بين النملة والحرص على البقاء
قصة النملة مع سيدنا سليمان عليه السلام معلومة لدى أطفال المسلمين ، ولقد خص الله تعالى ذكرها في كتابه الكريم ، فهي قصة خالدة بخلود كلامه تعالى المرتبط بذاته تعالى .
فلماذا ؟
لا يذكر الله تعالى في كتابه شيئا هملا ، بل لنأخذ العبرة والعظة والدرس على مر العصور واختلاف الأزمان ، فهو لا كتاب تنقضي عجائبه، ولا يخلق بكثرة الرد .
هذه النملة قيل : لم تكن ملكة في قومها ، بل هي جندي عادي .
ما الذي حملها على النصيحة لبني جنسها ؟
إنه الحرص على البقاء ، فبقاؤها ببقاء أخواتها ، فهي تخشى عليهم لأمرين :
- إما أن يهلكهم الجيش العظيم من حيث لا يشعرون .
- وإما أن يحطم قلوبهم فيشغلوا ببهاء وعظمة الجيش عن ذكر خالقهم وهم لا يشعرون .
والمعنيان سيان يجريان في مجرى واحد وهو الحرص والمحافظة على أخواتها .
فالإيجابية دعت هذه النملة لتنصح أخواتها من هذا الخطر العظيم.
والمحافظة والشفقة على أخواتها دعتها لتأمرهم .
فهل ستضحك مثلما ضحك سليمان وتشكر ربك كما شكر ، وتجتهد في العبادة ولدعاء كما اجتهد .
أم هي قصة للتسلية ،وامتعاض الشفاة .
إن النملة أرادت أن تحافظ على بقاء النوع أو على قلوبهم ، سيان فموت الجسد أهون بكثير من موت القلب .
أخي الداعية : أنت في بلدك ، كم إنسانا ملتزما ؟
يُعَدون على الأصابع ، هل لو كل واحد دخل مسجده أو كلم من بالمسجد فقط ، أظن بعد عشر سنوان لن تجد مسلما يعرف للمسجد طريقا . ولا حول ولا قوة إلا بالله .
فكن كالنملة وحارب وانصح إخوانك كي تحيي قلوبهم فيكونوا لك أزرا تشد به ظهرك ، ويشركوك في أمرك ، بدلا أن يكون وحيدا ، وينعقد لسانك ويمل قلبك ، فجاهد نفسك أن يكون لك إخوانا في الله تعالى تحافظ بهم على تبليغ الرسالة وأداء الأمانة ، وهذا حفاظا على النوع .
لأننا في زمن أصبحنا ننقرض ونُحَارب من كل شيء . وأصبح الرويبضة يتصدر المشهد ، والكل يريد أن يقضوا علينا .
فهل ستحافظ على بقاء النوع ؟
إن محميتنا الطبيعية هي أن نبلغ ولا نمل ولا نُعَل ولا نكل ؛ حفاظا على البقاء .
فالهدهد قام بجولة انتقالية خارج مملكته لينشر التوحيد أو يبلغ من ينشر التوحيد .
والنملة قامت بالنصيحة في مقامها كي تحافظ على قلوب ذويها .
هذا طائر ، وهذه حشرة ليس عليهم تكليف .
فماذا قدمت يا بن آدم وأنت المكلف والمسئول .
أعاننا الله تعالى على تبليغ رسالته فاللهم استعملنا ولا تستبدلنا
آمين
وصل اللهم على محمد وآله وسلم
وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين
عادل الغرياني