بسم الله الرحمن الرحيم


الحلقة العاشرة من : قراءة شيخنا أبي عُبُود - عبد الله بن عبود باحمران - لكتاب ( الجامع في العلل والفوائد / للدكتور ماهر الفحل ) .

قال الشيخ الفاضل أبو عُبُود عبدالله بن عبود باحمران - حفظه الله ووفقه :
الحلقة العاشرة :
1) أ) عند عنوان : ( تاريخ علم العلل ) ؛ قال الدكتور في (1/38) : (( يمكن جعل البداية الحقيقية لهذا العلم من مرحلة النقد الحديثي الذي ابتدأت بواكيره على أيدي كبار الصحابة كأبي بكر وعمر و علي ...)) .
ب) وأَجْمَلَ واقعةً لعمر مع أبي موسى الأشعري فقال في (1/12) : (( وطلبوا البينة أحياناً مبالغة في التثبت وصيانةً للشرع كما فعل عمر بن الخطاب مع أبي موسى الأشعري في الاستئذان ثلاثاً ... )) أهـ .
ج) وهذه الواقعة فيها دليلٌ قويٌّ لأئمتنا المتأخرين والمعاصرين عندما يخالفون الإمام المتقدم بعد ظهور الدليل القوي على ذلك .
ففي باب ( التسليم والاستئذان ثلاثاً ) من كتاب ( الاستئذان ) من صحيح البخاري أخرج البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري قال : (( كنت في مجلس من مجالس الأنصار ، إذ جاء أبو موسى كأنه مَذْعور ، فقال : استأذنتُ على عمر ثلاثاً فلم يُؤذن لي فرجعت ، فقال : ما منعك ؟ قلت : استأذنتُ ثلاثاً فلم يُؤذن لي فرجعت ، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إذا استأذن أحدكم ثلاثاً فلم يُؤذن له فليرجع ، فقال : والله لتُقيمنَّ عليه بيّنة . أمنكم أحدٌ سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ فقال أُبي بن كعب : والله لا يقومُ معك إلاّ أصغر القوم ، فكنت أصغرَ القوم فقمتُ فأخبرتُ عمرَ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك )) .
د) في هذه الواقعة :
1- أخبر أبو موسى – وهو فوق ثقة – عمرَ – وهو فوق ثقة – عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حكماً لم يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
2- كفة عمر تَرْجَحُ كفة أبي موسى بمراحل في ملازمة ومجالسة وصحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم .
- ومع هذا لم يسمع هذا الحكم من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ لهذا خشي أن يكون أبو موسى قد وَهم و سهى .
4- فأنكر عمر هذا على أبي موسى وطلب منه بينة لصحة روايته فيأمن من سهوه ووهمه .
5- فقام أصغر الجالسين – مما يدل على شهرة هذا الحكم عند الأنصار – وهو أبو سعيد الخدري – وهو فوق ثقة – وشهد بصحة رواية أبي موسى .
6- عندئذ زال من عمر ما خشيه من الوهم .
7- فكذلك عندما يأتي إمامٌ متقدِّم ويُعلُّ حديثاً لتفرُّد راوٍ به ، - كما هنا خشي عمر وقوع أبي موسى في الوهم ؛ لأنه نقل شيئاً لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم - .
8- فيقف الإمام المتأخر أو المعاصر على متابع مُعْتَبَر به يدفع خشية وهم الراوي المتفرِّد عند الإمام المتقدم – كما هنا وقف عمر على بينة تدفع الوهم وهي متابعة أو شهادة أبي سعيد الخدري لأبي موسى .
9- وهذا في زمن لم تكثر فيه الأسانيد ؛ فكيف بزمن كثرة الأسانيد الكثرة المعروفة بحيث لم يقف الإمام المتقدم على ما يرد به التفرد أو قد يكون نسيه ؟ .
2) في عنوان : ( مؤسسوا علم العلل وأئمته ) جعل للأئمة مسرداً ، أفاد فيه من كتاب (( جهود المحدثين )) للدكتور علي الصياح وزاد عليه وذلك في (1/41-49).
أ*) لم يذكر الدكتور ضابطاً أو تعريفاً لمن يُصَنّفه أنه من أئمة علم العلل .
ب*) هؤلاء الأئمة الذين ذكرهم الدكتور في مسرده هل هم على المعنى الخاص للعلة أم على المعنى العام ؟ فكثير ممَّن ذكرهم على المعنى العام ؟ .
