


    بيّنت فيها: مفهوم التوحيد، وأدلته،
    وأنواعه، وثمراته،


    ومفهوم الشرك، وأدلة إبطاله،
    والشفاعة: المنفية، والمثبتة،


    وأسباب ووسائل الشرك،
    وأنواعه، وأقسامه،

    وأضراره وآثاره.

    ولا شك أن التوحيد نور
    يوفق الله له من يشاء من عباده،

    والشرك ظلمات
    بعضها فوق بعض يُزيَّن للكافرين


    قال الله عز وجل:
    { أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ
    وَجَعَلْنَا لَهُ
    نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ
    كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا
    كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }([1]

    وقد بيّن الله عز وجل
    أنه أنزل على محمد صلّى الله عليه وسلّم

    الآيات الواضحات والدلائل الباهرات،
    وأعظمها القرآن الكريم؛
    ليخرج الناس بإرسال الرسول صلّى الله عليه وسلّم
    وبما أنزل عليه من الكتاب والحكمة:
    من ظلمات الضلالة والشرك، والجهل،
    إلى نور الإيمان والتوحيد،
    والعلم والهدى،

    قال سبحانه:


    { هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ
    لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ
    وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ }([2]).

    وقد قسمت البحث إلى مبحثين،
    وتحت كل مبحث مطالب
    على النحو الآتي:


    المبحث الأول: نور التوحيد:

    المطلب الأول: مفهوم التوحيد.

    المطلب الثاني: البراهين في إثبات التوحيد.

    المطلب الثالث: أنواع التوحيد.

    المطلب الرابع: ثمرات التوحيد وفوائده.

    المبحث الثاني: ظلمات الشرك:

    المطلب الأول: مفهوم الشرك.

    المطلب الثاني: أدلة إبطال الشرك.

    المطلب الثالث: الشفاعة المنفية والمثبتة.

    المطلب الرابع: مسبغ النعم المستحق للعبادة.

    المطلب الخامس: أسباب ووسائل الشرك.

    المطلب السادس: أنواع الشرك وأقسامه.

    المطلب السابع: أضرار الشرك وآثاره.

    والله سبحانه أسأل باسمه الأعظم
    الذي إذا سُئِلَ به أعطى

    أن يجعل هذا العمل القليل
    مباركًا خالصًا لوجهه الكريم،

    وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي،
    وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛
    فإنه عز وجل خير مسؤول،
    وأكرم مأمول،


    وهو حسبنا ونعم الوكيل،
    والحمد لله رب العالمين،

    والصلاة والسلام على عبده ورسوله الأمين،
    نبينا محمد وعلى آله وأصحابه
    ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.


    المؤلف
    حرر في ظهر يوم الثلاثاء


    الموافق 1419/10/16هـ.

    ************************
    ([1]) سورة الأنعام، الآية: 122.
    ([2]) سورة الحديد، الآية: 9.
    الحمد لله رب العالمين

  2. #2

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    الفهـرس

    المقدمة

    المبحث الأول: نور التوحيد

    المطلب الأول: مفهوم التوحيد
    المطلب الثاني: البراهين الساطعات في إثبات التوحيد

    1- قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ}
    2- قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولا...ً}
    3- قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ...}
    4- قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا...}
    5- قال تعالى: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}
    6- قال تعالى: {وَمَا أُمِرُواْ إِلا لِيَعْبُدُواْ اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}
    7- قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ...}
    8- حق الله على عباده أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا
    9- فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله


    المطلب الثالث: أنواع التوحيد

    1 ـ التوحيد الخبري العلمي الاعتقادي
    2 ـ التوحيد الطلبي القصدي الإرادي
    أنواع التوحيد على التفصيل ثلاثة أنواع
    النوع الأول: توحيد الربوبية
    النوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات
    النوع الثالث: توحيد الألوهية


    المطلب الرابع: ثمرات التوحيد وفوائده

    1- خير الدنيا والآخرة من فضائل التوحيد
    2- التوحيد هو السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة
    3- التوحيد الخالص يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة
    4- يحصل لصاحبه الهدى الكامل والتوفيق لكل أجر وغنيمة
    5- يغفر الله بالتوحيد الذنوب ويكفر به السيئات
    6- يُدخل الله به الجنة
    7- التوحيد يمنع دخول النار بالكلية إذا كمل في القلب
    8- يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه أدنى حبة
    9- التوحيد هو السبب الأعظم في نيل رضا الله وثوابه
    10- جميع الأعمال متوقفة في قبولها وفي كمالها على
    11- يُسهل على العبد فعل الخيرات وترك المنكرات
    12- التوحيد إذا كمل في القلب حبب الله لصاحبه الإيمان
    13- التوحيد يخفف عن العبد المكاره ويهوِّن عليه الآلام
    14- يحرِّر العبد من رق المخلوقين والتعلق بهم
    15- التوحيد إذا كمل في القلب وتحقق يصير به القليل
    16- تكفَّل الله لأهل التوحيد بالفتح، والنصر في الدنيا
    17- الله عز وجل يدافع عن الموحدين


    المبحث الثاني: ظلمات الشرك

    المطلب الأول: مفهوم الشرك
    المطلب الثاني: البراهين الواضحات في إبطال الشرك

    1- قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ}
    2- قال تعالى: {أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ}
    3- من المعلوم أن كل ما عُبد من دون الله من الآلهة ضعيف
    4- ما يعبده المشركون من دون الله:
    الأنبياء أو الصالحين في شغل شاغل عنهم باهتمامهم بالافتقار إلى الله بالعمل

    5- ما عُبد من دونه قد توفرت فيهم جميع أسباب العجز
    6- قال تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ...}
    7- قال تعالى: {وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ}
    8- قال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ اللَّهِ...}

    9- ضرب الأمثال من أوضح وأقوى أساليب الإيضاح
    (*أ) قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ}
    (*ب) قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ...}
    (*ج) قال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ.. .}

    10- الذي يستحق العبادة وحده من يملك القدرة على كل شيء
    (*أ) التفرد بالألوهية
    (*ب) وهو الإله الذي خضع كل شيء لسلطانه
    (*ج) وهو الإله الذي بيده النفع والضر
    (*د) وهو القادر على كل شيء
    (*ه) إحاطة علمه بكل شيء


    المطلب الثالث: الشفاعة

    أولاً: مفهوم الشفاعة لغة
    واصطلاحًا
    ثانيًا: يرد على من طلب الشفاعة من غير الله بالأقوال الحكيمة الآتية:
    1 ـ ليس المخلوق كالخالق
    الوسائط بين الملوك وبين الناس على وجوه ثلاثة
    الوجه الأول: الإخبار عن أحوال الناس بما لا يعرفونه
    الوجه الثاني: أو يكون الملك عاجزًا عن تدبير رعيته
    الوجه الثالث: أو يكون الملك لا يريد نفع رعيته

    2 ـ الشفاعة: شفاعتان
    ( أ ) الشفاعة المثبتة وهي التي تطلب من الله ولها شرطان:
    الشرط الأول: إذن الله للشافع أن يشفع
    الشرط الثاني: رضا الله عن الشافع والمشفوع له
    ( ب ) الشفاعة المنفية: وهي التي تطلب من غير الله
    3 ـ الاحتجاج على من طلب الشفاعة من غير الله


