" من اقتراب ( و في رواية : أشراط ) الساعة أن ترفع الأشرار و توضع الأخيار و
يفتح القول و يخزن العمل و يقرأ بالقوم المثناة , ليس فيهم أحد ينكرها . قيل :
و ما المثناة ? قال : ما استكتب <1> سوى كتاب الله عز وجل " .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 774 بعد أن ساق تخريجه:
هذا الحديث من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم , فقد تحقق كل ما فيه من الأنباء
, و بخاصة منها ما يتعلق بـ ( المثناة ) و هي كل ما كتب سوى كتاب الله كما فسره
الراوي , و ما يتعلق به من الأحاديث النبوية و الآثار السلفية , فكأن المقصود
بـ ( المثناة ) الكتب المذهبية المفروضة على المقلدين . التي صرفتهم مع تطاول
الزمن عن كتاب الله , و سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كما هو مشاهد اليوم مع
الأسف من جماهير المتمذهبين , و فيهم كثير من الدكاترة و المتخرجين من كليات
الشريعة , فإنهم جميعا يتدينون بالتمذهب , و يوجبونه على الناس حتى العلماء
منهم , فهذا كبيرهم أبو الحسن الكرخي الحنفي يقول كلمته المشهورة : " كل آية
تخالف ما عليه أصحابنا فهي مؤولة أو منسوخة , و كل حديث كذلك فهو مؤول أو منسوخ
" <1> . فقد جعلوا المذهب أصلا , و القرآن الكريم تبعا , فذلك هو ( المثناة )
دون ما شك أو ريب . و أما ما جاء في " النهاية " عقب الحديث و فيه تفسير (
المثناة ) : " و قيل : إن المثناة هي أخبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام
وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير كتاب الله , فهو ( المثناة ) ,
فكأن ابن عمرو كره الأخذ عن أهل الكتاب , و قد كان عنده كتب وقعت إليه يوم
اليرموك منهم . فقال هذا لمعرفته بما فيها " . قلت : و هذا التفسير بعيد كل
البعد عن ظاهر الحديث , و أن ( المثناة ) من علامات اقتراب الساعة , فلا علاقة
لها بما فعل اليهود قبل بعثته صلى الله عليه وسلم , فلا جرم أن ابن الأثير أشار
إلى تضعيف هذا التفسير بتصديره إياه بصيغة " قيل " و أشد ضعفا منه ما ذكره عقبه
: " قال الجوهري : ( المثناة ) هي التي تسمى بالفارسية ( دوبيتي ) . و هو
الغناء " !
هل توافقون الشيخ على هذا التوجيه للفظ -المثناة- الواردة في الحديث؟،يبدو لي أن كلامه صحيح ، خاصة وأنت تقرأ لكتب المذهب الحنفي والمالكي ( هل تعلمون أن للمالكية كتابا يسمونه مصحف المذهب، وهو الجامع لابن يونس، ) ، والحقيقة أن القاريء في غالب كتب المذاهب الفقهية يجد فيها الكثير من المسائل المخالفة للسنة الصحيحة ،يقول الشيخ / أبي أويس محمد بوخبزة الحسيني حفظه الله - في سلسلة لقاءات المجلس العلمي بموقع الألوكة ،اللقاء الثالث :
، وعن خدمة الفقه المالكي خدمة علمية يحتاج الأمر إلى جهود مضنية، ذلك أن المذهب المالكي أبخس المذاهب حظا من الاستدلال والتعليل ، فأهله قليلو العناية بالحديث والآثار بالنسبة لعلماء المذاهب الأخرى ولا سيما الشافعية ، فإنهم أوفر الفقهاء حظا من الحديث وعلومه ، لذلك تجد كتبهم الكبيرة منورة بأدلة الحديث والآثار ، أما المالكية فلا تكاد تجد عند متأخريهم دليلا صحيحا، فخدمة المذهب – والحالة هذه – تعني الرمي بثلث مسائله ، لأنها لا دليلا صحيحا عليها.