ج*) لم يذكر الدكتور الإمام مالك ، ولا عبدالله بن المبارك ، ولا ابن ماجه ؛ فهل هذا مما أفاده من كتاب الدكتور الصياح ؛ فإن الدكتور الصياح لم يذكرهم أبداً .
فالدكتور وصف الإمام عبدَ الله بن المبارك بأنه : (( أحد أكابر هذا الفن )) كما في (5/150) ؛ فكيف يغيب عن الدكتور اسم : ((أحد أكابر هذا الفن )) ؟ .

الإجابة : لم يذكره الدكتور الصياح في كتابه (( جهود المحدثين )) .
ه*) الدكتور الصياح وضع ضابطاً به يذكر الشخص في أئمة العلل ، فقال في (ص29- الحاشية ) – ولا أدري لِمَ في الحاشية ؟ هل تذكَّر أم ذُكِّر ؟ - : (( عُنيتُ في هذا الفصل بذكر كُلِّ من وُصِف بمعرفة العلل ، أو صنف مصنفاً في العلل )) أهـ .
و*) الإمام عبد الله بن المبارك ، والإمام ابن ماجه ؛ ذَكَرَهما الدكتور الفحل فيمن صنفوا في العلل كما في (1/55-56) ؛ فهما على شرط الدكتور الصياح ولا يبعد أن يكون هو شرط الدكتور الفحل أيضاً إلاّ أنه لم يتذكَّر ولم يُذَكَّر .
ز*) الدكتور الصياح وضع أول اسم في سرده المجمل لأئمة العلل والعارفين به : في (ص31) : (( 1- محمد بن سيرين )) ثم ذكره أولاً في السرد التفصيلي في (ص42) ، وعند إثبات نقده للرواة في (ص43) نقل عن ابن معين : )) انه لا يعلم أحداً من التابعين كان ينتقي الرجال كما كان ابن سيرين ينتقيهم )) . وفي آخر ما نقله وُصِف الإمام مالك بما وُصِف به ابن سيرين ، ففيه قول ابن عيينة : (( ما كان أشدّ انتقاء مالك الرجال )) ؛ فأين : (( التيقظ .. والدقة .. و .. )) ؟ .
ج*) الدكتور الصياح لم يذكر اسماً واحداً معاصراً في سرده حتى أنه لم يذكر العلامة المحقق المعلمي اليماني الذي يشيد به بعضهم لوضعه مقابل الإمام الألباني ، وبخاصة من الجماعة الأم وما تولَّد وتفرَّع منها من بنين وحَفَدَة وذلك لأن َّالإمامَيْن أحمد شاكر والألباني موقفهما قويٌّ وصريحٌ تجاه الجماعة الأم ؛ ولطول عمر الإمام الألباني امتدَّ موقفه إلى ما تولَّد وتفرَّع من البنين والحفدة .
ط*) الدكتور الفحل نفسيّته أرفق بعصرنا فأفرح أهله بأن ذكر اسماً واحداً معاصراً في سرده وهو العلامة المحقق المعلمي اليماني كما في (1/49) .
ولكنه أَوْجَبَ على نفسه أن يجيب على سؤالٍ بدهي وواقعي – بَعُدَ عنه الدكتور الصياح ، بإبعاده المعلمي اليماني – أَلاَ وهو : أين اسم الذي هو أفهم أهل عصره مطلقاً لمنهج المحدثين ، والأكثر قرباً منه مطلقاً ، والأكثر انشغالاً به مطلقاً ، والأغزر إنتاجاً ؟ . قطعاً عُلِمَ هذا الاسم فقد عَلِمَه من هذه الأوصاف الحقيقية قلمي الذي أكتب به والورق الذي أُسطِّر عليه ، إنه الإمام المحقق محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - .
الدكتور الصياح لا يذكر الإمام الألباني ؛ هذا بدهي .
الدكتور الصياح لا يذكر الإمام الألباني ؛ هذا واجب يقوم به .
الدكتور الصياح لا يذكر الإمام الألباني ؛ لأنه الدكتور الصياح .
الدكتور الفحل تجاه الإمام الألباني غير الدكتور الصياح والآخرين ، لذلك لم تطب نفسه بعدم ذِكر الإمام الألباني في سرده فقام بذكر كل كتب الإمام الألباني في قسم : (( مصنفات هي مظان للأحاديث المعلة )) فقال في (1/69) : (( 14- كتب متفرقة : مثل كتب الألباني . )) أهـ .
فكُتُب الإمام الألباني هي مظنة للحديث المُعل بشهادة الدكتور الفحل والتي لم يَسْعَدْ بها الشيخ السعد ، ويَصِيْحُ بسببها بعلّو صوته الدكتور علي الصياح .