    المطلب الرابع: مسبغ النعم المستحق للعبادة

    أولاً: على وجه الإجمال
    ثانيًا: على وجه التفصيل


    المطلب الخامس: أسباب ووسائل الشرك

    1- الغلو في الصالحين هو سبب الشرك بالله تعالى
    2- الإفراط في المدح والتجاوز فيه والغلو في الدين
    3- بناء المساجد على القبور وتصوير الصور فيها
    4- اتخاذ القبور مساجد
    5- إسراج القبور وزيارة النساء لها
    6- الجلوس على القبور والصلاة إليها
    7- اتخاذ القبور عيدًا وهجر الصلاة في البيوت
    8- الصور وبناء القباب على القبور
    9- شد الرحال إلى غير المساجد الثلاثة
    10- الزيارة البدعية للقبور، وزيارة القبور نوعان
    النوع الأول: زيارة شرعية
    النوع الثاني: زيارة شركية وبدعية وهذا النوع ثلاثة أنواع:
    (*أ) من يسأل الميت حاجته
    (*ب) من يسأله الله تعالى بالميت
    (*ج) من يظن أن الدعاء عند القبور مستجاب
    11- الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها


    المطلب السادس: أنواع الشرك وأقسامه

    أولاً: الشرك أنواع منها:
    النوع الأول: شرك أكبر وهو أربعة أقسام
    1- شرك الدعوة
    2- شرك النية والإرادة والقصد
    3- شرك الطاعة
    4- شرك المحبة

    النوع الثاني: شرك أصغر لا يخرج من الملة
    الشرك الأصغر قسمان:
    القسم الأول: شرك ظاهر، وهو ألفاظ وأفعال
    القسم الثاني: شرك خفي وهو الشرك في الإرادات وهو نوعان:
    النوع الأول: الرياء، والسمعة
    النوع الثاني: إرادة الإنسان بعمله الدنيا

    ثانيًا: الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر

    1- الشرك الأكبر يخرج من الإسلام
    2- الشرك الأكبر يخلد صاحبه في النار
    3- الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال
    4- الشرك الأكبر يبيح الدم والمال
    5- الشرك الأكبر يوجب العداوة بين صاحبه وبين المؤمنين


    المطلب السابع: أضرار الشرك وآثاره

    1- شر الدنيا والآخرة من أضرار الشرك وآثاره
    2- الشرك هو السبب الأعظم لحصول الكربات في الدنيا والآخرة
    3- الشرك يسبب الخوف وينـزع الأمن في الدنيا والآخرة
    4- يحصل لصاحب الشرك الضلال في الدنيا والآخرة
    5- الشرك الأكبر لا يغفره الله إذا مات صاحبه قبل التوبة
    6- الشرك الأكبر يحبط جميع الأعمال
    7- الشرك الأكبر يوجب الله لصاحبه النار ويحرم عليه الجنة
    8- الشرك الأكبر يخلد صاحبه في النار
    9- الشرك أعظم الظلم والافتراء
    10- الله تعالى بريء من المشركين وَرَسُولُهُ صلّى الله عليه وسلّم
    11- الشرك هو السبب الأعظم في نيل غضب الله وعقابه
    12- الشرك يطفئ نور الفطرة
    13- يقضي على الأخلاق الفاضلة
    14- يقضي على عزة النفس
    15- الشرك الأكبر يبيح الدم والمال
    16- الشرك الأكبر يوجب العداوة بين صاحبه وبين المؤمنين
    17- الشرك الأصغر ينقص الإيمان
    18- الشرك الخفي وهو شرك الرياء والعمل لأجل الدنيا



    للحصول على نسخة من الرسالة

    http://www.saaid.net/book/open.php?cat=1&book=1077
    الحمد لله رب العالمين

  3. #3

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    المبحث الأول: نور التوحيد

    المطلب الأول: مفهوم التوحيد:

    التوحيد المطلق: هو:

    العلم والاعتراف المقرون بالاعتقاد الجازم،
    بتفرد الله عزَّ وجلَّ بالأسماء الحسنى،
    وتوحده بصفات الكمال،
    والعظمة والجلال،
    وإفراده وحده بالعبادة ([1])،

    قال سبحانه وتعالى:

    { وَإِلَـهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ
    لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ
    الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
    }([2])

    قال العلامة السعدي رحمه الله:

    "أي متوحد منفرد في ذاته،
    وأسمائه،
    وصفاته،
    وأفعاله،


    فليس له شريك :
    في ذاته،
    ولا سمي له
    ولا كفء،
    ولا مثل،
    ولا نظير،
    ولا خالق
    ولا مدبر غيره؛

    فإذا كان كذلك
    فهو المستحق،

    لأن يؤله
    ويُعبد
    بجميع أنواع العبادة ،
    ولا يشرك به
    أحد من خلقه
    "([3]).


    **********************
    ([1]) انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، للسعدي، ص18.
    ([2]) سورة البقرة، الآية: 163.
    ([3]) تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص60.


    الحمد لله رب العالمين

  4. #4

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    المطلب الثاني:

    البراهين الساطعات في إثبات التوحيد:

    البراهين الساطعات، والبينات الواضحات
    في كتاب الله عز وجل،
    وفي سنة النبي صلّى الله عليه وسلّم
    على إثبات التوحيد كثيرة لا تحصر،
    ولكن منها على سبيل المثال ما يأتي:


    1 ـ قال الله عز وجل:

    { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ
    إِلا لِيَعْبُدُونِ ،
    مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ
    وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ،
    إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ
    ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ
    }([1])

    والمعنى:
    ما خلقت الجن والإنس
    إلا ليُوحدونِ ([2]).

    2 ـ وقال سبحانه وتعالى:

    { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً
    أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ
    وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ

    فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ
    وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ } ([3])

    يخبر الله عزَّ وجلَّ

    أن حجته قامت على جميع الأمم،

    وأنه ما من أمة متقدمة، أو متأخرة

    إلا وبعث الله فيها رسولاً،

    وكلهم متفقون على دعوة واحدة، ودين واحد،

    وهو:
    عبادة الله وحده
    لا شريك له
    ،

    فانقسمت الأمم
    بحسب استجابتها لدعوة الرسل قسمين

    { فَمِنْهُم مَّنْ هَدَى اللَّهُ }
    فاتبعوا المرسلين،


    { وَمِنْهُم مَّنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ }
    فاتبع سبيل الغي ([4]).


    3 ـ وقال عزَّ وجلَّ:

    { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ
    إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ
    أَنَّهُ
    لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ
    فَاعْبُدُونِ }([5])


    فكل الرسل عليهم الصلاة والسلام

    قبل النبي صلّى الله عليه وسلّم:

    زبدة رسالتهم وأصلها،

    الأمر بعبادة الله وحده
    لا شريك له،

    وبيان أنه الإله الحق المعبود،
    وأن عبادة ما سواه باطلة ([6])؛

    ولهذا قال الله عز وجل:
    { وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ
    إِلا نُوحِي إِلَيْهِ
    أَنَّهُ
    لا إِلَهَ إِلا أَنَاْ
    فَاعْبُدُونِ } ([7]).

