في الحديث الذي رواه مسلم رحمه الله:
قالت عائشة رضي الله عنها يا رسول الله أيرجع الناس بأجرين وأرجع بأجر فأمر عبد الرحمن بن أبي بكر أن ينطلق بها إلى التنعيم قالت فأردفني خلفه على جمل له قالت فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بعلة الراحلة قلت له وهل ترى من أحد قالت فأهللت بعمرة ثم أقبلنا حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالحصبة.
قال النووي في شرحه لصحيح مسلم:
قوله : ( عن عائشة فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بعلة الراحلة قلت له : وهل ترى من أحد ؟ قالت : فأهللت بعمرة ) أما قولها ( أحسره ) فبكسر السين وضمها لغتان أي أكشفه وأزيله ، وأما قولها ( بعلة الراحلة ) فالمشهور في اللغة أنه بباء موحدة ثم عين مهملة مكسورتين ثم لام مشددة ثم هاء . وقال القاضي عياض رحمه الله تعالى : وقع في بعض الروايات ( نعلة ) يعني بالنون ، وفي بعضها بالباء قال : وهو كلام مختل قال : قال بعضهم : صوابه ( ثفنة الراحلة ) أي فخذها يريد ما خشن من مواضع مباركها قال أهل اللغة : كل ما ولي الأرض من كل ذي أربع إذا برك فهو ( ثفنة ) .
قال القاضي : ومع هذا فلا يستقيم هذا الكلام ، ولا جوابها لأخيها بقولها : ( وهل ترى من أحد ؟ ) ولأن رجل الراكب قل ما تبلغ ثفنة الراحلة ، قال : وكل هذا وهم . قال : والصواب ( فيضرب رجلي بنعلة السيف ) يعني أنها لما حسرت خمارها ضرب أخوها رجلها بنعلة السيف فقالت : وهل ترى من أحد ؟ هذا كلام القاضي . قلت : ويحتمل أن المراد فيضرب رجلي بسبب الراحلة أي يضرب رجلي عامدا لها في صورة من يضرب الراحلة ، ويكون قولها ( بعلة ) معناه بسبب ، والمعنى أنه يضرب رجلها بسوط أو عصا أو غير [ ص: 319 ] ذلك حين تكشف خمارها عن عنقها غيرة عليها ، فتقول له هي : وهل ترى من أحد ؟ أي نحن في خلاء ليس هنا أجنبي أستتر منه . وهذا التأويل متعين أو كالمتعين ؛ لأنه مطابق للفظ الذي صحت به الرواية ، وللمعنى ، ولسياق الكلام ، فتعين اعتماده . والله أعلم.