ولا أدري هل وقف الشيخ السعد على كلام الدكتور الفحل على حديث أسماء : (( يا أسماء إن المرأة إذا بلغت ... )) – والذي يلهج به الشيخ السعد في أغلب أشرطته بل في أحد الأشرطة قال فيه : (( أبطل من أبطل الأحاديث على وجه الأرض باطل سنداً ومتناً )) ؛ وهذا على الأقل يدخل في باب المبالغة .
فقد خَلُصَ الدكتور في (2/58-59) إلى أن الصواب فيه الحديث المرسل من حديث هشام ، عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( إن الجارية إذا حاضت لم يَصْلُح أن يُرى منها إلاّ وجهُها ويداها إلى المفصل )) ونقل عقبه قولَ البيهقي : (( مع هذا المرسل قول مَن مضى من الصحابة - رضي الله تعالى عنهم – في بيان ما أباح الله من الزينة الظاهرة فصار القول بذلك قوياً )) ، وقولَ الذهبي : (( يعتضد بأقوال الصحابة قبله )) ، ثم قال : (( وهذا الحديث صحّحه الشيخ الألباني في كتاب " جلباب المرأة المسلمة :57-60" )) أهـ .
ومسألة وجوب تغطية المرأة وجهها و كفيها بحضور الأجانب نَفَخَ فيها النافخون ؛ فأوغروا صدورَ بعضٍ ممن يقول باختلاف منهج المتقدمين عن منهج المتأخرين القائلين بالوجوب على الإمام ناصر الدين الألباني .
لهذا وغيره قلتُ : الدكتور الفحل ليس كالآخرين في موقفهم من الإمام ناصر الدين الألباني .
لذلك عندما بدأ الخروج من خط تقديم المتقدمين وحفظ حق المتأخرين إلى منهج المتقدمين غير منهج المتأخرين ومال أكثر ؛ ظَهَرَ في كتابه هذا أَثَر هذا المَيَلان بحيث ظهر الكتاب وكأنه لعدّةِ كُتَّاب مختلفين في الرؤية متفاوتين في اليقظة والنباهة ، ولكنَّ الميل والانجرار إلى القائلين باختلاف منهج المتقدمين عن منهج المتأخرين هو الذي أظهره في كتابه بهذا المظهر إذا سلَّم الدكتور بهذا المظهر .
ه*) العلامة المحقق المعلمي اليماني أحد أئمتنا المعاصرين يريد بعضهم أن يجعله مقابل الإمام ناصر الدين الألباني ، وبعضهم الآخر يريد أن يحله محل الإمام ناصر الدين الألباني .
وأتذاكر مع الدكتور في حديث قوَّاه المحقق المعلمي وأنكره الإمام الألباني رحمهما الله تعالى :
1) الحديث : حديث أنس : (( ما زال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقنتُ في صلاة الغدِ حتى فارق الدنيا )) .
2) ذكره المحقق المعلمي في ( التنكيل ) (1/153) ، وقال : (( فقد ورد من وجهين آخرين أو أكثر عن أنس ، صحح بعض الحفاظ بعضها وجاء نحو معناه من وجوه أخرى راجع " سنن الدارقطني " و " سنن البيهقي " وبمجموع ذلك يقوى الحديث )) أهـ .
3) علَّق الإمام الألباني على هذا في تعليقه على التنكيل فقال : (( يشير المصنف رحمه الله إلى الحاكم فهو الذي صحح الحديث من غير طريق دينار ، وتعقبه ابن القيم وابن حجر وغيرهما بأن فيه أبا جعفر الرازي وهو ضعيف سيئ الحفظ . وأما الوجوه الأخرى التي أشار إليها المصنف ، فهي واهية جداً لا تصلح للاستشهاد بها على أن بعضها ليس فيها ذكر القنوت في الصبح والمداومة عليها فليست شاهداً تاماً ( في المطبوع : اماً ) لوثبت ، وتفصيل هذا في كتابنا " سلسلة الأحاديث الضعيفة " رقم (1238) . )) أهـ .
1) وفي ( الضعيفة ) (3/384-388 ، رقم 1238) بيَّن :
أ*) تعقب تصحيح الحاكم لحال أبي جعفر الرازي .
ب*) ثم ذكر له شاهداً فيه ضعيف ، ومتروك ، وعنعنة مدلس ، وخلُص أنه لا يصلح للاستشهاد به.