    ************************
    ([1]) سورة الذاريات، الآيات: 56 – 58.
    ([2]) الجامع لأحكام القرآن الكريم، للقرطبي، 17/57.
    ([3]) سورة النحل، الآية: 36.
    ([4]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص393.
    ([5]) سورة الأنبياء، الآية: 25.
    ([6]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 18/427،
    تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص470.
    ([7]) سورة الزخرف، الآية: 45.
    الحمد لله رب العالمين

  5. #5

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    4 - وقال الله سبحانه وتعالى:

    { وَقَضَى رَبُّكَ
    أَلاَّ تَعْبُدُواْ
    إِلاَّ إِيَّاهُ


    وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَانًا
    }([1])

    فالله عزَّ وجلَّ قضى، ووصَّى، وحكم، وأمر بالتوحيد

    فقال { وَقَضَى رَبُّكَ }

    قضاءً دينيًا، وأمرًا شرعيًّا،

    { أَلاَّ تَعْبُدُواْ }
    أحدًا:
    من أهل الأرض
    والسماوات،
    الأحياء،
    والأموات،


    { إِلاَّ إِيَّاهُ }
    لأنه الواحد
    الأحد،
    الفرد
    الصمد
    ([2]).

    5 ـ والأنبياء عليهم الصلاة والسلام يقولون لأممهم

    { يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ
    مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ }([3])

    والمعنى
    اعبدوا الله وحده ؛


    لأنه
    الخالق الرازق،
    المدبر لجميع الأمور
    ،

    وما سواه مخلوق
    مُدبَّر
    ليس له من الأمر شيء
    ([4]).

    6 ـ وقال سبحانه وتعالى:

    { وَمَا أُمِرُوا
    إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ

    مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ }([5]).

    7 ـ وقال سبحانه وتعالى:

    { قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي
    لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ،
    لاَ شَرِيكَ لَهُ


    وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ
    وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ
    }([6])


    أمر الله عزَّ وجلَّ نبيه محمدًا صلّى الله عليه وسلّم
    أن يقول للمشركين:
    إن صلاتي وذبحي، وحياتي وما آتيه فيها،
    وما يجريه الله عليَّ
    وما يقدر علي في الجميع
    لله رب العالمين،

    لا شريك له
    في العبادة،
    كما أنه
    لا شريك له
    في الملك والتدبير ،

    وبذلك أمرني ربي،
    وأنا أول من أقرَّ، وأذعن،
    وخضع من هذه الأمة لربه ([7]).
    ************************
    ([1]) سورة الإسراء، الآية: 23.
    ([2]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 17/413،
    وتفسير القرآن العظيم، لابن كثير، 3/34،
    وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص407.
    ([3]) سورة الأعراف، الآية: 59، 65.
    ([4]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص255.
    ([5]) سورة البينة، الآية: 5.
    ([6]) سورة الأنعام، الآيتان: 162 – 163.
    ([7]) انظر: جامع البيان عن تأويل آي القرآن، للطبري، 12/283،
    وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص245.

    الحمد لله رب العالمين

  6. #6

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    8 ـ وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه
    أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له:


    “يا معاذ
    هل تدري ما حق الله على عباده”؟


    قال: قلت: الله ورسوله أعلم.

    قال:

    حق الله على عباده
    أن يعبدوه
    ولا يشركوا به شيئًا

    ثم سار ساعة ثم قال:

    يا معاذ،
    هل تدري ما حق العباد على الله
    إذا فعلوه


    قلت: الله ورسوله أعلم.

    قال:

    حق العباد على الله
    أن لا يعذب

    من لا يشرك به
    شيئًا ([1])،

    وهذا الحديث العظيم يبيّن أن حق الله على عباده
    أن يعبدوه وحده لا شريك له
    بما شرعه لهم من العبادات،
    ولا يشركوا معه غيره،


    وأن حق العباد على الله عز وجل
    أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا،


    ولا شك أن حق العباد على الله:
    هو ما وعدهم به من الثواب،

    فحق ذلك ووجب بحكم وعده الصدق،
    وقوله الحق،


    الذي لا يجوز عليه الكذب في الخبر،
    ولا الخلف في الوعد،


    فهو حق جعله الله سبحانه على نفسه،
    تفضلاً وكرمًا،

    فهو سبحانه الذي أوجب على نفسه حقًّا
    لعباده المؤمنين،

    كما حرم الظلم على نفسه،

    لم يوجب ذلك مخلوق عليه،
    ولا يقاس بمخلوقاته،


    بل هو بحكم رحمته، وعدله،
    كتب على نفسه الرحمة،
    وحرم على نفسه الظلم ([2]).

    9 ـ وعن عتبان بن مالك رضي الله عنه،
    يرفعه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم:

    “.. فإن الله حرم على النار من قال:
    لا إله إلا الله ،
    يبتغي بذلك وجه الله
    ([3]).


    ************************

    ([1]) متفق عليه: البخاري، كتاب اللباس، باب إرداف الرجل خلف الرجل، 7/89، برقم 5967،
    ومسلم، كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة، قطعًا، 1/58، برقم 30،
    واللفظ للبخاري برقم 2856، ورقم 6500.
    ([2]) انظر: المفهم لِمَا أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 1/203،
    وشرح النووي على صحيح مسلم، 1/345 ومجموع فتاوى ابن تيمية، 1/213.
    ([3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، 1/125، برقم 425،
    ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، 1/455، برقم 33.
    الحمد لله رب العالمين

  7. #7

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    المطلب الثالث: أنواع التوحيد:

    الله سبحانه وتعالى:

    هو ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين،

    فإفراده تعالى
    وحده بالعبادة كلها
    وإخلاص الدين كله لله
    هذا هو
    توحيد الألوهية
    :

    وهو معنى "لا إله إلا الله"

    وهذا التوحيد يتضمن جميع أنواع التوحيد ([1])
    ويستلزمها؛
    فإن التوحيد نوعان:


    1 ـ التوحيد الخبري العلمي الاعتقادي ([2]):

    وهو توحيد في المعرفة والإثبات،

    وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات،

    وهو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى،

    وصفاته، وأفعاله، وأسمائه،

    وتكلمه بكتبه لمن شاء من عباده،

    وإثبات عموم قضائه، وقدره، وحكمته،

    وتنـزيهه عما لا يليق به.


    2 ـ التوحيد الطلبي القصدي الإرادي:

    وهو توحيد في الطلب والقصد:
    وهو توحيد الإلهية أو العبادة
    ([3]).

    وتكون أنواع التوحيد على التفصيل
    ثلاثة أنواع على النحو الآتي:

    النوع الأول: توحيد الربوبية وهو:

    الاعتقاد الجازم بأن الله تعالى هو الرب
    المتفرد بالخلق،
    والملك،
    والرزق،
    والتدبير
    ،

    الذي ربّى جميع خلقه بالنعم،

    وربى خواص خلقه
    وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
    وأتباعهم المخلصين

    بالعقائد الصحيحة والأخلاق الجميلة،
    والعلوم النافعة، والأعمال الصالحة،

    وهذه التربية النافعة للقلوب والأرواح
    المثمرة لسعادة الدنيا والآخرة.

    النوع الثاني: توحيد الأسماء والصفات:

    وهو الاعتقاد الجازم بأن الله
    هو
    المنفرد بالكمال المطلق
    من جميع الوجوه،
    وذلك بإثبات ما أثبته الله لنفسه
    أو أثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم
    من جميع الأسماء والصفات،

    ومعانيها وأحكامها الواردة في الكتاب والسنة
    على الوجه اللائق بعظمته وجلاله
    من غير نفي لشيء منها، ولا تعطيل،
    ولا تحريف، ولا تمثيل، ولا تكييف.
    ونفي ما نفاه عن نفسه

    أو نفاه عنه رسوله صلّى الله عليه وسلّم
    من النقائص والعيوب
    وعن كل ما ينافي كماله.

