رُوِيَ أَن عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ قَالَ لكعب يَا كَعْب خوفنا
فَأَطْرَقَ بِرَأْسِهِ ثمَّ رفع رَأسه وَعَيناهُ تَذْرِفَانِ دموعا فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَالَّذِي نفس كَعْب بِيَدِهِ أَن جَهَنَّم لتزفر زفرَة فتقطع السلَاسِل الَّتِي بأيدي الزَّبَانِيَة الَّذين يمسكونها بهَا حَتَّى تفيض على أهل الْجمع وتلقي الزَّبَانِيَة على وُجُوههم وينهزم مَالك خازنها من بَين يَديهَا فَلَو كَانَ لكل آدَمِيّ عمل مائَة ألف نَبِي وَمِائَة ألف صديق وَمِائَة ألف شَهِيد لحقر عمله ولظن أَنه لَا ينجو مِنْهَا
فَعِنْدَ ذَلِك يعرض لَهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقد أشرقت الْقِيَامَة من نور وَجهه فَيَأْخُذ بزمامها وَيَقُول لَهَا كفي عَن أمتِي كفي عَن أمتِي ثَلَاثًا
فَتَقول لَهُ يَا أَيهَا النَّبِي الْكَرِيم وَالرَّسُول الرؤوف الرَّحِيم مَا جعل الله لي عَلَيْك وَلَا على أمتك من سَبِيل
فَعِنْدَ ذَلِك يتَعَلَّق العَبْد المذنب إِذا رأى الْأَهْوَال الْعِظَام بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَيَقُول يَا رَسُول الله أنقذني من عَذَاب الله فَيَقُول لَهُ ألم أبلغك رِسَالَة رَبِّي فَلم عصيت فَيَقُول لَهُ العَبْد المذنب يَا رَسُول الله غلبت عَليّ شقوتي
فَيَقُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا شقوة على أحد من أمتِي وَلَا على من قَالَ فِي الدُّنْيَا مخلصا لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله
فَيشفع لَهُ إِلَى الله تَعَالَى فَيشفع فِيهِ
بستان الواعظين ورياض السامعين لابن الجوزي
ج1 ص45-46