ج*) ثم ذكر شاهداً آخر ، فيه ضعيف وحديثه شاهد قاصر لأنه لم يقل فيه : (( قنت في الفجر حتى فارق الدنيا )) .
د*) ثم ذكر شاهداً آخر ، فيه متهم .
ه*) وبالتالي لا يتقوى بمجموع الطرق .
و*) وبيَّن النكارة فيه لأنه معارض لحديثين ثابتين فيهما القنوت في النوازل فقط .
2) أسأل الدكتور الفحل :
مَن منهما حكَمَ على الحديث على منهج المتقدمين ؟ .
و أَليس في حكم الإمام الألباني إعلال المتن بمخالفة المعروف في السنة ؟ .
3) عند عنوان : ( صعوبة علم العلل ) قال الدكتور في (1/50) : (( وقد لا تظهر العلة للإمام الناقد ويكشفها إمام آخر ، قال ابن حجر : (( قد يخفى على الحافظ بعض العلل في الحديث ، فيحكم عليه بالصحة بمقتضى ما ظهر له ، ويطّلع عليها غيرهُ فيرد بها الخبر )) وأحال في ( الحاشية "4" ) إلى (( " نكت ابن حجر " 2/271و:88 بتحقيقي . )) أهـ .
أ*) هل كشفُ ما خفي على الإمام الناقد خاص بالمتقدم فقط أم يدخل فيه المتأخر أيضاً ؟ .
ب*) من قول (( الناقد )) ؛ حسب عمل مَن يقول باختلاف منهج المتقدمين عن منهج المتأخرين يكون هذا خاصاً بالمتقدمين .
ج*) اعتمد الدكتور في هذا القول على الحافظ ابن حجر أحد الأئمة المتأخرين والذي حاكَمَ المتقدمين إلى اصطلاح المتأخرين كما تقدم .
د*) فهل سيكون مرادُ الحافظ من قوله هذا قَصْر كَشْف العلة على الإمام المتقدم فقط ؟ .
ه*) لماذا نضيِّق فضل الله عزوجل على عباده الذين شُغْلهم الشاغل الاهتمام والاعتناء بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بل نمنع منهم هذا الفضل ؟ .
و*) وكما تقدم عَمَلُ أئمتنا المتأخرين في كشف ما خفي على إمامٍ متقدمٍ يردُّ هذا التخصيص ، وقد انتهيتُ قبل قليل من مراجعة حديث (( أنتم الغر المحجلون ... الحديث )) وإعلال جملة : (( فمن استطاع .. )) بالإدراج وأنها من قول أبي هريرة ومن الذين أعلَّوا هذه الجملة بذلك الأئمة المتأخرون : المنذري ، ابن تيمية ، ابن القيم ، ابن حجر ، ومن أئمتنا المعاصرين الإمام محمد ناصر الدين الألباني في ( الإرواء) (1/132-133) .
ز*) وهل أمثالي يترك عمل أهل العلم والديانة من أئمتنا المتأخرين والمعاصرين لقولٍ لا يعلم به قائل إلاّ في عصرنا هذا ؟ .
ح) وهل هؤلاء المانعون هم أحرص من أئمتنا المتأخرين والمعاصرين أن لا يخرج من السنة ما هو منها ولا يدخل إليها ما ليس منها ؟ .
4) في عنوان : ( أسباب وقوع العلة ) ، قال الدكتور في (1/70) : (( إنّ وراء وقوع العلة في أحاديث الثقات أسباب كامنة ، يكشف عنها جهابذة النقاد بطرائق أسلفنا ذكرها ، تتمركز حول جمع الطرق والموازنة بينها ، ... )) أهـ .
وأكَّد هذا في عنوان ( طرائق كشف العلة ) في (1/107-116) .
فذَكَرَ طريقة : (( جمع طرق الحديث )) ثم طريقة : (( الموازنة بين هذه الطرق بعد جمعها )) ، ثم طريقة : (( معرفة مراتب الرواة )) ، وهكذا .
ولم أجد الدكتور ذَكَرَ طريقة : (( كشف العلة في حال تفرّد الراوي )) ، فالطرق التي ذكرها الدكتور هي في حالة اختلاف الرواة .
والعلة – كما يعلم الدكتور – تُدرك باختلاف الرواة ، وكذا بتفرّد الراوي ، وقد نقل الدكتور في (1/107) قول العراقي : (( وتدرك العلة بتفرد الراوي ، وبمخالفة غيره له ، ... )) أهـ .