    وتوحيد الربوبية والأسماء والصفات

    قد وضحه الله في كتابه كما في أول سورة الحديد،
    وسورة طه، وآخر سورة الحشر،
    وأول سورة آل عمران، وسورة الإخلاص بكاملها،
    وغير ذلك ([4]).

    ************************
    ([1]) انظر: تيسير العزيز الحميد،
    للشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، ص74،
    والقول السديد، للسعدي، ص17،
    وبيان حقيقة التوحيد، للشيخ صالح الفوزان، ص20.

    ([2]) انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، 3/449.

    ([3]) انظر: اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية، لابن القيم 2/94 ،
    ومعارج القبول، لحافظ حكمي 1/98،
    و فتح المجيد ،لعبد الرحمن بن حسن ،ص 17 .

    ([4]) انظر: فتح المجيد، ص17،
    والقول السديد في مقاصد التوحيد لعبد الرحمن السعدي، ص14-17،
    ومعارج القبول، 1/99.
    الحمد لله رب العالمين

  8. #8

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    النوع الثالث: توحيد الإلهية ،
    ويقال له: توحيد العبادة ،


    وهو الاعتقاد الجازم
    – مع العلم والعمل والاعتراف –

    بأن الله
    ذو الألوهية والعبودية
    على خلقه أجمعين،


    وإفراده وحده
    بالعبادة
    كلها
    ،

    وإخلاص الدين
    كله لله
    ،

    وهو يستلزم توحيد الربوبية،
    وتوحيد الأسماء والصفات
    ويتضمنهما؛


    لأن الألوهية التي هي صفة تعم أوصاف الكمال،
    وجميع أوصاف الربوبية والعظمة؛

    فإنه المألوه المعبود
    لما له من أوصاف العظمة والجلال،


    ولما أسداه إلى خلقه من الفواضل والإفضال،

    فتوحده سبحانه
    بصفات الكمال وتفرده بالربوبية،

    يلزم منه
    أن لا يستحق العبادة
    أحد سواه
    .

    وتوحيد الألوهية
    هو مقصود دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام

    من أولهم إلى آخرهم.


    وهذا النوع قد تضمنته

    سورة { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ }

    و{ قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ
    إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ

    أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللَّهَ
    وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ
    شَيْئًا
    وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا
    أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ
    فَإِن تَوَلَّوْاْ
    فَقُولُواْ
    اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } ([1])،

    وأول سورة السجدة وآخرها،
    وأول سورة غافر ووسطها وآخرها،
    وأول سورة الأعراف وآخرها،
    وغالب سور القرآن.
    وكل سور القرآن قد تضمنت أنواع التوحيد،

    فالقرآن كله من أوله إلى آخره
    في تقرير أنواع
    التوحيد؛

    لأن القرآن كله إما خبر عن الله وأسمائه،
    وصفاته، وأفعاله، وأقواله،

    فهذا هو التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي:
    "توحيد الربوبية والأسماء والصفات
    وإما دعوة إلى عبادة الله
    وحده لا شريك له

    وخلع ما يُعبد من دونه،

    وهذا هو التوحيد الإرادي الطلبي
    –"
    توحيد الألوهية"-.

    وإما أمر ونهي وإلزام بطاعة الله،
    وذلك من حقوق التوحيد ومكملاته،

    وإما خبر عن
    إكرام أهل التوحيد
    وما فعل بهم في الدنيا من النصر والتأييد،
    وما يكرمهم به في الآخرة،
    وهو جزاء توحيده سبحانه،
    وإما خبر عن أهل الشرك
    وما فعل بهم في الدنيا من النكال
    وما يحل بهم في الآخرة من العذاب

    فهو جزاء من خرج عن
    حُكم التوحيد،

    فالقرآن كله
    في التوحيد،
    وحقوقه ،
    وجزائه ،


    وفي
    شأن الشرك وأهله وجزائهم ([2]).

    ************************
    ([1]) سورة آل عمران، الآية: 64.
    ([2]) انظر: مدارج السالكين، لابن القيم، 3/450،
    وفتح المجيد، ص17-18،

    والقول السديد، ص16،
    ومعارج القبول، 1/98.
    الحمد لله رب العالمين

  9. #9

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    المطلب الرابع:
    ثمرات التوحيد وفوائده:

    التوحيد له فضائل عظيمة،
    وآثار حميدة،

    ونتائج جميلة،
    ومن ذلك ما يأتي:


    1 ـ خير الدنيا والآخرة من فضائل التوحيد وثمراته.

    2 ـ التوحيد هو السبب الأعظم
    لتفريج كربات الدنيا والآخرة،

    يدفع الله به العقوبات في الدارين،
    ويبسط به النعم والخيرات.

    3 ـ التوحيد الخالص
    يثمر الأمن التام في الدنيا والآخرة،


    قال الله عز وجل:

    { الَّذِينَ آمَنُواْ
    وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ
    أُوْلَـئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } ([1]).

    4 ـ يحصل لصاحبه الهدى الكامل،
    والتوفيق لكل أجر وغنيمة.

    5 ـ يغفر الله بالتوحيد الذنوب ويكفر به السيئات،

    ففي الحديث القدسي
    عن أنس رضي الله عنه يرفعه:

    يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا
    ثم لقيتني
    لا تشرك بي شيئًا
    لأتيتك بقرابها مغفرة([2]).

    6 ـ يدخل الله به الجنة،

    فعن عبادة رضي الله عنه قال:
    قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:


    من شهد أن لا إله إلا الله
    وحده لا شريك له ،
    وأن محمدًا عبده ورسوله،
    وأن عيسى عبد الله ورسوله
    وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه،
    وأن الجنة حق، وأن النار حق،
    أدخله الله الجنة على ما كان من العمل ([3])،

    وفي حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما
    عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال:


    من مات
    لا يشرك بالله شيئًا
    دخل الجنة
    ([4]).


    7 ـ التوحيد يمنع دخول النار بالكلية
    إذا كمل في القلب،


    ففي حديث عتبان رضي الله عنه
    عن النبي صلّى الله عليه وسلّم:


    ... فإن الله حرم على النار من قال:
    لا إله إلا الله
    يبتغي
    بذلك وجه الله([5]).

    8 ـ يمنع الخلود في النار إذا كان في القلب منه
    أدنى حبة من خردل من إيمان ([6]).

    9 ـ التوحيد هو السبب الأعظم
    في نيل رضا الله وثوابه،

    وأسعد الناس بشفاعة محمد صلّى الله عليه وسلّم:

    من قال
    لا إله إلا الله
    خالصًا من قلبه أو نفسه([7]).

    10 ـ جميع الأعمال، والأقوال الظاهرة والباطنة
    متوقفة في قبولها وفي كمالها،
    وفي ترتيب الثواب عليها على التوحيد،
    فكلما قوي التوحيد
    والإخلاص لله

    كملت هذه الأمور وتمت.

    11 ـ يُسَهِّل على العبد فعل الخيرات،
    وترك المنكرات،

    ويسلِّيه عن المصائب،
    فالموحد المخلص لله
    في توحيده

    تخف عليه الطاعات ؛

    لِمَا يرجو من ثواب ربه ورضوانه،
    ويهوِّن عليه ترك ما تهواه النفس من المعاصي؛
    لِمَا يخشى من سخط الله وعقابه.