ومن هذه الطرق لا أظن الدكتور يُدْخِل تفرّد الراوي فيها باعتباره خالف الآخرين فروى ما لم يرووه لأنه ذكر الموازنة بين الطرق ، وفي بعض الجلسات مع بعض طلبة العلم – عندما أشرتُ لنوع المخالفة في التفرّد – قال : (( هل الأَوْلى أن نقول : باعتباره خالف غيره ممن ترك روايته هذه )) ؛ فقلتُ : هذا القول فيه نظر :
أولاً : لأنَّ الترك كفٌّ ، والكفُّ فعل .
ثانياً : ولا يكون الكفُّ فعلاً إلاّ إذا قصد الترك .
ثالثاً : فيكون المتروك في المقدور فعله .
رابعاً : أو معلوم وجوده واجتنب فِعْله أو الدخول فيه كما في آية : (( إني تركت ملة قومٍ لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون )) .
خامساً : وهذه الرواية في الواقع غير موجودة إلاّ في ذهن راويها .
سادساً : فكيف يكون غيره تَرَكَ روايته هذه ؛ وهم غير قادرين على روايتها لأنها غير موجودة في الواقع؟ .
سابعاً : وكيف يكون غيره تَرَكَ روايته هذه ؛ وهي غير معلوم وجودها ؟ .
الخلاصة : التركُ تركُ مقدور على فعله ، أو تركُ معلوم وجوده ، وهذه الرواية التي انفرد بها راويها غير موجودة في الواقع أي لم يحدِّث بها شيخُهم عندهم وإنما هي في ذهن راويها لوحده ، فبالتالي غير مقدور فِعْلها ولا هي معلوم وجودها ؛ فكيف يكون : (( خالف غيره ممن ترك روايته هذه )) ؟ .
وبعد هذا أخبرني الأخ أن الدكتور اللاحم يقول هذا فقلتُ : (( هذا ما عندي ولا مانع من البحث أكثر وأكثر في هذا )) .
5) تعريف الحديث الصحيح عند الدكتور ؛ قال الدكتور في (1/72) : (( .. تعريف الحديث الصحيح : فهو الذي رواه عدل تام الضبط ، عن مثله إلى منتهاه متصل السند ، ولا يكون شاذاً ولا معللاً . فاشتراطنا لصحة الحديث عدم الشذوذ والعلة ، دالٌ على أنَّ الرواة التامي الضبط يدخل في حديثهم الشذوذ و العلة ،... )) أهـ .
أ*) هل : (( معللاً )) هو بمعنى (( العلة )) أم يختلفان ؟ إذا كان يختلفان ؛ فهل الصواب : (( عدم الشذوذ ولا يكون معللاً )) ؟ .
ب*) (( ولا يكون شاذاً ولا معللاً )) إذا كان معنى الشاذ هو التفرّد غير المحتمل ، للمخالفة أو لعدم الأهلية للتفرّد ؛ فما هو المعنى غير الموجود في الشاذ وموجود في (( معللاً )) ؟ .
فإذا كان لا معنى زائد في (( معللاً )) ؛ فهل عندما يقول : (( ولا يكون شاذاً ولا معللاً )) هو تكرار للفظَيْن بمعنى واحد ؟ .
ج) هل لهذا التكرار ذَكَرَ الترمذي في الحديث الحسن عنده (( ألاَّ يكون شاذاً )) فقط ولم يقرن معه (( ولا معللاً )) ؟ .
د) من عنوان : (( طرائق كشف العلة )) في (1/107-116) ظهر فيه أنَّ الحديث المُعل عند الدكتور لا يُكتشف إلاّ بجمع الطرق ، والمخالفة لا تُعرف إلاَّ بجمع الطرق .
ه) والحديث الشاذ عند الدكتور كما في (5/99-106) : (( مخالفة الثقة للأوثق منه حفظاً أو عدداً )) .
والمخالفة لا تُعرف إلاّ بجمع طرق الحديث ؛ هو الحديث المُعل .
و) فهل بهذا يكون هناك فرقاً بين الشاذ والمُعل عند الدكتور ؟ ، إذا كان لا فرق ؛ فيكون قول : (( ولا يكون شاذاً ولا معللاً )) لفظَيْن مترادفَيْن مكرَّرَيْن لمعنى واحد .

....... يتبع

لمشاهدة الحلقات السابقة ؛ أنقر على رقم الحلقة بأدناه :

الحلقة : الأولى .. الثانية .. الثالثة .. الرابعة .. الخامسة .. السادسة .. السابعة .. الثامنة..التاسعة


ولتحميل الحلقة العاشرة ؛ أنقر هنا

ولتحميل الحلقات ؛ أنقر هنا