    12 ـ التوحيد إذا كمل في القلب
    حبب الله لصاحبه الإيمان وزينه في قلبه،
    وكرَّه إليه الكفر والفسوق والعصيان،
    وجعله من الراشدين.

    13 ـ التوحيد يخفف عن العبد المكاره،
    ويهوِّن عليه الآلام،
    فبحسب كمال التوحيد في قلب العبد
    يتلقى المكاره والآلام بقلب منشرح ونفس مطمئنة،
    وتسليمٍ ورضًا بأقدار الله المؤلمة،
    وهو من أعظم أسباب انشراح الصدر.

    14 ـ يحرِّر العبد من رِقّ المخلوقين والتعلُّقِ بهم،
    وخوفهم ورجائهم، والعمل لأجلهم،
    وهذا هو العزُّ الحقيقي، والشرف العالي،
    ويكون مع ذلك
    متعبدًا لله
    لا يرجو سواه ،
    ولا يخشى إلا إيَّاه
    ،
    وبذلك يتمُّ فلاحه، ويتحقق نجاحه.

    15 ـ التوحيد إذا كمل في القلب،
    وتحقَّق تحققًا كاملاً
    بالإخلاص التام
    فإنه يصير القليل من عمل العبد كثيرًا،
    وتضاعف أعماله وأقواله الطيبة
    بغير حصر، ولا حساب.

    16 ـ تكفَّل الله لأهل التوحيد بالفتح،
    والنصر في الدنيا،

    والعز والشرف، وحصول الهداية،
    والتيسير لليسرى،

    وإصلاح الأحوال،
    والتسديد في الأقوال والأفعال.


    17 ـ الله عز وجل يدافع عن الموحدين أهل الإيمان
    شرور الدنيا والآخرة،
    ويمنُّ عليهم بالحياة الطيبة،
    والطمأنينة إليه، والأُنس بذكره.

    قال العلامة السعدي رحمه الله:

    " وشواهد هذه الجمل من الكتاب والسنة
    كثيرة معروفة،
    والله أعلم " ([8]).


    وقال ابن تيمية رحمه الله:

    "وليس للقلوب سرور ولذة تامة
    إلا في
    محبة الله تعالى ،
    والتقرب إليه بما يحبه ،
    ولا تتم محبة الله
    إلا بالإعراض عن كل محبوب سواه،
    وهذا حقيقة
    لا إله إلا الله"([9]).

    ************************
    ([1]) سورة الأنعام، الآية: 82.

    ([2]) الترمذي، كتاب الدعوات،
    باب فضل التوبة والاستغفار، 5/548، برقم 3540،
    وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 3/176،
    وسلسلة الأحاديث الصحيحة، برقم 127، 128.

    ([3]) متفق عليه: البخاري، كتاب الأنبياء،
    باب قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ} 4/168، برقم 3252،
    ومسلم، كتاب الإيمان،
    باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعًا، 1/57، برقم 28.

    ([4]) مسلم، كتاب الإيمان،
    باب من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة، 1/94 برقم 93.

    ([5]) متفق عليه: البخاري،
    كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، 1/126، برقم 425،
    ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة،
    باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر، 1/455-456، برقم 33.

    ([6]) انظر: صحيح البخاري، كتاب التوحيد،
    باب قول الله تعالى: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، برقم 7410،
    وصحيح مسلم، كتاب الإيمان،
    باب معرفة طريق الرؤية، 1/170، برقم 183، ورقم 193.

    ([7]) البخاري، كتاب العلم، باب الحرص على الحديث، 1/38، برقم 99.
    ([8]) القول السديد في مقاصد التوحيد ص25.
    ([9]) مجموع الفتاوى، 28/32.
    الحمد لله رب العالمين

  10. #10

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    المبحث الثاني: ظلمات الشرك

    المطلب الأول: مفهوم الشرك:

    الشِّرْكُ، والشِّرْكَةُ، بمعنى

    وقد اشتركا، وتشاركا، وشارك أحدهما الآخر،

    وأشرك بالله: كفر
    فهو مشركٌ ومشركي،


    والاسم الشرك فيهما،

    ورغبنا في شرككم:
    مشاركتكم في النسب ([1])،

    وأشرك بالله:

    جعل له شريكًا في ملكه،
    أو عبادته،


    فالشرك:

    هو أن تجعل لله ندًا
    وهو خلقك
    ،


    وهو أكبر الكبائر،
    وهو
    الماحق للأعمال،
    والمبطل لها،


    والحارم المانع من ثوابها،

    فكل من عدل بالله غيره:
    بالحب،
    أو التعظيم،
    أو اتبع خطواته،


    ومبادئه المخالفة لملة إبراهيم
    صلّى الله عليه وسلّم
    فهو مشرك ([2]).


    والشرك شركان:

    شرك أكبر يخرج من الملة،

    وشرك أصغر لا يخرج من الملة ([3]).

    وذكر العلامة السعدي رحمه الله

    أن حد الشرك الأكبر
    الذي يجمع أنواعه وأفراده


    أن يصرف العبد نوعًا أو فردًا
    من أفراد
    العبادة
    لغير
    الله
    ،


    فكل: اعتقاد، أو قول،
    أو عمل
    ثبت أنه مأمور به من الشارع


    فصرفه لله وحده
    توحيد
    وإيمان
    وإخلاص
    ،


    وصرفه لغيره
    شرك وكفر
    ،


    وهذا ضابط للشرك الأكبر لا يشذ عنه شيء

    وأما حد الشرك الأصغر فهو:

    كل وسيلة وذريعة يتطرق منها إلى الشرك الأكبر،

    من: الإرادات، والأقوال، والأفعال

    التي لم تبلغ رتبة العبادة ([4]).
    ************************

    ([1]) انظر: القاموس المحيط، باب الكاف، فصل الشين، ص1240.
    ([2]) الأجوبة المفيدة لمهمات العقيدة، لعبد الرحمن الدوسري، ص41.
    ([3]) انظر: قضية التكفير، للمؤلف، ص119.
    ([4]) انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد، لعبد الرحمن بن ناصر السعدي، ص31، 32، 54.
    الحمد لله رب العالمين

  11. #11

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    المطلب الثاني:

    البراهين الواضحات
    في
    إبطال الشرك:

    الأدلة القاطعة الواضحة في
    إبطال الشرك،
    وذمِّ أهله
    كثيرة،
    منها ما يأتي:


    1 ـ كل من دعا نبيًّا، أو وليًّا، أو ملكًا، أو جنيًّا،
    أو صرف له شيئًا من العبادة
    فقد اتخذه إلهًا
    من دون
    الله ([1])،

    وهذا هو حقيقة الشّرك الأكبر

    الذي قال الله تعالى فيه:

    { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ
    أَن يُشْرَكَ بِهِ

    وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء

    وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ
    فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا }([2]).

    2 ـ من البراهين القطعية التي ينبغي تبيينها وتوضيحها

    لمن اتَّخَذَ من دون الله

    آلهة أخرى،

    قوله تعالى:

    { أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِّنَ الأَرْضِ هُمْ يُنشِرُونَ،
    لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ
    إِلا
    اللَّهُ لَفَسَدَتَا
    فَسُبْحَانَ اللَّهِ
    رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ
    ،
    لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ
    وَهُمْ يُسْأَلُونَ
    } ([3]).


    فقد أنكر سبحانه
    على من اتخذ من دونه آلهة من الأرض،

    سواء كانت أحجارًا أو خشبًا،
    أو غير ذلك من الأوثان
    التي
    تُعبد من دون الله!

    فهل هم يحيون الأموات
    ويبعثونهم
    ؟


    الجواب: كلا،

    لا يقدرون على شيء من ذلك،

    ولو كان في السَّماوات والأرض
    آلهة تستحق العبادة غير الله لفسدتا
    وفسد ما فيهما من المخلوقات؛

    لأن تعدد الآلهة
    يقتضي التمانع والتنازع والاختلاف،

    فيحدث بسببه الهلاك،

    فلو فُرِضَ وجود إلهين،

    وأراد أحدهما أن يخلق شيئًا
    والآخر لا يريد ذلك،


    أو أراد أن يُعطي
    والآخر أراد أن يمنع،


    أو أراد أحدهما تحريك جسم
    والآخر يريد تسكينه،


    فحينئذ يختل نظام العالم،
    وتفسد الحياة!


    و ذلك :
    * لأنه يستحيل وجود مرادهما معًا،
    وهو من أبطل الباطل؛

    فإنه لو وجد مرادهما جميعًا للزم اجتماع الضدين،
    وأن يكون الشيء الواحد حيًّا ميتًا، متحركًا ساكنًا.

    * و إذا لم يحصل مراد واحد منهما
    لزم عجز كل منهما
    ،
    وذلك يناقض الربوبية.

    * وإن وُجِدَ مراد أحدهما ونفذ
    دون مراد الآخر،


    كان النافذ مراده هو
    الإله القادر


    والآخر عاجز ضعيف مخذول.

    * واتفاقهما على مراد واحد
    في جميع الأمور
    غير ممكن.

    وحينئذ يتعين
    أن
    القاهر الغالب على أمره
    هو الذي يوجد مراده وحده
    غير مُمانع
    ولا مُدافع،

    ولا مُنازع
    ولا مُخالف
    ولا شريك،

    وهو
    الله الخالق
    الإله الواحد
    ،

    لا إله إلا هو،
    ولا رب سواه
    ؛

    ولهذا ذكر سبحانه دليل التمانع
    في قوله عز وجل:

    {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ
    وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ
    إِذًا لَّذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ
    وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ

    سُبْحَانَ اللَّهِ
    عَمَّا يَصِفُونَ
    ،

    عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ
    فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }([4]).

    وإتقان العالم العلوي والسفلي،
    وانتظامه منذ خلقه، واتساقه،
    وارتباط بعضه ببعض في غاية الدقة والكمال:
    {مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ }([5]).

    وكل ذلك مسخر،
    ومدبر بالحكمة لمصالح الخلق كلهم
    يدل على أن
    مدبره واحد،
    وربه واحد،
    وإلهه واحد
    ،

    لا معبود غيره،
    ولا خالق سواه
    ([6]).
    ************************
    ([1]) انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص242.
    ([2]) سورة النساء، الآية: 48.
    ([3]) سورة الأنبياء، الآيات: 21-23.
    ([4]) سورة المؤمنون، الآيتان: 91، 92.
    ([5]) سورة الملك، الآية: 3.

    ([6]) انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية 9/352، 354، 337-382، 1/35-37،
    وتفسير البغوي 3/241، 316، وابن كثير 3/255، 176،
    وفتح القدير للشوكاني، 3/402، 496،
    وتفسير عبد الرحمن السعدي، 5/220، 374،
    وأيسر التفاسير لأبي بكر جابر الجزائري 3/99،
    ومناهج الجدل في القرآن الكريم
    للدكتور زاهر بن عواض الألمعي ص 158-161.
    الحمد لله رب العالمين

  12. #12

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    3 ـ من المعلوم عند جميع العقلاء

    أن كل ما عُبِدَ من دون الله
    من الآلهة ضعيف
    من كل الوجوه،
    وعاجز
    ومخذول،

    وهذه الآلهة
    لا تملك
    لنفسها ولا لغيرها
    شيئًا من ضر
    أو نفع،
    أو حياة
    أو موت
    ،
    أو إعطاء
    أو منع،
    أو خفض
    أو رفع،
    أو عزّ
    أو ذلّ
    ،

    وأنها لا تتصف بأي صفة من الصفات
    التي يتصف بها
    الإله الحق،
    فكيف يُعْبدُ مَنْ هَذه حَالُه ؟
    وكيف يُرجى أو يُخاف من هذه صفاته ؟
    وكيف يُسئَل من لا يسمع
    ولا يبصر
    ولا يعلم شيئًا
    ([1]).

    وقد بيّن الله عز وجل
    ضعف وعجز
    كل ما عبد من دونه

    أكمل بيان،


    فقال سبحانه:

    {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    مَا
    لاَ يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا
    وَلاَ نَفْعًا

    وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
    } ([2])،

    وقال عز وجل:

    { أَيُشْرِكُونَ
    مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً
    وَهُمْ يُخْلَقُونَ،

    وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا
    وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ،

    وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى
    لاَ يَتَّبِعُوكُمْ
    سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُ مْ
    أَمْ أَنتُمْ صَامِتُونَ،

    إِنَّ الَّذِينَ
    تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ
    فَادْعُوهُمْ
    فَلْيَسْتَجِيبُ واْ لَكُمْ
    إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ،

    أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا
    أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا
    أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا
    أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا
    قُلِ ادْعُواْ
    شُرَكَاءَكُمْ
    ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ،

    إِنَّ وَلِيِّـيَ اللَّهُ
    الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ
    وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ،

    وَالَّذِينَ
    تَدْعُونَ مِن دُونِهِ
    لاَ يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ
    وَلا أَنفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ،

    وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى
    لاَ يَسْمَعُواْ
    وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ
    وَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ } ([3])،

    وقال عز وجل:

    { وَاتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ آلِهَةً
    لا يَخْلُقُونَ شَيْئًا
    وَهُمْ يُخْلَقُونَ
    وَلا يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَرًّا
    وَلا نَفْعًا
    وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا
    وَلا حَيَاةً
    وَلا نُشُورًا } ([4]).

    وهي مع هذه الصفات
    لا تملك كشف الضر عن عابديها
    ولا تحويله إلى غيرهم

    { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ
    فَلاَ يَمْلِكُونَ
    كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ

    وَلاَ تَحْوِيلاً } ([5]).
    ************************

    ([1]) انظر: تفسير ابن كثير 2/83، 219، 277، 417، 3/47، 211، 310،
    وتفسير السعدي 2/327، 420، 3/290، 451 ،5/279 ، 457 ،6/153 ،
    و أضواء البيان للشنقيطي ، 2/482، 3/101، 322، 598، 5/44، 6/268.

    ([2]) سورة المائدة، الآية: 76.
    ([3]) سورة الأعراف، الآيات: 191-198.
    ([4]) سورة الفرقان، الآية: 3.
    ([5]) سورة الإسراء، الآية: 56.
    الحمد لله رب العالمين

  13. #13

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    4 ـ ومن المعلوم يقينًا
    أن
    ما يعبده المشركون من دون الله:
    الأنبياء، أو الصالحين، أو الملائكة،
    أو الجن الذين أسلموا،
    أنهم في شغل شاغل عنهم
    باهتمامهم

    بالافتقار إلى الله

    بالعمل الصالح،
    والتنافس في القُرْبِ من ربهم
    يرجون رحمته
    ويخافون عذابه،
    فكيف يُعبَدُ من هذا حاله ؟ ([1])

    قال تعالى:

    { أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ
    يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ
    وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ
    وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ
    إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا } ([2]).

    5 ـ وقد أوضح وبيّن سبحانه
    أن
    ما عُبِدَ من دونه
    قد توفرت فيهم
    جميع أسباب العجز
    وعدم إجابة الدعاء من كل وجه؛

    فإنهم
    لا يملكون مثقال ذرة
    في السَّمَاوات ولا في الأرض
    لا على وجه الاستقلال،
    ولا على وجه الاشتراك،

    وليس لله من هذه
    المعبودات
    من ظهير يساعده على ملكه وتدبيره،
    ولا تنفع الشفاعة عنده
    إلا لمن أذن له ([3])،

    قال عز وجل:
    { قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ
    لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ
    فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ

    وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ
    وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ،
    وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ
    إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } ([4])،

    وقال سبحانه تعالى:
    { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ

    وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ
    مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ،
    إِن تَدْعُوهُمْ
    لا يَسْمَعُواْ دُعَاءَكُمْ
    وَلَوْ سَمِعُواْ
    مَا اسْتَجَابُواْ لَكُمْ
    وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ
    بِشِرْكِكُمْ
    وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }([5]).

    ************************

    ([1]) انظر: تفسير ابن كثير 3/48، وتفسير السعدي 4/291.
    ([2]) سورة الإسراء، الآية: 57.
    ([3]) انظر: تفسير ابن كثير 3/37، وتفسير السعدي 6/274.
    ([4]) سورة سبأ، الآيتان: 22، 23.
    ([5]) سورة فاطر، الآيتان: 13، 14.

    الحمد لله رب العالمين

  14. #14

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    6 ـ وقال عز وجل:

    { قُلْ أَفَرَأَيْتُم
    مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ
    هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ

    أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ

    هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ
    قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ
    عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُو نَ } ([1]).

    7 ـ وقال سبحانه وتعالى:

    { وَلاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللَّهِ
    مَا لاَ يَنفَعُكَ
    وَلاَ يَضُرُّكَ

    فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ
    الظَّالِمِينَ ،

    وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ

    فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ

    وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ

    فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ
    يُصيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
    وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } ([2])،

    وهذا وصف
    لكل مخلوق،
    وأنه لا ينفع ولا يضر

    وإنما النافع الضار
    هو الله
    ،

    ومن دعا ما لا يضره ولا ينفعه
    فقد ظلم نفسه
    بالوقوع في الشرك الأكبر،


    وإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام
    لو دعا غير الله لكان من الظالمين المشركين،
    فكيف بغيره ([3]) ؟،

    فالنافع الضار
    هو المستحق للعبادة
    وحده


    { وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ
    فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ

    وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ
    فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ } ([4]).

    ************************

    ([1]) سورة الزمر، الآية: 38.
    ([2]) سورة يونس، الآيتان: 106-107.
    ([3]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، للسعدي، ص331.
    ([4]) سورة الأنعام، الآية: 17.
    الحمد لله رب العالمين

  15. #15

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    8 ـ وقال عز وجل:

    { وَمَنْ أَضَلُّ ممن يَدْعواْ مِن دُونِ اللَّهِ
    مَن لاَ يَسْتَجِيب لَه إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
    و هم عن دعائهم غَافِلونَ

    وَإِذَا حشََِر الناس كانوا لهم
    أعداء
    و كانوا بعبادتهم كافرين }([1])

    فهل هناك أضل من هؤلاء
    الذين يعبدون
    من
    لا يستجيب لهم
    مدة مقامهم في الدنيا،

    لا ينتفعون بهم
    مثقال ذرة،
    وهم
    لا يسمعون منهم دعاء،
    ولا يجيبون لهم نداء،
    وهذا حالهم في الدنيا،

    ويوم القيامة
    يكفرون بشركهم،
    ويكونون لهم
    أعداء يلعن بعضهم بعضًا،
    ويتبرأ بعضهم من بعض ([2]).

    ************************

    ([1]) سورة الأحقاف، الآيتان: 5-6.
    ([2]) انظر: تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان، ص724.
    الحمد لله رب العالمين

  16. #16

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    9 ـ ضرب الأمثال من أوضح وأقوى أساليب الإيضاح والبيان
    في إبراز الحقائق المعقولة
    في صورة الأمر المحسوس،

    وهذا من أعظم ما يُردُّ به
    على الوثنيين في إبطال عقيدتهم
    وتسويتهم المخلوق
    بالخالق في العبادة والتعظيم؛

    ولكثرة هذا النوع في القرآن الكريم
    سأقتصر على ثلاثة أمثلة توضح المقصود
    على النحو الآتي:


    ( أ ) قال الله عز وجل:

    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ
    إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ
    لَن يَخْلُقُواْ ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُواْ لَهُ

    وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا
    لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ
    ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ،
    مَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ
    إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
    } ([1]).

    حق على كل عبد أن يستمع لهذا المثل،
    ويتدبره حق تدبره،
    فإنه يقطع مواد الشرك من قلبه،

    فالآلهة التي تُعبَد من دون الله
    لن تقدر على خلق الذباب
    ولو اجتمعوا كلهم لخلقه،
    فكيف بما هو أكبر منه،

    بل لا يقدرون على
    الانتصار من الذباب
    إذا سلبهم شيئًا مما عليهم من طيب ونحوه،
    فيستنقذوه منه ،

    فلا هم قادرون على خلق الذباب
    الذي هو أضعف المخلوقات،
    ولا على الانتصار منه واسترجاع ما سلبهم إياه،

    فلا أعجز من هذه الآلهة الباطلة،
    ولا أضعف منها،
    فكيف يستحسن عاقل
    عبادتها من دون الله ؟!

    وهذا المثل من أبلغ ما أنزل الله تعالى
    في بطلان الشرك
    وتجهيل أهله
    ([2]).

    ************************

    ([1]) سورة الحج، الآيتان: 73، 74.
    ([2]) انظر: أمثال القرآن، لابن القيم، ص47، والتفسير القيم، لابن القيم، ص368،
    وتفسير البغوي، 3/298، وتفسير ابن كثير، 3/236،
    وفتح القدير للشوكاني، 3/470، وتفسير السعدي، 5/326.
    الحمد لله رب العالمين

  17. #17

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    (ب) ومن أحسن الأمثال
    وأدلَّها على
    بطلان الشرك،
    وخسارة صاحبه
    وحصوله على ضد مقصوده،


    قوله تعالى:

    { مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ
    أَوْلِيَاءَ
    كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا
    وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنكَبُوتِ
    لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ،

    إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ
    وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ،

    وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ
    وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ } ([1]).

    فهذا مثل ضربه الله لمن عَبَدَ معه غيره
    يقصد به التعزز والتقَوِّي والنفع،

    فبين سبحانه أن هؤلاء ضعفاء،
    وأن الذين اتخذوهم أولياء من دون الله
    أضعف منهم ،

    فهم في ضعفهم وما قصدوه من اتخاذ الأولياء
    كالعنكبوت التي هي من أضعف الحيوانات،
    اتخذت بيتًا وهو من أضعف البيوت،
    فما ازدادت باتخاذه إلا ضعفًا،

    وكذلك من اتخذ من دون الله أولياء،
    فإنهم ضعفاء،
    وازدادوا باتخاذهم
    ضعفًا إلى ضعفهم ([2]).

    ************************
    ([1]) سورة العنكبوت، الآيات: 41-43.
    ([2]) انظر: تفسير البغوي 3/468،
    وأمثال القرآن لابن القيم ص21،
    وفتح القدير للشوكاني 4/204.

    الحمد لله رب العالمين

  18. #18

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    ( ج ) ومن أبلغ الأمثال التي تُبيّن أن المشرك
    قد تشتت شمله واحتار في أمره،

    ما بيّنه تعالى بقوله:

    {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً
    رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ
    وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ
    هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً

    الْحَمْدُ لِلَّهِ
    بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ } ([1]).

    فهذا مثل ضربه الله تعالى للمشرك والموحد،
    فالمشرك لَمَّا كان يعبد آلهة شتى
    شُبِّهَ بعبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون،
    سيئة أخلاقهم، يتنافسون في خدمته،
    لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين،
    فهو في عذاب.

    والموحد لَمَّا كان
    يعبد الله
    وحده لا شريك له
    ،

    فمثله كمثل عبد لرجل واحد،
    قد سلم له، وعلم مقاصده،
    وعرف الطريق إلى رضاه،
    فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه واختلافهم،
    بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه،
    مع رأفة مالكه به،
    ورحمته له،
    وشفقته عليه،

    وإحسانه إليه،
    وتوليه لمصالحه،

    فهل يستوي هذان العبدان ؟
    والجواب: كلا،
    لا يستويان أبدًا ([2]).
    ************************

    ([1]) سورة الزمر، الآية: 29.
    ([2]) انظر: تفسير البغوي 4/78، وابن كثير 4/52،
    والتفسير القيم، لابن القيم، ص423،
    وفتح القدير للشوكاني 4/462،
    وتفسير السعدي 6/468، وتفسير الجزائري 4/43.
    الحمد لله رب العالمين

  19. #19

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    10 ـ الذي يستحق العبادة
    وحده من يملك القدرة على كل شيء،
    والإحاطة بكل شيءٍ،
    وكمال السلطان
    والغلبة

    والقهر
    والهيمنة

    على كل شيءٍ،

    والعلم بكل شيء،
    ويملك الدنيا والآخرة،
    والنفع
    والضر،
    والعطاء
    والمنع

    بيده وحده،


    فمن كان هذا شأنه
    فإنه حقيق بأن
    يُذكَر فلا يُنسى،
    ويُشكر فلا يُكفر،
    ويُطاع فلا يُعصى،
    ولا يُشرك معه غيره ([1]).

    وصفات الكمال المطلق لله تعالى،
    لا يحيط بها أحد،

    ولكن منها على سبيل المثال:

    ( أ ) المتفرد بالألوهية:
    لا يستحق الألوهية إلا الله وحده ،
    الحي الذي لا يموت أبدًا،
    القيوم الذي قام بنفسه
    واستغنى عن جميع المخلوقات،
    وهي مفتقرة إليه في كل شيء،

    ومن كمال حياته وقيوميته
    أنه لا تأخذه سنة ولا نوم،

    وجميع ما في السَّماوات والأرض عبيده،
    وتحت قهره وسلطانه:

    { إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
    إِلاّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا،
    لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا } ([2]).

    ومن تمام ملكه
    وعظمته
    وكبريائه

    أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه ،
    فكل الوجهاء والشفعاء عبيد له،
    لا يقدمون على شفاعة حتى يأذن لهم،
    ولا يأذن إلا لمن ارتضى،
    وعلمه تعالى محيط بجميع الكائنات،
    ولا يطلع أحد على شيء من علمه
    إلا ما أطلعهم عليه،
    ومن عظمته
    أن كرسيه وسع السَّماوات والأرض،

    وأنه قد حفظهما وما فيهما من مخلوقات،
    ولا يثقله حفظهما،
    بل ذلك سهل عليه يسير لديه،

    وهو القاهر لكل شيء،
    العلي بذاته على جميع مخلوقاته،
    والعلي بعظمته وصفاته،
    العلي
    الذي قهر المخلوقات
    ودانت له الموجودات،
    العظيم الجامع لصفات العظمة والكبرياء،

    وقد دلّ على هذه الصفات العظيمة
    قوله تعالى:
    { اللَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
    لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ
    لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ
    مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ
    يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
    وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء
    وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ
    وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا
    وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ
    } ([3]).

    ************************

    ([1]) انظر: تفسير البغوي 1/237، 3/71، 2/88، 372،
    وابن كثير 1/309، 2/572، 3/42، 2/127، 435، 570، 1/344، 2/138،
    وتفسير السعدي 1/313، 7/686، 2/381، 3/397، 4/204، 6/364، 1/356، 2/372،
    وأضواء البيان 2/187، 3/271.

    ([2]) سورة مريم، الآيتان: 93، 94.
    ([3]) سورة البقرة، الآية: 255.
    الحمد لله رب العالمين

  20. #20

    افتراضي رد: نور التوحيد وظلمات الشرك في ضوء الكتاب والسنة

    (ب) وهو الإله الذي خضع كل شيء لسلطانه،
    فانقادت له المخلوقات بأسرها:
    جماداتها، وحيواناتها، وإنسها، وجنّها، وملائكتها


    { وَلَهُ أَسْلَمَ
    مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
    طَوْعًا وَكَرْهًا
    وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ
    }([1]).

    ( ج ) وهو الإله الذي
    بيده النفع والضر،

    فلو اجتمع الخلق على أن ينفعوا مخلوقًا
    لم ينفعوه
    إلا بما كـتبه الله له ،

    ولو اجتمعوا على أن يضروه بشيء
    لم يضروه
    إذا لم يُرِد الله ذلك :

    {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ
    فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ
    وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ
    فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ
    يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ
    وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ
    } ([2]).

    ( د ) وهو القادر على كل شيء،
    ولا يعجزه شيء :

    { إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا

    أَنْ يَقُولَ لَهُ
    كُنْ فَيَكُونُ } ([3]).

    (هـ) إحاطة علمه بكل شيء،
    شامل للغيوب كلها:

    يعلم ما كان،
    وما يكون،
    وما لم يكن
    لو كان كيف يكون
    ([4]):

    { إِنَّ اللَّهَ
    لاَ يَخْفَىَ عَلَيْهِ شَيْءٌ
    فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ }([5])،

    { وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ
    مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ
    فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ
    وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ
    إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }([6])،

    { وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ
    وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
    وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ
    إِلاَّ يَعْلَمُهَا
    وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ
    وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ
    إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }([7])،

    { إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }([8]).

    ولا شك أن من عرف هذه الصفات
    وغيرها من صفات
    الكمال والعظمة،
    فإنه سيعبد الله وحده ؛
    لأنه الإله
    المستحق للعبادة
    .

    ************************
    ([1]) سورة آل عمران، الآية: 83.
    ([2]) سورة يونس، الآية: 107.
    ([3]) سورة يس، الآية: 82.
    ([4]) انظر: تفسير ابن كثير 1/344، 2/138، والسعدي 2/356، 2/372.

    ([5]) سورة آل عمران، الآية: 5.
    ([6]) سورة يونس: الآية: 61.
    ([7]) سورة الأنعام، الآية: 59.
    ([8]) سورة الأنفال، الآية: 75.
    الحمد لله رب العالمين

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •